بدأ المشهد غريبا عن الواقع الفعلي لمصر ومكوناتها. الظاهرة الابرز كثافة اللحي في الجلسة الافتتاحية للبرلمان، لحي من جميع الاحجام والاشكال فكأن البرلمان مجلس شوري الجماعة وليس البرلمان الذي يعبر عن مكونات المصريين بدقة. هل خلت مصر من النساء، ان تمثيلهم ضعيف جدا لا يتناسب مع العدد ولا مع الدور أو التاريخ، مجلس ذكوري تماما. هل خلت مصر من الاقباط أليس مشروعا شعور الاقباط بالاغتراب في مواجهة مؤسسات المرحلة الجديدة التي تقوم علي غلبة عنصر واحد، لون واحد، بل اتجاه واحد، هذا مناقض لتكوين مصر الفعلي، كان ثراء الوطن من تعددية الاتجاهات والغرق والمعتقدات، البرلمان الذي افتتح امس لا يعبر اطلاقا عن حقيقة مصر، إنها أكبر عملية تزوير في تاريخ مصر، تزوير المناخ السابق علي الانتخابات أخطر من التزوير الذي يقع في الصناديق، رحت اتابع الصراع بين رئيس المجلس خلال الجلسة الاجرائية ومعظم الاعضاء المنتمين الي الاخوان او الحزب الوهابي السلفي وهم يصرون علي تغيير نص القسم الدستوري باضافة عبارات متشددة تعكس ضعف الانتماء الي الدولة المصرية، هذا البرلمان اول خطوة في تغيير هوية الدولة المصرية التي تقوم علي المواطنة وقبول الاطياف الشتي. هؤلاء السادة الاعضاء لا ينتمون الي الدولة، بل إن المتشددين ضدها، الولاء للمرشد،للعقيدة قبل الدولة والوطن. غابت المرأة، وغاب الاقباط، وممثلو التيارات السياسية، والاخطر غياب القوي التي اشعلت فتيل الثورة، برلمان بدون اي وجه من شباب الثورة، أليس من حقهم أن يشعروا بالاغتراب؟، كنت اتمني ان نشعر بالاطمئنان لبدء استعادة مؤسسات الدولة، بروح جديدة نابعة من الثورة، غير أن البرلمان الذي افتتح امس ضد الثورة، ضد جوهر الوجود المصري. هذا برلمان يؤسس للدولة الدينية وليس للنهوض بالأمة. كنت أفضل التمهل حتي يجيء برلمان معبر فعلا عن الواقع حتي لو تأخرنا قليلا. أما البرلمان الحالي فهو مجلس برلماني للجماعة وللحزب السلفي الوهابي، إنه برلمان مزور تماما نكسة كبري في مسار التاريخ المصري.