مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحيي ذكرى وفاة العالم الكبير الشيخ مصطفى المراغي    سعر الدولار اليوم السبت 23-8-2025 في البنوك    قفزة في سعر الذهب اليوم.. وعيار 21 يقفز 40 جنيهًا ويسجل 4580 للجرام    وزير الزراعة يترأس اجتماع مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى    القاهرة الإخبارية: طيران الاحتلال يقصف المناطق الشرقية لمدينة غزة    "يونيسيف" تطالب إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات بالكميات اللازمة لغزة    مواعيد مباريات اليوم.. مان سيتي أمام توتنهام وليفانتي مع برشلونة    مستشفى الأهلى.. 6 لاعبين خارج الخدمة فى مباراة غزل المحلة بسبب الإصابة    فتح باب التسجيل فى الجمعية العمومية العادية للإسماعيلى    الطقس اليوم.. ارتفاع طفيف ومؤقت فى درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 38 درجة    طلاب الثانوية العامة للدور الثاني يؤدون امتحان الأحياء والاحصاء والرياضيات    أحمد جمال وفتحى سلامة ومحمود التهامى يختتمون حفلات مهرجان القلعة اليوم    ثلاثة أفلام جديدة فى الطريق.. سلمى أبو ضيف تنتعش سينمائيا    ما أسباب استجابة الدعاء؟.. واعظة بالأزهر تجيب    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة بالحوامدية بالتعاون مع التحالف الوطنى    بالأسماء.. إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين بصحراوي قنا    السجن المشدد 15 سنة لسباك قتل جاره في الجمالية    حبس سائق بتهمة الاستيلاء على سيارة محملة بحقائب وأموال بالسلام    طلقات تحذيرية على الحدود بين الكوريتين ترفع حدة التوتر    استئناف مباريات الجولة الأولى بدوري المحترفين    شيرين عبد الوهاب تكشف حقيقة عودتها لحسام حبيب    تحقيق استقصائى يكتبه حافظ الشاعر عن : بين "الحصة" والبطالة.. تخبط وزارة التعليم المصرية في ملف تعيين المعلمين    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : إلى أين!?    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    حملة «100 يوم صحة» تقدّم 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يومًا    لحماية صحتك.. شروط يجب اتباعها عند شراء منتجات الألبان    3 وفيات ومصاب في حادث تصادم مروّع على طريق أسيوط الزراعي    أسعار الفراخ اليوم السبت 23-8-2025 فى أسواق محافظة المنوفية    الطماطم ب7 جنيهات والليمون ب15.. أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    استشهاد 19 فلسطينيا إثر قصف إسرائيل خيام النازحين بخان يونس ومخيم المغازي    الأمم المتحدة: نصف مليون شخص بغزة محاصرون فى مجاعة    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر ربيع الأول اليوم    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    تفاصيل وأسباب تفتيش منزل مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق جون بولتون    وزارة الخارجية الروسية تكشف عدد المواطنين الروس المتبقين في غزة    تعرف على أسعار السكر والزيت واللحوم بالمجمعات الإستهلاكية    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    مهاجر التيك توك «الأفغاني» يقدم نصائح لقتل الزوجات وتجنب العقوبة    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 23 أغسطس 2025    هل يحق لمكتسبي الجنسية المصرية مباشرة الحقوق السياسية؟ القانون يجيب    سيف الإسلام القذافي يعلن دعمه لتشكيل حكومة جديدة في ليبيا    إنقاذ حياة مريض بعمل شق حنجري بمستشفى الجامعي بالمنوفية    ملف يلا كورة.. خطة انتخابات الأهلي.. رسائل الزمالك.. واعتماد لجنة الحكام    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    نوال الزغبي: ضحيت بالفن من أجل حماية أولادي بعد الطلاق    شريف حافظ: الحب هو المعنى في حد ذاته ولا يقبل التفسير... والنجاح مسؤولية يجب أن أكون مستعدًا لها    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل.. وهذه أسباب تفضيل البعض للخاصة    تنسيق دبلوم التجارة 2025.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة لطلاب 3 سنوات «رابط وموعد التسجيل»    سهير جودة عن شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب: «انفصال وعودة مزمنة.. متى تعود إلينا؟»    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    بعثة منتخب مصر للناشئين تؤدي مناسك العمرة عقب مواجهة السعودية    التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    صحة المنوفية تواصل حملاتها بسرس الليان لضمان خدمات طبية آمنة وذات جودة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستبد الأعظم.. وطبائع الاستبداد!
إن كل رجال عهد الاستبداد لا خلاق لهم ولا حمية ولا يرجي منهم خير وإن المستبد فرد عاجز لا قوة فيه ولا حول له إلا بالأسافل
نشر في الأخبار يوم 15 - 01 - 2012

عانت مصر في ظل الاستبداد عقودا متتابعة وكان آخرها حقبة الثلاثين عاما من حكم مبارك الذي جاء بالصدفة إلي الحكم.. وقاسي المصريون من القهر والقمع سنوات سوداء وكئيبة تحت قبضة ذلك الحاكم الجائر وحاشيته وأعوانه الذين استباحوا كرامة الشعب وامتهنوا إنسانيته، ونهبوا ثرواته وأمواله ولم يراعوا حقوقه في العيش الكريم..
وما أكثر المستبدين والطغاة في العالم العربي الذين أعمتهم شهوة الحكم ولم يفهموا ولم يتعلموا دروس التاريخ التي تضع نهاية مأساوية لكل مستبد كما حدث لصدام حسين في حبل المشنقة في العراق وكما جري لمعمر القذافي في ليبيا.. وينطبق علي أحوال مصر ما كتبه عبدالرحمن الكواكبي عن »طبائع الاستبداد« وأنواعه مثل »الاستبداد والمجد« و»الاستبداد والمال« و»الاستبداد والدين«، وتؤخذ العبرة والعظة منه لأنها تعبر عن الواقع الذي يتشابه في كل العصور والأزمان وما يفعله الاستبداد في الناس بلا شفقة أو رأفة.. وكما قال الكواكبي بما ينطبق علي مبارك ورجاله:
إن الحكومة المستبدة تكون طبعا مستبدة في كل فروعها من المستبد الأعظم إلي الشرطي إلي الفراش إلي الكناس.. ولا يكون كل صنف إلا من أسفل أهل طبقته أخلاقا لأن الأسافل لا يهمهم جلب محبة الناس إنما غاية مسعاهم اكتساب ثقة المستبد الأعظم فيهم بأنهم علي شاكلته وأنصار لدولته وشرهون لأكل السقطات من ذبيحة الأمة، وبهذا يأمنهم ويأمنونه فيشاركهم ويشاركونه وهذه الفئة المستبدة يكثر عددها ويقل حسب شدة الاستبداد.. فكلما كان المستبد حريصا علي العسف احتاج إلي زيادة جيش المتمجدين العاملين له والمحافظين عليه، واحتاج إلي الدقة في اتخاذهم من أسفل السافلين الذين لا أثر عندهم لدين أو وجدان واحتاج لحفظ النسبة بينهم في المراتب بالطريقة المعكوسة وهي أن يكون أسفلهم طباعا أعلاهم وظيفة وقربا..!
إن العقل والتاريخ والعيان يشهد بأن المستبد الأعظم هو اللئيم الأعظم في الأمة ثم من دونه من الوزراء يكونون دونه لؤما وهكذا تكون مراتب لؤمهم حسب مراتبهم في التشريفات.. وربما يغتر المطالع كما اغتر بعض المؤرخين البسطاء بأن كثيرا من وزراء المستبدين كانوا يتأوهون من المستبد ويتشكون من أعماله ويجهرونه بملامة ويظهرون له أنه لو ساعدهم الامكان لعملوا وفعلوا وافتدوا الأمة بأموالهم بل حياتهم، فكيف والحالة هذه يكون هؤلاء الأكثر لؤما بل كيف ذلك ومنهم الذين خاطروا بأنفسهم والذين أقدموا علي مقاومة الاستبداد فنالوا المراد أو هلكوا دونه.. فجواب ذلك ان المستبد حريص علي ظلم الناس وهو محتاج لعصابة تعينه، فهل يجوز العقل ان ينتخب لعصابته من يشك فيه أنه لا يوافقه علي مراده.. كلا.. هل ينتخب وزيرا له من السوقة لم تسبق له تجربة ولا معرفة ما انطوي عليه.. كلا.. هل يمكن ان يكون الوزير متخلقا بالخير حقيقة وبالشر ظاهرا فيخدع المستبد بأعماله وهو الذي أعزه بكلمة ويعزله بكلمة.. كلا.. المستبد وهو من لا يجهل ان الناس أعداؤه لظلمه فهل يأمن علي بابه من لا يثق به أنه أظلم منه وأبعد منه عن أعدائه.. كلا..!
ثم كيف يكون الوزير أمينا من صولة المستبد إذا لم يكن بينهما وفاق، واتفاق علي خيرة الشيطان حال كون الوزير محسودا بالطبع يتوقع المزاحمون له كل شر ويبغض الناس ولو تبعا لظالمهم، وهو هدف في كل ساعة للشكايات الممحقة والوشايات المحرقة أم كيف يكون عند الوزير شئ من التقوي أو الحياء أو العدل أو الحكمة أو المرحمة ويقبل ان يكون جلادا للمستبد.. أم كيف يكون عند الوزير نزعة من الشفقة والرأفة علي الأمة وهو العالم بأنها تبغضه وتمقته وتتوقع له كل سوء ما لم يتفق معها علي المستبد وما هو بفاعل ذلك أبدا وان فعل فلا يقصد نفع الأمة إنما يريد تهديد المستبد أو فتح باب لمستبد جديد!
وكما يقول الكواكبي: ولنذكر بعض الدلائل الدامغة التي تثبت أن كل رجال عهد الاستبداد لاخلاق لهم ولا حمية ولا يرجي منهم خيرا مطلقا، وأن كل ما يتظاهرون به أحيانا من التذمر والألم يقصدون به تغرير وخداع الأمة المسكينة ويطمعهم في انخداعها لهم علمهم بأن الاستبداد القائم في الحقيقة بهم قد أعمي أبصار الأمة وبصائرها وخدر أعصابها فهي لا تري إلا هؤلاء محيطا ولا تشعر إلا بألم عام فتئن من البلاء ولا تدري من أين جاءها..!
والنتيجة ان المستبد فرد عاجز لا قوة فيه ولا حول له إلا بالمتمجدين »الأسافل« والأمة المأسورة ليس لها من يحك جلدها إلا ظفرها ولا يقودها إلا العقلاء بالتنوير والإهداء حتي إذا اكفهرت سماء عقول بيتها قيض الله لها منها قادة أبرارا..!
وينتهي كلام عبدالرحمن الكواكبي - العالم الإسلامي- عن الاستبداد الذي تعاني منه الأمة المقهورة والمغلوبة علي أمرها والواقعة تحت حكم الظلم والطغيان وهو ما يتكرر في الأزمنة والعصور المختلفة ويكاد التاريخ يعيد نفسه!
نساء من الميدان
الثلاثاء:
إنهن نماذج من شهيدات ثورة 52 يناير.. نماذج مضيئة لفتيات ونساء من الميدان اللاتي وقفن بشجاعة مع الشباب كتفا بكتف ويدا بيد وبصدورهم العارية في مواجهة الرصاص وقنابل الغاز.. ولم يخفن ولم يستكن في بيوتهن وإنما خرجن للتعبير عن الغضب والقهر وأصواتهن جميعا تطلق صرخات الثورة: خبز.. حرية.. عدالة اجتماعية.. وتوحدت مطالبهن مع الملايين في ميدان التحرير منذ انطلقت الشرارة من جمعة الغضب، وإلي ليلة الرحيل.. وقصة كل شهيدة تعبر عن شجاعة المرأة المصرية ومرابطتها في الصفوف الأمامية للثورة:
- رحمة.. اغتيال بلا رحمة: فتاة جامعية كانت تعمل بجانب الدراسة لمساعدة أمها وأسرتها وانتهي يوم جمعة الغضب بقتلها أمام عيون أخيها في الميدان.. وهي ابنة السيدة قشطة المرأة البسيطة التي لم تتعلم ولكنها عرفت كيف تعلم ابناءها وتعيش معهم في شقة من حجرتين في شبرا وتولت الانفاق علي أسرتها - رحمة ونجوي وإبراهيم- بعدما تم القبض علي زوجها ظلما.. وكانت هذه الظروف والظلم الذي تعاني منه تلك الأسرة هو ما جعل رحمة ساخطة ورافضة للنظام الذي يحكم بلدها ولذلك قررت ان تشترك في المظاهرات لتطالب بحقها هي وغيرها في الحياة بحرية دون ذل أو مهانة.. واستيقظت في الصباح الباكر ونزلت لتؤدي صلاة الجمعة في مسجد قريب من منزلها ثم عادت إلي أمها ولكنها سمعت صوت مظاهرة من مسجد الخازندار القريب من شبرا ونزلت للاشتراك فيها مع أخيها الذي يصغرها، وتحركت المظاهرة إلي ميدان التحرير وكانت رحمة تصرخ بقوة ضد النظام والاستبداد.. وفجأة في حوالي الثانية والنصف ظهرا فوجئ الجميع بقنبلة مسيلة للدموع موجهة إلي رأس رحمة وهشمتها ووصل أخوها إلي جسد الشهيدة وحملها بين ذراعيه وسط جموع الشباب إلي سيارة اسعاف إلي مستشفي المنيرة وكانت الطامة عندما ألقي القبض علي أخيها واضطر إلي إنكار علاقته وأخته بالثورة، ونقلت رحمة بعدها إلي مستشفي قصر العيني وتم اجراء عملية استئصال للمخ حيث ان القنبلة تسببت في تهتك الجمجمة.. ووصل الخبر إلي أمها وهرعت إلي المستشفي وخرجت رحمة بعد ست ساعات من غرفة العمليات وظلت ثلاثة أيام بين الحياة والموت حتي لفظت أنفاسها الأخيرة ولكن كتب المستشفي في تقرير الوفاة أنها أصيبت بهبوط حاد في الدورة الدموية ورفضوا كتابة الحقيقة!
- مريم.. عروس السماء: وابنة ال61 عاما التي قتلت غدرا بسبب طلق ناري في الرأس في يوم 82 يناير.. وتعيش في شقة بسيطة من غرفتين في الزاوية الحمراء وهي أكبر أخواتها وفي ثانية ثانوي وتقطن مع أخويها ميلاد والصغير كيرلس.. وتروي أمها بدموعها: مريم كانت في حضني الله يجازيهم حرموني منها ومن ضحكتها وقتلوها برصاصة.. كان باقي علي خطوبتها ثلاثة شهور وكان نفسها تبقي محامية ويومها هي اللي عملت الأكل وكانت الساعة السادسة والنصف في العصر وسألت أبوها حيعمل لها فرح في شم النسيم لأننا علي قد حالنا وقال لها قدامنا ثلاثة شهور.. وكان ميلاد في الشارع وسمعنا دوشة ضرب النار بطريقة فظيعة.. وقالت مريم: حاطلع السطح.. وطلعت معاها عمتها، ونادت علي أخيها الصغير وطلبت الموبايل منه وقامت بتصوير مشاهد القتل في المظاهرة.. وقالت لي: الحقي.. بتوع القسم بيضربوا النار علي الناس وفي الهوا.. ولقيت ميلاد بينقل المصابين علي الموتوسيكلات مع أصحابه.. وطلبت من مريم اننا ننزل بيتنا.. فقالت لي: خايفة علي إيه خلينا نموت شهدا إنت مش شايفة اللي بيتقتلوا.. وبعدها سكتت مريم بعد ماجت لها طلقة في خدها ووقعت علي الأرض.. وجاء الجيران واخذوها علي مستشفي الدمرداش وتركوا بنتي تنزف أربعة أيام لغاية ما ماتت بسبب طلق ناري في الرأس أدي إلي قطع في الشرايين وكسر في الفك.. كانت طيبة وحنونة ومالهاش في حاجة.. ولكن قتلوها غدرا..!
- فهيمة.. شهيدة صرخة الغضب: ست بيت كانت مكرسة حياتها لأولادها - بنتين وولدين- وتعيش مع زوجها في أحد المنازل أمام قسم شرطة بولاق الدكرور، وهو يعمل سائقا وقال: بعد صلاة جمعة الغضب كنا كلنا في البيت وفجأة لقينا دخان كتير في الشقة وفتحنا الباب وجدنا قنبلة مسيلة للدموع أمام الشقة.. وخرجنا ووقفنا علي السطح وكنا شايفين ضرب النار من نوافذ القسم وقذف القنابل علي الشباب في الشارع، واثناء مشاهدتنا لما يحدث اطلقوا النار علي شاب بموتوسيكل وجت الطلقة في عينه، وصرخت مراتي بأعلي صوتها لبشاعة المنظر ولما سمع الضابط صراخها وجه المسدس نحوها وضربها بالنار ودخلت في جنبها فاخترقت الرصاصة الرئة واستقرت بجوار القلب.. ويستكمل الزوج حديثه: أدخلناها مستشفي بولاق الدكرور وفضلت يومين وأدخلوها غرفة العمليات وحاولوا انقاذها لكن لم تكن هناك تجهيزات كافية وماتت شهيدة الغدر!
إنها نماذج أوردتها الدكتورة إيمان بيبرس في كتابها »نساء من الميدان« وهو تسجيل نابض لدور المرأة في ثورة 52 يناير التي شاركت فيها جميع فئات الشعب المصري من شباب وشابات، نساء ورجال، مسلم ومسيحي وكانت تضم جميع المستويات والطبقات الاجتماعية ولابد من الاعتراف بأن المرأة والفتاة لعبت دورا أساسيا لا يقل عن الرجل في »ثورة سلمية«!
أنيس رفيق السفر
الأربعاء:
حينما سافرت إلي فرنسا مؤخرا في رحلة علاج تذكرت صديقي أنيس منصور وافتقدت صحبته، وذلك قبل رحيله بأيام وفي المشي في الشانزليزية والجلوس علي مقهي الفوكية، وما أحلي الصحبة في السفر معه فإنه لا ينقطع عن الحديث وتعليقاته الساخرة وعن رحلة حياته الزاخرة بالشخصيات والمواقف.. وكانت المصادفات تجمعنا في باريس- ويصحبني إلي المقهي الذي كان يرتاده الفيلسوف الفرنسي سارتر والمثقفون الوجوديون.. وعندما سألته عن الشخصيات التي أثرت فيه قال: انه العقاد بلاشك.. وكنت مواظبا علي حضور صالونه في بيته في مصر الجديدة ويلتف حوله تلاميذه من المثقفين!
كانت متعة أنيس منصور في السفر وكتابه أدب الرحلات، ويظل »حول العالم في 002 يوم« علامة بارزة في كتبه التي يحرص علي أهدائها لاصدقائه ومعارفه وأقتني مكتبة منها.. واتذكر ما حدث في زيارة واشنطن وكنا نقيم في فندق ماديسون، والمعروف عن أنيس أنه لا ينام إلا بضع ساعات ويصحو في الرابعة صباحا واراد ان يشرب الشاي ولكن خدمة الغرف كانت مغلقة في ذلك الوقت المبكر، وايقظني من النوم وسألني أين أجد كوب شاي؟ فقلت مازحا: انزل بنفسك إلي المطبخ وجهز الشاي، ولم يكذب خبرا وفوجئ بوجود زميلنا محسن محمد وهو يبحث عن علبة السكر وجلس الاثنان يشربان الشاي وحدهما! وتكرر ذلك فقد عرفا مكان الشاي!.
واتذكر حينما سافرنا بصحبة سيد مرعي إلي اوسلو لاستلام جائزة نوبل للسلام نيابة عن الرئيس السادات الذي اعتذر عن عدم السفر حتي لا يتسلم الجائزة مع مناحم بيجين لانها كانت مناصفة بينهما وكانت درجة البرودة تحت الصفر وأصر أنيس علي المشي في الشوارع المغطاة بالثلوج وأخذنا نخوض فيها بأحذية الكاوتشوك.. وفي حفل تسليم جائزة نوبل جلسنا في الصفوف الأولي وتجمع الصحفيون الاسرائيليون حول أنيس وسألوه: لماذا لم يحضر السادات؟ ورد عليهم: أسألوا بيجين فإن أفعاله لا تعبر عن نوايا السلام!.
وما أحلي السفر مع أنيس منصور وما أمتع الذكريات معه فقد كان هو »الونيس« والصديق والإنسان أولا!
كان صديقي أنيس مثل »السندباد الطائر« الذي لا يتعب من السفر وكانت أسعد أوقاته عندما يدخل أي مكتبة في باريس ويشتري الكتب الجديدة ولا تجد في حقيبته غيرها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.