عن قانونين الحق في الترشيح لعضوية مجلس الشعب ولمجلس الشوري نستكمل الحلقة الثانية والاخيرة من هذا المقال.. فكلا القانونين هما القانون الخاص الذي يعمل بأحكامه بحسبانهما قد تضمنا، فيما تضمناه، تنظيما خاصا لحق الترشيح لعضوية مجلس الشعب وعضوية مجلس الشوري، وفي هذا الاطار وبهذا الفهم تتحدد العلاقة القانونية بين كل من القانونين المشار اليهما من ناحية وبين قانون مباشرة الحقوق السياسية من ناحية اخري فما نص عليه مجلس الشعب وقانون مجلس الشوري من شروط للترشيح للعضوية لا يجوز قانونا ان تكون محلا للاطلاق او التقييد بنصوص وردت بقانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، وعلي ذلك فإن ما ورد بصدر المادة الخامسة من القانون رقم 83 لسنة 2791 بشأن مجلس الشعب والمادة السادسة من القانون رقم 021 لسنة 0891 بشأن مجلس الشوري، من عبارة تجري بما يأتي »مع عدم الاخلال بالأحكام المقررة في قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية يشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب .. »لايمكن، في استخلاص منطقي، ان يعني اخلال بالشروط التي حرص قانون مجلس الشعب وقانون مجلس الشوري علي ايرادها فيمن يرشح لعضوية ايهما، فهذه الشروط، علي ما سبق البيان، تمثل شروط الصلاحية للولاية المتعدية علي الغير فلا يكون سائغا، ولا جائزا، ان تفرغ من مضمونها أو ينتقص من مفهومها. فقانون مجلس الشعب وقانون مجلس الشوري، فيما ينصان عليه من شروط للترشيح لعضوية المجلس، يعتبر تشريعا خاصا وما يتضمناه من شروط تعتبر شروطا خاصة بتعين اعمالها دائما علي نحو ما أوردها المشرع دون مكنة التعلل بالانتقاض منها رجوعا أو استنادا إلي أحكام قانون مباشرة الحقوق السياسية. ولا يغرب عن البال ان القانون رقم 83 لسنة 2791 في شأن مجلس الشعب ينص في المادة الخامسة علي انه »ومع عدم الاخلال بالأحكام المقررة في القانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، يشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب: 1-.... 2- .... 3-... 4- ... 5- .... 6- يكون قد ادي الخدمة العسكرية الالزامية أو أعفي من أدائها طبقا للقانون »وتنص المادة السادسة من القانون رقم 021 لسنة 0891 في شأن مجلس الشوري في شروط الترشيح لمجلس الشوري ما يلي 1- ... 2- ... 3-... 4- ان يكون قد أدي الخدمة العسكرية الالزامية أو أعفي من أدائها طبقا للقانون »فمقتضي هذا الشرط الذي ان هو شرط من شروط الصلاحية للولاية التي يكبل العضو بأعبائها، ولازمة، ان يكون من يتقدم للترشيح لعضوية مجلس الشعب أو مجلس الشوري قد التزم بأداء الواجب المقدس الذي هو أداء الخدمة العسكري أو أن يكون قد أعفي من أدائها علي النحو الذي ينظمه القانون بما لايخل بالاصل المقرر وهو الخضوع فالاعفاء قانونا يعني الخضوع، ويتأبي الفهم الصريح لمفاد عبارات احكام المادة الخامسة المشار اليها، علي القول بتوافر الشرط الا في حالة اداء الخدمة أو الاعفاء منها قانونا. ولا يكون ثمة مجال، مع صراحة النص، للالتجاء إلي تأويله باستنباط حالات اخري، غير حالة اداء الخدمة العسكرية، أو الاعفاء منها قانونا، عن طريق إجهاد النصوص بتحميلها ما لا تحتمل أو تأويلها باستظهار معان لا يفيدها ظاهر النص وصريح الحكم. ومن واجب الانصاف القول اننا لو أخذنا بالتأويل الذي يذهب اليه البعض من ان تجاوز السن المقررة للتجنيد مؤداه ان بلوغ هذه السن يكون كافيا في حد ذاته للصلاحية للعضوية في المجالس النيابية فإنه يكون من غير المقبول كأصل عام في شأن التفسير الالتفاف حول صراحة النص القانوني الوارد في كل من قانون مجلس الشعب وقانون الشوري من استلزام اداء الخدمة العسكرية أو الاعفاء منها قانونا فذلك النص اجدر بالاتباع وأولي بالالتزام خاصة اذا ما تعلق الامر بولاية شروط عامة- مقيدة بموجب طبيعتها القانونية- وتسبغ علي المواطن حقا في ان يكون هوالمعبر الناطق عن شعب بأسره وبهذه المثابة فإنه فيما يتعلق بشروط الولاية العامة لا يجوز الالتجاء إلي طرق التفسير طالما كان الحكم المقرر واضح الدلالة وينطبق علي جميع الحالات التي ليس فيها ما يحتاج إلي استنباط حكم جديد غير مقرر بالنص ومن ثم لايجوز الالتجاء اليه اصلا إزاء وضوح دلالة النص. ولايبرح عن البال انه يتعين ان يقر في ذهن وقلب المواطن المصري ان بلوغ السن المقررة كحد اقصي للتجنيد لايعني انه لم يعد من الممكن تجنيده اذ انه يجوز تجنيد المصري مهما بلغت سنة، إعمالا لحكم المادة »63/2« من قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 721 لسنة 0891، في حالة الحرب أو التعبئة أو الطواريء وبقرار من رئيس الجمهورية. فإذا كانت المادة »21« من الدستور تنص علي ان »يلتزم المجتمع برعاية الاخلاق وحمايتها والتمكين للتقاليد المصرية الاصيلة.. والقيم الخلقية والوطنية والتراث التاريخي للشعب.. فإن كل ذلك مما يتنافر حقا مع الافلات من أداء ضريبة الوطن التي هي بحق دليل الوطنية وتعبير عن حقيق الانتماء ورمز النخوة والاعتزاز بالوطن والفناء في ترابه. وصفوة القول اذن ان الترشيح لمجلس الشعب أو لمجلس الشوري يقتضي في المرشح ان يكون قد أدي الخدمة العسكرية فعلا أو أعفي منها طبقا للقانون اما من تهرب من اداء الخدمة العسكرية حتي تجاوز سن التجنيد سواء وقعت عليه العقوبة ام لا فلا يمكن اعتباره بمثابة من اعفي من ادائها لكونه قد خالف القانون ونكل عن اداء ضريبة الدم ولا يغدو اهلا لأمانة تمثيل الامة في مجالسها النيابية فمن تقاعس او فرط في تلبية نداء الدفاع عن الوطن وعرضه يكون كمن أهدر واجبا مقدسا تجاه وطنه وانشطر صدقا وحقا انتماؤه إلي تراب الوطن وقصر التحاما بشعبه وحال دون انخراطه للدفاع عن ارضه وعرضه فحق عليه عذاب الحرمان في النيابة عن الشعب والامة في المجالس النيابية بعد ان فقد اعظم الاركان.