أصبح هذا الملتقي الدولي أحد معالم مدينة أسوان المهمة.. وأصبح بصمة دافعة في ذاكرة فن النحت بكل أرجاء العالم ويعد نشاطاً إبداعياً متميزاً ومحكاً ثقافياً ممتداً علي ما يقرب من عقدين من الزمان. حقق الملتقي ثماراً متعددة أذكر بعضها »إنشاء متحفا مفتوحا لفن النحت الدولي علي قمة إحدي سلاسل الجبال في عناق ممتد مع شروق الشمس وغروبها وفي أحضان دفء جبال أسوان التي تشكلت منها أعظم وأهم تماثيل الفن المصري القديم والتي علمت العالم أصوله وقواعده، ويضم هذا المتحف ما يقرب من مائتي تمثالا منحوتة في حجر الجرانيت، وجاءت هذه الدورة تحمل ذكري رحيل الفنان الرائع صلاح مرعي الذي كان مشاركاً أساسياً في جميع دورات الملتقي الدولي حتي وفاته العام الماضي، ترك فراغاً كبيراً وترك حباً أكثر.. وصدقاً وشفافية من القلب وإخلاصاً بدون حدود جاء تكريمه مزلزلاً للمشاعر.. رحل صلاح مرعي وترك طاقة حب بدون حدود وأنا لا أنسي أبداً مشاركته معي في إعداد العرض المتحفي لمتحف النوبة علي مدي شهور لم أر في حياتي شخصاً مبدعاً ومخلصاً ومحباً لعمله كصلاح مرعي فهو باق في الوجدان وفي ذاكرة السينما وملتقي النحت بأسوان مدي الحياة، اشترك في هذه الدورة ثمانيه فنانين من مصر، كوبا، بلغاريا، إسبانيا، والورشة المصاحبة ثلاثة نحاتين من مصر، بدأت الدورة في 81 يناير حتي 3 مارس 2102 وجاءت النتائج مدهشة كالعادة، ومن أهم الأعمال النحتية للمثال الأسباني (ميجيل ايسلا) قدم عملاً يعبر عن تفاعله مع مصر التي يزورها لأول مرة، تأثر بالطبيعة والبيئة في أسوان يقول عندما شاهد قطعة الجرانيت قال إنها قطعة من مصر، ووجد ان أفضل فكرة يقدمها في هذه الدورة هو (صورة شخصية لمصر) بأسلوبه التجريدي يقول المثال آدم حنين قومسيير الدورات السبعة عشر في كلمة بكتالوج الدورة »كلنا يعلم ان فن العمارة وفن النحت من الفنون التي ساهمت في تجسيد الهوية المصرية القديمة والتي عاشت وتحققت لآلاف السنين ثم انحصرت وتوارت هذه الملكات وضعفت بفعل الاستعمار والظلم حتي جاء عصر النهضة والتنوير فنهضت معه تلك الفنون وبدأ المصريون في محاولات استعادة ملكاتهم النحتية والمعمارية. نجح محمود مختار مدعماً بدراسته للفن الأوروبي ومستلهماً الفن المصري القديم في تأسيس مدرسة فنية تأثر بها فن النحت المصري ولكنه ظل حبيساً لها حتي زمن قريباً، وفي عام 6991 بدأ تأسيس سيمبوزيوم أسوان الدولي للنحت بهدف إتاحة الفرصة أمام النحات المصري لاستكشاف أفكار وأساليب وتجارب فنية معاصرة من مختلف ثقافات العالم ومعايشتها عن قرب إذ يشارك فنانون من جميع أنحاء العالم وبالتالي استكشاف أنفسهم وصولاً الي تحقيق تجاربهم الفنية الخاصة ونتيجة هذه التجربة تتجلي في المتحف المفتوح بمدينة أسوان تجربة إنسانية نادرة إذ وجدت الأعمال النحتية مكاناً لنفسها في الطبيعة وجاءت دعوتي لحضور حفل ختام هذه الدورة من المعماري محمد أبو سعده رئيس الادارة المركزية لصندوق التنمية الثقافية بصفتي عضواً باللجنة العليا.. التي لم يصلني قرار تشكيلها حتي الآن ولكن الأهم من ذلك جاء الاحتفال تكريماً للراحل صلاح مرعي وتقديراً لإبداعاته المثالية وجاءت كلمة محمد أبو سعده لافتة للنظر عندما ذكر بأن »الدورتين الأولي والثانية قاما بهما قطاع الفنون التشكيلية« وهو أول مسئول في وزارة الثقافة يشير الي هذه الحقيقة التاريخية التي تعود الي المشروع الذي عرضته علي فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق في 81/8/8891 لتأسيس هذا الملتقي ووافق ودعمه بقوة، ولا ننسي خبرة المثال آدم وعلاقاته الدولية التي كان لها الأثر في نجاح هذا الملتقي منذ دورته الأولي وحتي الآن.