الأسباب الطارئة قد يتعرض لها أي إنسان.. وتجعله تحت وطأة ظروف معينة.. فيتصرف مرغما علي غير عادته.. يتصرف علي عكس شخصيته.. وعلي الرغم من انها قد تحوله لشخص كريم الطباع ليصبح شخصا ودودا طيبا كريما.. لكنه وضع مؤقت يُرغم صاحبه علي التصرف عكس طبيعته.. ومهما كنت أفضل إنسانيا في هذه الحالة.. إلا أن وضعك كمرغم يجعلك مذلولا.. لأنها تجعلك تبتسم في وجه أعدائك مثلا، وأنت بداخلك تريد أن تنقض عليهم.. بل أكثر من ذلك فمن الممكن أن تتناول معهم الطعام والشراب.. بل قد تدفع نفقات هذا الطعام. أي وضع يجعل الإنسان تحت وطأة هذه الحالة.. فهو وضع غير مريح لصاحبه ولكن من منا لا يمر بظروف استثنائية في حياته.. ولا يستطيع أن يظهر ما يبطنه.. البعض منا وأتصور أنهم ليسوا بالقليل حولنا من يتحمل ليظهر عكس ما يبطن.. وقد يقول البعض أنهم منافقون - وهم محقون في هذا الأمر - إذا كان ذلك للحصول علي مكاسب مادية.. أو كانوا من هؤلاء الطماعين الذين ماتت ضمائرهم.. وقد يري البعض أن تحملهم لأسباب طارئة نوع من التضحية كصبر الزوج أو الزوجة علي طباع الآخر لتربية الأولاد ولصالح الأسرة.. وأتصور أن جزاء هذه الحالة عظيم عند الله، ويعتبر من جهاد النفس.. وقد يتحمل بعض الأشخاص حالات القهر داخل أعمالهم تحت وطأة لقمة العيش مُرة، وماحدش بياكلها بالساهل مرة أخري.. هذا أمر وارد أيضا. وتتميز الحالات الطارئة في حياة الإنسان بأنها قليلة حتي وان طالت مدتها.. أو يشعر الذين تحت وطأتها بأنها طويلة وقاسية لصعوبتها لأنها عكس طبيعة صاحبها. وقد يمر الإنسان بظروف استثنائية وطارئة بمحض إرادته وهو يعلم مدة انتهائها كتلك التي يضطر فيها المرشح للانتخابات أن يصافح هذا وذاك.. لكنها ظروف استثنائية لصاحبها. أتصور أن حتي أصحاب الضمائر الميتة الذين اعتادوا علي مثل هذه الظروف انهم يتألمون ويتألمون، وإن لم يبدوا ذلك الألم وقد يتحول هذا الألم لصور عديدة حتي يصل للانتقام في كثير من الأحيان.. فقط ينتظرون الفرصة. والسؤال لماذا يضع الإنسان نفسه بمحض إرادته تحت ظرف استثنائي يؤرقه.. الإجابة لأنه أقنع نفسه بأنه الثمن للحصول علي الهدف.. الذي جعله يهين نفسه بهذا الشكل.. والذي في الغالب لم يكن حقه في ظل الظروف العادية. طبائع الناس وأحوالهم مختلفة تفرض عليهم الظروف ما هو قاس فيصبحون معذورين أو يذهبون بإرادتهم لها فيصبحون طماعين.. الشيء الوحيد هو وجود ظرف استثنائي يعيشه الطرفان.. وإن كان الأول يضحي والثاني يلتهم حقوق غيره.