«النحت من الفنون سهلة التراجع، لأنه يحتاج إلى تقنيات ومعدات ومواد خام. وسيمبوزيوم أسوان يلعب دورا كبيرا فى إحياء فن النحت المصرى، وتأهيل مجموعة كبيرة من النحاتين الشباب للمشاركة فى ملتقيات عالمية». هكذا تحدث الفنان آدم حنين المشرف العام على هذا الحدث مع «الشروق»، مضيفا أن «المشاركين يقيمون بمكان واحد لعدة أشهر، ينشغلون بعمل واحد هو النحت، وبعد فترة تتساقط عنهم الأقنعة، ويتعامل كل على طبيعته مع أقرانه ومساعديه، ومع الجرانيت، الذى يمثل نحته شكل كبير من أشكال التحدى». فى الطريق من الفندق إلى متحف النوبة الذى أقيم به حفل الختام، كانت السعادة بادية على وجه آدم حنين، وكان السبب الرئيسى أن «هذه السنة متميزة، شارك فيها فنانون عواجيز، ومعلمون كبار»، وفى الزحام اصطدم به صبى وفر جاريا، فضحك الفنان «الواد ده عمره من عمر السيمبوزيوم، اتولد سنة 96، يعنى عمره 15 سنة، وكان ييجى يساعدنا، ونديله فلوس يروح يديها كلها لأبوه». انتهت الدورة الخامسة عشرة من سيمبوزيوم أسوان يوم الخميس الماضى، وشارك فيها عشرة نحاتين من سبع دول، المجرية بياتا روستاس والصينية زهاو لى والفرنسى نيكولاى فلايسيج والجورجى جون جوجابير شفيللى والكندى ميشيل سبروجيه والألمانى رولاند ماير واليابانى يوشين أوجاتا، ومن المصريين أكرم المجدوب، أمير الليثى، وأحمد عبدالفتاح، الذى عمل كمساعد بورشة السيمبوزيوم فى العام الماضى، ولكنه هذا العام من المشاركين الرئيسيين. «لازم تشوف المتحف المفتوح»، نصيحة لمن يأتى هنا للمرة الأولى. ربوة عالية، تطل على نيل أسوان النظيف، والذى تتناثر فيه صخور الجرانيت فى تشكيل عجيب، يمكن رؤيتها عن قرب عبر رحلة نيلية إلى إحدى الجزر وسط النهر، الذى يتمدد بين اللونين الأخضر والأصفر، الشجر والرمل، دون أن يجرح أحدهما الآخر. يقول المراكبى: «النيل هنا نضيف قوى، تقدر تملا إيدك وتشرب منه على طول». فى المتحف المفتوح أكثر من مائة وخمسين عملا نحتيا، تجاور صخور الطبيعة، كانت مجرد قطعة أرض فضاء، خصصت لتوضع بها الأعمال الفنية بعد الانتهاء منها، ولكن بعد فترة أصبحت متحفا كبيرا شكلته الطبيعة، ولعبت إضاءة صلاح مرعى الدور الموازى لإظهار هذه الأعمال بشكل بديع، ولكن «المنحوتات دى مش ملك حد» يقول المدعوون فى حفل الختام، «لا بد من أرشفة هذا المتحف، وعمل تاريخ مكتوب لكل تمثال». حفل الختام أحيته فرقتا أسوان وتوشكى للفنون الشعبية، وحضره المهندس محمد أبوسعدة مدير صندوق التنمية الثقافية، الجهة المنظمة للسيمبوزيوم، والكاتب إبراهيم أصلان، والشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى، والفنان التشكيلى جميل شفيق، بحضور اللواء مصطفى السيد محافظ أسوان ومجموعة كبيرة من الإعلاميين. النحاتة المجرية بياتا روستاس شاركت بفقرة غنائية راقصة، وفنان الإضاءة والديكور الكبير صلاح مرعى الذى لا يحتمل سماع الموسيقى الصعيدى دون أن يخطف العصا ويندمج فى وصلة رقص طويلة لا يوقفها إلا انتهاء الموسيقى. بعض الصحفيين انتهز فرصة وجود محافظ أسوان فى جلسة دردشة ليلية، وانشغلوا بالحديث معه عن السيول التى تعرضت لها أسوان منذ فترة قصيرة، والشائعات التى انتشرت عن شروخ بالسد العالى، والبعض الآخر حاول معرفة الميزانية التى يضعها صندوق التنمية الثقافية لهذا الحدث السنوى، ولكن المهندس محمد أبوسعدة قال إنها ليست ميزانية ثابتة، ولكنها تتغير طبقا لظروف كل دورة، حيث إن دور الصندوق يتمثل فى توفير نفقات الإقامة والانتقالات للمشاركين، بينما تتكفل محافظة أسوان بتوفير المعدات وأحجار الجرانيت الأحمر أو الأسود المتوافرة هناك بكثرة. وسط هذه المناقشات نهض آدم حنين بعفويته المحبوبة استعدادا لترك الجلسة «أصل بصراحة زهقت، أنا زعلان قوى عشان حكاية السيول دى، بس أنا جيت اقعد عشان نتكلم فى النحت».