عمر بن الخطاب.. سلاما وتحية.. من قلب مأخوذ يا عمر بتاريخك في العدل وفي الرحمة.. تاريخك حي حتي الان بخاطرنا.. ووقائعه حيه. عمر بن الخطاب سلاما وتحية. من نفس تائقة تصبو للقائك.. تتلمس كل السبل إليك.. تفتش عنك.. وتعلم أن لديك خلاصا خاصا من أزمتها الروحيه. عمر بن الخطاب.. سلاما وتحية.. من روح لهفي تسعي بين الارواح.. وتسأل عنك العظماء فينكمشون اذا ما سمعوا باسمك.. والبسطاء فينعشون وتلمع أعينهم بالاحلام الذهبيه. أتخيلك كما انت.. عريض الكتفين.. مليء الكفين.. رزينا ورصينا.. كالطود تظل سهول الضعفاء.. وتمنع عنهم ريح الظلم.. وريح الظلم عتيه. أتخيلك كما انت.. بليغا تجمع في كلمتك الحكمة.. وخطيبا.. لماحا وأريبا.. لم ير بين عباقرة الدنيا من يفري في الناس فريه. أتخيلك كما انت.. فصيحا وصريحا.. وشجاعا وهماما.. مقداما كالسيل الجارف يتجاوز بالفعل حديث الشفة واشواق النية. اتخيلك كما انت.. شريفا ونزيها.. وغضوبا للحق وفي الحق.. كنار الله.. شديد العزم.. سديد الرأي.. فقيها.. وفقيه من يأخذ رأيه. أتخيلك كما انت.. ذكي العقل زكي الروح.. عظيما وحييا.. والنفس اذاما عظمت يا ابن الخطاب تصير حييه. اتسمع صوتك عبر عصور تتوسطنا ازدحمت بمماليك واتراك وسلاجقة وقرامطة وخوارج وتتار وصليبيين وايوبيين وعباسيين وابناء أميه. اتسمع صوتك عبر عصور وعصور.. البعض لنا منها والبعض علينا.. لم تمنع عني نبرتك الواضحة الرنانة تلك الضوضاء السوقيه. اسمعك وانت تقول لعمرو بن العاص: متي استعبدتم أهل الارض.. وقد ولدوا احرارا.. واستطرد: يا مصري اضرب من ضربك حتي لو كان ابن بن العاص.. فهل بلغت ما بلغت ذاك اليوم من الاطلاق علي الاطلاق الحريه. »اخطأ عمر« يقول الفاروق علي المنبر.. و»اصابت في الرأي امرأة«.. كان الحق لواء يرفعه. ويسير وراءه بيارقه.. جنديا منضبط الجنديه. عمر بن الخطاب.. إليك توجه نبض القلب خلال الاصلاب.. وعبر الارحام.. وفوق الاميال من الاوردة الممدودة والاوردة المطويه. اركب آلة زمن وثاب من صنع الشوق الغلاب.. فتقطع بي الاحقاب وراء الاحقاب.. وتقفز فوق قرون.. وتعود إلي الايام الفاروقيه. ادنو من بيت امير الامة.. اطرق بابك يا عمر.. ولكن لا احد يرد علي.. فادفعه.. ينفتح الباب.. وينهمر الضوء من المشكاة العمريه. لا احد يرد عن الفاروق النائم ذياك القادم من منتصف العالم والزمن وقد غمر المد المادي جميع الكرة الارضيه. ادنو مرتعش الخطوة.. يخطر لي ان أو قظه.. احشد اقصي طاقات الشوق.. لكي اتجاوز خشيتي الفاروق.. فيسقط نسر الشوق مهيفا في فم اسد الخشيه. ينتبه الفاروق وتجمع عيناه قطيع الغزلان الشاردة من الهلع بعيني.. وتمسح عنها الهلع وعني.. وتطمئنني نظرته الابويه. ترعي غزلاني بين يديه مؤمنة هادئة هانئة جذلي.. واحاول في صوتي.. تبزغ كلماتي من شرنقة الصمت.. مجنحة باللهفة مثل فراشات فوسفوريه. فأقول له: استأذن في ان اخلو بفؤادك بضع دقائق حتي اسأله: كيف تحول كالشلال الدافق للاسلام من الوثنيه. استأذن في ان اسألك: أكان ذراعك.. هذا الموصول النسب بقلبك نفس ذراعك ذياك الوائد طفلته وهي النافضة تراب اللحد عن اللحيه!! هل كان ذراعك ذياك الشاج جبين شقيته لما جهرت بالاسلام.. وهل كان هو الطالب رأس الرحمة في همجيه!! يقرأ »طه« عمر بن الخطاب.. فيرعش منه الصوت.. ويكمل مرتعش النبرة. آيات الله.. وينأي عن اصنام قريش نحو سماوات علويه. يقرأ »طه« عمر بن الخطاب باحساس يحتشد يتجاوز جهد الاعصاب إلي ان كملت آيات السورة.. فاكتملت اجزاء الصورة.. واتضحت ابعاد الرؤية.. وهنا يأخذ عمر قرار العمر.. ويطلق من محبس عصبيته اطيار الروح.. ويعلن ألا رب سوي الرحمن.. وان محمدا الهادي مبعوث الذات الرحمانية.. عمر بن الخطاب سلاما وتحيه.