عمر بن الخطاب سلاما وتحية.. دعني يا سيدي اتابع سيرتك الفاروقية. عند مشارف يثرب اتقفَّاك.. اراك تهرول بجوار رسول القائد سعد بن ابي وقاص.. تسأله ملهوفا عن احوال الجند.. وكيفية سير المعركة الحربية. لا يعطي الفاروق الفرصة للفارس ان يترجل.. ان يلتقط الانفاس المبهورة.. فأبادره من حاصل المامي بالتاريخ اقول له: هون يا عمر عليك.. فقد نصر الله تعالي في عهدك كل الرايات الإسلامية. في يوم آخر.. ابحث عن عمر بن الخطاب اراه يقسم بعض الاسلاب.. ويضرب بالدرة سعد بن ابي وقاص حين اتاه يسابق قوما سبقوه.. وقال له: انك لا تخشي سلطان الله علي الارض.. وما احوجنا يا عمر إلي درتك العمرية.. تعزل سيف الله المسلول وتسكنه الغمد.. لتقي الامة شر الفتنة في عظماء الامة.. والعظمة للنفس غوية. ويطيعك مختارا سيف الله المسلول.. فمثلكما لا يختلفان.. ومثلكما دوما إلفان.. ويعصي من يحفزه ضدك.. ويخيب سعيه. يظلم من يسترعي الذئب.. يصيح ابن الخطاب علي المنبر.. نجفل .. لانفهم ما يعني.. وينادي يا »سارية« الجبل.. فيسمعها »سارية« هنالك في الجبهة ينتبه.. ويحسن رعيه. قلبك يا عمر مع الجند.. يرافق خفق فؤادك خفقان قلوبهم.. وتتابعهم في قلق.. توقا لاستشراف الاخبار.. يساعدك علي الرؤية من بعد حس صاف.. وضمير يقظ ابدا.. وشفافيه. دعني يا سيدي اتابع سيرتك.. كأني في كتب الضوء اطالع كيف بعمق العتمة ينبثق النجم الساطع.. كي يكشف ما في الكون من الآيات المخفية.. تاجر اقمشة حرير كنت.. فأصبحت اميرا لرجال الامة.. صرت خبيرا فيهم.. تعرف كل نسيج منهم.. وتقر له فضلا ومزية. جاء الحسن بن علي يسألك الصلة.. فأعطيت له الفا.. واتاك اخوه.. فأعطيت له الفا.. لكن ابنك لما سألك عنيت له نصف الالف عطية. حينئذ قال لك الابن لماذا يا أبتاه؟! فقلت له: اذهب.. فأت إلي بجد يا ولداه كجدهما.. كنت تحب رسول الله وآل البيت باكثر مما كنت تحب اباك وامك والاهل وكل الذريه. نهرا كنت يشق رمال الصحراء.. علي ضفته اليمني نبتت ادغال بني مخزوم وعدي.. وعلي ضفته اليسري شبت احراش قرشية. حتي قابلت رسول الله.. فحول نهرك مجراه الي ارض الجنة.. حتي اضحي العالم اجمع يتألق مدنا فاضلة.. يمتليء حدائق غناء مثقلة برياحين ذكيه. كنت »عميرا« تلهو في سوق عكاظ.. قالت لك احدي النسوة.. رحت اليها تنصت يا ابن الخطاب.. وتنهر من ينهرها.. حتي تتواضع لله النفس تقي والنفس بأعمق اعماقك ياعمر تقيه. دعني يا نهر الحب الانساني النابع من حب الله اتابع سيرتك.. لينبت للشعر بكفي اصابع حتي تقدر ان تكتب ما يمليه العبق العمري عليه. ابصرك وانت امير الامة تحمل قربة ماء عنتا.. وتسير بها في طرقات مدينتك.. واسمعك وانت تجيب السائل: اني والله رأيت بنفسي عجبا.. فأردت الذل لها.. يا عمر اعزك رب العزة.. بالعزة انت حري.. والعزة بالفاروق حريه. واراك وانت امير الامة تختلف إلي القاضي في مسألة.. يعفيك من القسم القاضي.. ترفض يا عمر.. وترفض ان يدعوك امام الخصم بلقب أو كنيه.. واراك وانت تهرول خلف النوق الشاردة.. تخب وتلهث.. حتي ترجعها يا عمر إلي بيت المال بيوم مشتعل يتفجر فيه القيظ شواظا.. والشمس براكين تدمدم بالحمم البركانيه. ويراك معي عثمان.. واسمع ذا النورين كمن يقرأ صفحات الغيب يتمتم: اتعبت الآتي من بعدك يا ابن الخطاب.. فلم تترك بعدك للمجد بقيه. دعني يا ضوء العدل الساطع.. دعني يا سيدي اتابع سيرتك.. لعل الروح تفيق بأعماق حنايانا من اغماءتها المادية.. ولعل النفس الغائبة عن الوعي تعود الينا من غيبوبتها.. ولعل الروح تطل علينا من غيبتها مشرقة وعفيه. ولعل سراج الحب البشري المتوهج في مشكاتك يا عمر يضيء لنا طرقات تبدو كشعاب الليل الجبلي مخاتلة ودجيه. دعني يا سيدي اتابعك برحلتك إلي بيت المقدس.. يستقبلك معاوية بن ابي سفيان.. ويقنعك معاوية بان تخلع ثوبك خشن الخيط بليه.. حتي تلبس ما يصلح لامير في مثل مهابتك.. وفي مثل مهابة دولتك.. ويحملك ابن ابي سفيان علي برذون يتبختر في المشيه.. ماذا يحدث؟ مازالت في سيرة عمر بن الخطاب بإذن الله بقيه.