لم أر في حياتي مثل هذا المشهد المُذهل الرائع .. مشهد الشعب المصري الثائركُله يد تشد علي يد، وصوت يحرك صوتاً، وهتاف يُحرض هتافا، وضمير ينادي ضميراً! شعب اجتمع علي قرار واحد وضعه نصب عينيه دون مرادف، ودون مواربة، ودون مداهنة .. ألا وهو قرار استكمال مشوارالثورة، ونصرة الثوار، والقصاص للدماء الذكية الطاهرة للشهداء، ورد جميل المصابين، ودفع ضريبة الوطن ! من كُل ميادين مصر، انبعث من جديد النداء الثوري الأبّي "حي علي الصلاة من أجل الوطن، حي علي الدعاء من أجل المستقبل ..حي علي الثورة من أجل لقمة العيش، والكرامة،والحرية .. حي علي الفلاح من أجل العدالة الاجتماعية"! من كل ميادين مصر كان المشهد مفرحا مبهجا متفائلا .. مشهد ضم كُل الشعب وكُل فئاته وكل أطيافه، مسلميه ومسيحييه، شيوخه وأطفاله، شبابه وكباره، رجاله ونسائه، أغنياءه وفقراءه، مثقفيه وبسطاءه! في كل ميادين مصر تواجد الشعب المصري العظيم المتحضر .. تواجد مدافعا عن ثورته،مصرا علي استكمالها، معربا عن امتلاكه لمقدراتها، واستعداده لتقديم المزيد من التضحيات لتحقيق أهدافها . تواجد الشعب مثبتا أنه ليس الشعب الذي اتهموه بالعجز عن ممارسة السياسة، وليس الشعب الذي أدانوه بتهمة البلادة الوطنية، والذي عيروه بالفقر، ووصموه بالفشل والجهل، وألصقوا به كذبا تهمة التابع، وقدموه علي أنه الشعب الخائف الذليل المقهور ! مشهد عظيم لشعب عظيم، خرج ليُثبت أنه صاحب اليد العُليا والمصلحة الفُضلي في الوطن، وأن ثورته ستبقي هي صاحبة اليد الطولي والشرعية علي أرض الواقع المصري، وأثبت أن ثورته الحرة الملهمة المبدعة لم تمت بل هي حية ترزق، وأنها مازالت تبثُ شعاعها في جسد أصحابها من الثوار الشرعيين، وأنها مازالت قادرة علي أن تُسيطر علي أدواتها، وتحرك مُريديها، وتُمدد قُدراتها، وتُزيد فعالياتها، وتُطلق إبداعاتها ! مشهد عظيم لشعب عظيم، أثبت للعالم أنه بسلميته في الدفاع عن حقه في ثورته يستحق كُل التقدير والاعتزاز، وتستحقُ ثورته كذلك أن تُقابل بكل الاحترام والفهم والإنصات لمطالبها الكريمة، والإيجاب لرغباتها الوطنية العزيزة، والتنافس لإرضاء أهدافها النبيلة الأصيلة ! تحية لهذا الشعب العظيم .. الشعب الذي أثبت أنه رغم كُل التخويف والترويع والقتل والسحل، والاعتقال والتضليل، أثبت أنه مخلص لمبادئ الثورة، مصر علي القصاص، مهيمن علي الأرض، سباق في المشهد، وأنه موجود وواع ومراقب وأنه متخذ للقرار وليس مغيبا عن المسير نحو خطوات المستقبل، وأنه مسيطر علي أسلوبه حتي تحقيق وتحقق ثورته، وأنه يُملك إلهامه الخاص في تحديد هوية طريقه، ويعرف بوصلته ويدرك غايته ويحدد رؤيته تجاه كُل الأطراف، وأنه يميز بوعي بين الغث والثمين، وبين المُخلص والخائن ! تحية لهذا الشعب المصري العظيم الذي أثبت أنه يحمل عقلا وخبرة 7 آلاف عام، وحنكة 7 آلاف عام، وحكمة 7 الآف عام ، وكرامة 7 آلاف عام.. فاحذروا غضبا عمره 7 آلاف عام، وثورة زخمها 7 آلاف عام! أنصتوا وانتبهوا واستجيبوا وتواصلوا وتجنبوا غضب هذا الثائر، ولاتستنفدوا صبره، ولاتمتهنوا كرامته، ولاتحاولوا خداعه، فثورته أيضا تحمل قدرة 7 آلآف عام، وانتصار 7 آلاف عام أيضا . مسك الكلام .. أُهدي هذا المثل المصري لكل من أراد الاحتفال بمكاسب الثورة رغما عن إرادة أغلب المصريين " جت الساذجة تفرح .. مالقتلهاش مطرح "!