يعد القصور الشديد في جهاز الإرشاد الزراعي بوزارة الزراعة المصرية أحد أهم أسباب تدهور الزراعة المصرية في السنوات العشرة الماضية والذي يعد عين وعقل وذراع الفلاح بسبب الانخفاضات المتتالية في ميزانية الوزارة وتحويل المرشدين إلي العمل في العديد من المهام التي أبعدتهم عن دورهم المهم والفعال في الزراعة، وحتي في مناطق الاصلاح الزراعي والتوسعات في الأراضي الصحراوية فلا وجود للخبير الزراعي والذي يمكن ان يسدي النصح إلي ملاك ومستثمري الأراضي الجديدة في الزراعات المناسبة لنوعية المياه والتربة ومناخ المنطقة . لذلك بدأت تنتشر ما يسمي بالزراعة الاستكشافية أي زراعة الحاصلات الخاصة بالموسمين الصيفي والشتوي لمعرفة الأصلح منها للنمو في ظروف المزرعة وهذا مضيعة للوقت ونتيجة مباشرة لغياب دور المرشد الزراعي الخبير، ولأن الجامعات المصرية الحكومية الثمانية عشر وفروعها والتي تضم في تخصصاتها نحو عشرين قسما للارشاد الزراعي لا يقل عدد أعضاء كل قسم عن خمسة عشر خبيرا وبما يصل بالعدد الكلي علي مستوي جامعات الجمهورية إلي 003 خبير في الارشاد الزراعي المباشر بالإضافة إلي أقسام المحاصيل والبساتين والخضر ووقاية وأمراض النبات والتربة والمياه والانتاج الحيواني والداجني وغيرها يمكنهم ان يساهموا وبشكل علمي وفعال في سد الفجوة الكبيرة في جهاز الارشاد الزراعي بوزارة الزراعة المصرية، وتستطيع كل جامعة أن تسد احتياجات محافظتين من الأقرب إليها من جميع خبراء الزراعة في زيارات أسبوعية أو نصف أسبوعية لكل محافظة يقوم فيها الخبراء بتوزيع أنفسهم علي مركز المحافظة وبدعم للتنقلات من الوزارة وبما يوفر ما يحتاجه المزارع من خبرة علمية وعملية في كل ما يخص الجديد في علوم الزراعة وتشخيص أمراض النبات والتربة وحل مشاكل تدهور الانتاجية وسوء نوعيات مياه الري والاصابات الحشرية والمرضية فعلي سبيل المثال فهناك أمراض مستجدة وبعضها عابر للحدود تظهر دوريا وتقتحم الزراعات المصرية ولا علم للفلاح المصري بها ولم يسبق له التعامل معها وبالتالي يبقي وحيدا وحائرا وهو يشاهد دمار محصوله أمامه دون أن يجد من يستجير به أو ينهضه، هذا هو الحال مع ما حدث في أزمة حشرة »التوتا أبسليوتا« والقادمة من الغرب والتي تهاجم جميع حاصلات العائلة الباذنجانية والتي من أهمها البطاطس والطماطم والباذنجان والفلفل، والتي رفعت أسعار الطماطم في العام الماضي وأوصلتها إلي 51 جنيها للكيلو جرام وحولت مصر من خامس أكبر دولة انتاجا للطماطم في العالم إلي دولة مستوردة لها ومن دول مشكوك في سلامة نيتها وتعاملها الشريف مع مصر.. وبالمثل أيضا سبق ان دخلت لمصر أمراض الحمي القلاعية والتهاب الجلد العقدي وحمي الوادي المتصدع لتصيب الماشية المصرية في مقتل وتفتك بالآلاف منها دون تدخل سريع من جهاز الارشاد الزراعي ومن قبلها أيضا سوسة النخيل وفيروسات شتلال الخوخ والمشمش والبرقوق والتفاح والتين والتي أطاحت بالمحصول تماما علي مدار سنوات أربع متتالية، هناك ايضا فيروس انفلونزا الطيور والتي وجدت الدولة نفسها عاجزة عن مواجهته وبدلا من اسناد مقاومته للزراعيين والبيطريين أسندته إلي وزارة الصحة علي الرغم من كونه مرضا بيطريا وبما أطاح بالثروة الداجنة في مصر، تغيرات المناخ وارتفاع الحرارة في العام الماضي أطاح أيضا بمحصول الخضراوات في الموسم الصيفي السابق بسبب عدم وجود خبراء الارشاد الزراعي الذي ينصح بزيادة تكرار الري والتحول به إلي الري الليلي مع الرش الوقائي للأمراض المصاحبة لارتفاع درجة الحرارة ونسبة الرطوبة.