هل تستطيع هذه الدماء المسفوحة ان تشبع نهم هؤلاء الاشرار السفاحين الي لونها القاني، هل ارتوت قلوبهم السوداء، ام انها بعد ما تزال في ظمأ لمزيد من الدماء، ولماذا اختاروا بورسعيد الباسلة لتكون مسرحا لهذه الجريمة الشنعاء، واهلها هم من ارغموا التاريخ ان يقف علي ابوابها ويدقه بكل زهو وافتخار، ام انكم نسيتم »بورسعيد« في عدوان 65 وهي تقف تحت وابل النيران والقنابل من الثلاثة الذين تآمروا علي مصر كلها لاخضاعها، انجلترا وفرنسا واسرائيل. صمدت بورسعيد لتقدم نموذجا للتضحية والفداء، وفي 76 تم تهجير اهالي بورسعيد ورغم ذلك لم تخل المدينة من المقاومين الشرفاء يدفعون ثمنا باهظا، لكنه زهيد من اجل مصر، وفي بورسعيد خرج رجل من ابنائها مقتحما موكب الرئيس الذي لا يريد ان يترك الحكم، وهو نفسه الذي اغلق ابواب الرزق امام شعبها الذي لم ينل من عطايا الحاكم ادني ما يمكن ان يطمح اليه شاب يريد فرصة عمل او قعيد يريد ان يجد مأوي او سكن، خرج الرجل ليعلن عن غضبه وكان ان ارّدتهُ رصاصات الحرس الحديدي قتيلا، وها هي بورسعيد اليوم تعاقبها يد الشر من جديد. وكأني استعد هذا الشريط الطويل لكي تختار الثورة المضادة المكان والزمان علي طريقة الشيطان ليتم ضرب العصافير الكثيرة بحجر واحد، فعملاؤهم في الاعلام يمهدون الاجواء بالهاب المشاعر، وصب الزيت علي النار بين جماهير تري في كرة القدم سلواها الوحيدة بعد تدهور كل شيء وتفاقم المشكلات الاجتماعية والانسانية وتعالي اصوات الساسة المزايدة بشراهة غير مسبوقة في تاريخ مصر واختلاط الحابل بالنابل، هذه الجماهير النقية التي كونت »الالتراس« بديلا عن المؤسسات الرياضية المنهوبة والمخطوفة من قلة بلا ضمير تأكل علي كل الموائد من قبل ثورة يناير وبعدها هذه الجماهير وقعت في شباك اللؤم والكيد والارصاد من قلوب آثمة طليقة تكتب وتتكلم والسم يخرج من افواههم، حتي استوت المكيدة الكبري وتهيأت الارض الي معركة مرتقبة بين فريقين من جماهير الكرة ولا احد يستطيع ان ينكر هذا المشهد المريب الذي اعقب صافرة النهاية للمباراة، والبلطجية بسيماهم يمرون في امان من امام جنود الامن وضحكات خبيثة تسبق خطوهم الي حيث يريمون، أليس هذا دليلا علي وجود شيء ما مضمر بين الصدور فمن سمح لهم بالدخول الي الاستاد بدون تفتيش ومن سلحهم ومن يسر لهم كل طريق حتي يصلوا الي فرائسهم، وحتي تكون الصورة كما شاهدناها وشاهدها العالم اجمع من انها انتقام، وابصر واسمع بهم ايها العالم كيف فعلت الثورة بالشعب وكيف انتهي الامر الي فوضي كما بشرنا بها الرئيس المخلوع، ثم أليس هذه هي المدينة التي تباهون بها من 65 الي يوم محاولة التخلص من مبارك ومحاولة اغتياله علي يد مواطن مطحون، أليست هذه بورسعيد التي ترفعونها فوق الرأس، انظروا كيف فعلت بشباب الثورة من ألتراس الاهلي الذي تنتشر جماهيره في انحاء مصر. كل هذه العبارات المكتومة تنام تحت جلد مؤامرة دنيئة، تريد ان تقتل روح المحبة بين المصريين وتنقلنا من فتنة طائفية الي فتنة اوسع واعظم، انها تتمدد لتحصد شباب مصر جميعه، أليس من بيننا أمة من الناس علي رشاد حتي نحن من هذه المجزرة علي وجهها الحقيقي، وحتي تنتفض مصر كلها في وجوه هؤلاء المحتمين بالسجون، من طرة الي الخمس نجوم، ان مصر تبكي اليوم ابناءها الذين اغتالتهم يد الغدر وتبكي ايضا اوطانها التي سكنت تاريخ العزة يوما، وها هي تتعرض الي ما يلوث هذا التاريخ ويمحوه في لحظة. اما ما جرته علينا هذه الموقعة المشئومة من ضرام اشد لنيران الغضب في صدورنا، فهو شيء ادعو الله ان ينزل علينا سكينته حتي لا تمتد النار الي ما لا نريد ولا نتمني، لقد اكتشفنا اليوم ايها الشعب العظيم ان الثورة مازالت مستمرة والثورة المضادة تقعد لنا كل مرصد، وتريد ان تنقض علي ما حققناه لكي يستعيد اللصوص سطوتهم او يفلتوا هم، واذنابهم من العقاب، انني اكتب هذه الانات بدموعي وجثث الشباب تتري امامي وارواح الشهداء منذ قيام الثورة تحلق فوق ضميري توخذه وخذ الاحبة حين رحلوا وتركوا لنا الامانة، ومصر هي الامانة العظمي التي يجب ان نصونها، ونبذل كل نفيس من اجلها.. الان اذن اكتشفنا اعداءها.. هنا.