كثفت وكالة المخابرات المركزية اتصالاتها مع جماعة الإخوان المسلمين من خلال معرفتها السابقة ببعض قياداتها سواء في القاهرة أو في خارجها، لتشجيعهم علي تكرار محاولة الرئيس جمال عبدالناصر. ولم تكتف الوكالة بهذا المسار وإنما حاولت كما يقول الكاتب إيتان دوبوي عقد اتصالات مع عدد من ضباط الجيش لعل وعسي تنجح في إقناعهم بتدبير انقلاب عسكري ضد نظام عبدالناصر(..). ولمتابعة ما قامت به وكالة المخابرات المركزية من اتصالات ولقاءات ومحادثات خلال الشهور القليلة السابقة عُقد اجتماع ثلاثي حضره: جون فوستر دالاس وزير الخارجية وشقيقه آلن دالاس مدير الوكالة وكرميت روزفلت رجل ال CIA وخبيرها الأول في الشأن الداخلي المصري منذ اقترابه من حركة الضباط الأحرار، واتصالاته المباشرة مع بعض قادتها.. قبل قيام ثورة يوليو 1952 وبعدها. في لقاء للأخوين دالاس وثالثهم روزفلت تم الاتفاق علي إطلاق العملية SIPONY التي أسند تنفيذها إلي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بالاشتراك مع جهاز المخابرات الخارجية البريطاني M16 لوضع نهاية لل [مشكلة] التي تقلق واشنطون، ولندن.. قبلها. كلمة [مشكلة] لها حكاية كشف عنها الكاتب إيتان دوبوي قائلاً: خلال اجتماع عقد في البيت الأبيض وصف الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور الرئيس المصري جمال عبدالناصرب [المشكلة]. وكان يستخدم هذا الوصف عندما يبحث عن حل لها فيقول: [علينا أن ننهي المشكلة]. أو : [المطلوب التخلص نهائياً من المشكلة]. ويبدو أن أيزنهاور كان يتعمد استخدام الوصفين الواحد بعد الآخر ليرضي المعترضين علي تصفية عبدالناصر، كما يرضي المطالبين بها في آن. فالعبارة الأولي قد تعني بالنسبة للبعض أن أيزنهاور يطالب بحل سلمي ينهي المشكلة مع ناصر. أما التعبير الثاني فقد يعني للبعض الآخر أن المطلوب تصفية ناصر للقضاء علي المشكلة. آلن دالاس مدير وكالة السي آي إيه أخذ بالمعني الثاني وتعامل معه ك: »ضوء أخضر« من الرئيس الأمريكي يستخدم بموجبه كل الوسائل المتاحة لإنهاء [المشكلة] بما فيها التصفية الجسدية.. ببساطة متناهية! نفس المعني فهمه رئيس وزراء بريطانيا آنذاك أنطوني إيدن وأرجع صدوره عن أيزنهاور إلي مابذله شخصياً من ضغوط غير مباشرة ثم مباشرة علي الرئيس الأمريكي انتهت بموافقة الأخير علي عملية القضاء علي مشكلة »العالم الحر« مع الرئيس المصري(..). وسارع تحالف جهازي المخابرات الأمريكية / البريطانية إلي تنفيذ ما طلبه إيدن، صراحة، وما وافق عليه أيزنهاور بعبارته الغامضة التي تحمل أكثر من معني. تمخضت عملية SIPONY عن تشكيل ثلاثة فرق من المسلحين المحليين الذين اختيروا نقلاً عن وثيقة كشف عنها كتاب: إيتان دوبوي لتصفية الرئيس جمال عبدالناصر. لم يحدد الكاتب هوية تلك الفرق الثلاث لكنه اكتفي بالتساؤل عما إذا كان المسلحون من الإخوان المسلمين؟ أم من ضباط جيش معارضين ؟ أم من هؤلاء وأولئك معاً؟! المهم كما أضاف الكاتب أن هذه المحاولات الثلاث منيت بالفشل الذريع الواحدة بعد الأخري. الأولي: ألغيت قبل أن تنفذ. والثانية: تم الانقضاض علي عناصرها أثناء تسللهم الحدود المصرية. والأخيرة: اختفي المسلحون المكلفون بالقيام بها لأسباب لم تعرفها المخابرات الأمريكية / البريطانية حتي اليوم!