المشهد الأول في الانتخابات المصرية عظيم وتاريخي.. طوابير تملأ شوارع المحروسة تمتد إلي أمتار عديدة.. نساء يتركن أعمالهن ليصطفن لساعات طويلة أمام اللجان الانتخابية.. اصرار من العواجيز قبل الشباب والنساء قبل الرجال علي الادلاء بأصواتهم في الانتخابات المصيرية. هذا المشهد أعاد الأمل وألهب المشاعر لدي كل مصري وانجب لدينا جميعا العديد من الأحاسيس المتداخلة: أولها الفخر, وثانيها الانبهار وثالثها الاطمئنان. الفخر بقوة عزيمة المواطنين في هذا الشعب وجسارته الذين عاشوا احداثا سياسية قاسية ودامية في الأسبوع الماضي كيف استطاعوا أن ينفضوا عن أنفسهم مشاعر الحزن واليأس والأحباط ويتجاوزونها وينطلقون إلي الشوارع والميادين يتدفقون علي اللجان الانتخابية مثل الفيضانات والشلالات ويصطفون في طوابير طويلة يمكثون فيها أكثر من خمس ساعات من الانتظار من أجل الادلاء بأصواتهم رغبة منهم في الحصول علي أول برلمان حقيقي يعبر عن احتياجاتهم وآمالهم واحلامهم وطموحات شبابهم. أما الانبهار المشوب بالشجن الباعث عليه هو الذهول من قدرة هذا الشعب علي تحمل وتجاوز قسوة الحكام والأيام والزمان عليه ويتطلع إلي المستقبل وعيناه تتوجه إلي أعلي والي الامام إلي شمس الحرية التي سطعت منذ ما يقرب من العام في مصر. وأخير الاطمئنان علي ان هذا الشعب لايقهر ومستعد ان يضحي بكل نفيس في سبيل التمسك بحريته المسلوبة منذ أكثر من03 عاما, وقد نجح في الحصول علي بصيص منها منذ اندلاع ثورة52 يناير1102 بعد ان ظلت حبيسة داخل القلوب لفترة طويلة من الزمان. شعب مصر يتمسك بحريته تماما مثل الغريق الذي يبحث عن طوق النجاة والتائه في الصحراء الذي عثر علي ضالته المفقودة.. هذا الشعب التي باتت الحرية والديمقراطية بالنسبة له مثل أرض الوطن. طوابير الحرية تدل علي أن أبناء هذا الشعب لاخوف عليهم ولا هم يحزنون, لقد استطاعت حضارة سبعة آلاف سنة ان ترسخ فيه القوة والبسالة والاصرار علي ان يكون اعظم الشعوب وعلمته كيف يجتاز أصعب المحن. لقد علمنا التاريخ ان الشعب عندما يثور ويقول( لا) معناه انه قال أكثر من001 عام( نعم) ولذلك لارجعة في هدير الشعوب ولارجعة في تمسكها بمطالبها الثورية في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. تحية لشعب مصر العظيم.