ما الذي يحدث في مصر؟ لماذا كلما سرنا إلي الأمام خطوة نجد أنفسنا نعود عشر خطوات إلي الوراء؟!، من المستفيد في أن تبقي الأمور علي ما هي عليه؟ أي أن نبقي ندور حول أنفسنا وأن ينهار النظام في مصر ويتدهور الاقتصاد ولا تجد الناس قوت يومها؟. إن ما حدث يوم السبت -أمس الأول- أمر يدعو إلي الاندهاش بل إلي الصدمة فقد كنا قاب قوسين أو أدني من البدء في الانتخابات البرلمانية والتي أطلق عليها البعض "انتخابات القرن" وكان من المفترض أن ننشغل كشعب بآليات وإجراءات تلك الانتخابات حتي يتحقق المطلب الأول للثورة وهو انتخاب برلمان ديمقراطي يمثل القوي السياسية الفاعلة المعبرة بصدق عن قطاعات كبيرة من الشعب المصري، لكننا وبفعل فاعل وجدنا أنفسنا مدفوعين في طريق آخر بعيد جداً عن الهدف الذي نبتغيه فبعد أن مرت التظاهرة المليونية يوم الجمعة 18 نوفمبر والتي خرجت اعداد كبيرة فيها تنادي بتسليم السلطة إلي المدنيين وبعد أن تنفسنا الصعداء بعد أن مر ذلك اليوم دون صدامات أو اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة، فوجئنا باشتعال الموقف لسبب غير مفهوم أو مبرر بين مجموعة من المعتصمين في الميدان والذين رفضوا مغادرته نهار يوم السبت وبين أفراد الشرطة التي قامت بتنفيذ تعليمات بإخلاء الميدان!. ولم يكن هذا الموقف الغريب هو الأول من نوعه فقد سبقه مواقف شبيهة عندما اشتعلت أحداث ماسبيرو، واحداث السفارة الإسرائيلية ومسرح البالون وكل منها كان بعد مظاهرة سلمية انتهت بسلام. ألا يدعونا ذلك إلي تأمل ما يحدث والتساؤل من المستفيد من اشعال الحرائق والفتن بين الشعب والجيش والشرطة؟!، ألا يجعلنا ذلك نشتم رائحة المؤامرة التي تستهدف مصر ويسعي القائمون بها إلي انهيار وهدم كل الجسور التي يريد الشعب عبورها ليصل إلي بر الأمان؟!. يقولون إن سبب اشتعال الموقف صباح السبت الماضي كان اشتباك الشرطة مع عدد من مصابي الثورة المعتصمين منذ فترة تصل إلي عشرة أيام ويطالبون المجلس العسكري بتعويضات لما لحق بهم من إصابات أثناء الثورة، وقالوا إن أفراد الشرطة استخدموا العنف المفرط معهم لإخلاء الميدان، فلماذا لم يتم احتواء الموقف بسرعة؟، ولم نر مسئولا واحدا يتحدث إلي الشعب في هذه اللحظات البالغة الخطورة، واكتفي مجلس الوزراء باصدار بعض البيانات يحاول بها تهدئة المتظاهرين. وهنا أسأل لماذا يتكرر السيناريو الكارثي في كل مرة؟ لماذا لا يتحرك رئيس الوزراء او ممثل عن المجلس العسكري بسرعة وقوة باتخاذ إجراءات من شأنها نزع فتيل الأزمة قبل انفجارها؟!. وهذا لا ينفي أن هناك أيدي تعبث بفكر مخطط لانتهاز هذه الفجوة الحاصلة بين الشعب والسلطة المسئولة عن البلاد الآن، لا يمكن أن نخطئ نفس الخطأ في كل مرة ونكتفي بالتصريح ذاته بأن هناك أيادي تعمل علي سقوط الدولة مع اعترافنا بوجودها فعلاً. لقد أصبح الوضع في غاية الخطورة ولا أدري لماذا لا يجتمع المرشحون المحتملون للرئاسة مع ممثلين للأحزاب والنخبة السياسية ويقررون خطة عمل للمرحلة الانتقالية تتضمن مواعيد واضحة لإجراء انتخابات الرئاسة بعد كتابة الدستور والانتخابات البرلمانية ويقررون خلال هذا الاجتماع موعداً لتسليم السلطة إلي المدنيين ثم يقدمون هذه الخطة للمجلس العسكري ويصرون علي تنفيذها بدعم شعبي موجود بالفعل ولن يضطروا إلي البحث عن القبول الشعبي لهذه الخطة. إن مصر تغرق وتحتاج إلي ربان سفينة ماهر يعبر بها هذه المرحلة. فمن يفعلها؟.