بدا العد التنازلي لتطبق المرحلة الثانية والأكثر تشددا من العقوبات الأمريكية المفروضة علي إيران في الثاني من مايو المقبل حيث سيتم تطبيق قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف كلّي للصادرات النفطية الإيرانية التي تقدر بحوالي 1.7 مليون برميل يوميا والذي تشكل عائداته حوالي 44 % من إجمالي دخل ايران، في إطار تكثيف واشنطن حملتها علي إيران لحرمان النظام من مصدر دخله الأساسي، ولذلك تعتزم إدارة ترامب إنهاء كل الإعفاءات، التي كانت منحتها لثماني دول لشراء النفط الإيراني، ويات القرار بعد أسبوع واحد من أدراج الولاياتالمتحدة رسميا قوات الحرس الثوري الإيراني علي قائمة المنظمات الإرهابية. علي خامنئي، المرشد الأعلي للثّورة الإيرانية، أكد أن تشديد العقوبات الأمريكية لن يمر دون رد، في رسالة واضحةٍ للرئيس ترامب، وقال جواد ظريف وزير الخارجيّة الايراني ان علي الولاياتالمتحدة أن تعلم أنها إذا ارادت دخول مضيق هرمز فعليها التحدث إلي من يحميه وهو الحرس الثوري.وهو مايهدد بمواجهة محتملة في خليج هرمز وقد هددت إيران بمنع مرور شحنات النفط عبر مضيق هرمز، وهو ممر ملاحي استراتيجي لنقل النفط في الخليج، إذا حاولت الولاياتالمتحدة خنق اقتصاد طهران ووقف صادراتها النفطية. كان ترامب قد أعاد فرض العقوبات علي ايران بعد انسحاب امريكامن الاتفاق النووي الايراني الموُقع مع ست دول كبري عام 2015، أملا في إجبار إيران علي التفاوض علي »صفقة جديدة» لا تغطي أنشطتها النووية فحسب، بل تشمل أيضًا برنامج صواريخها الباليستية. وبالفعل، توقفت ثلاث دول هي اليونان وإيطاليا وتايوان، عن استيراد النفط الإيراني. لكن، تركياوالصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية، طلبت تمديد الإعفاء، وابتداء من الثاني من مايو المقبل، سيكون عليهم التوقف تماما عن شراء النفط الإيراني. من المتوقع ان تلحق هذه الخطوة أضرار كبيرة لهذه ا لدول وعلي راسهم الصين والهند وهما أكبر دولتين مستوردتين للنفط من طهران، وأكد وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، الذي تشهد علاقات بلاده أصلا توترا مع الولاياتالمتحدة، ان تركيا لن توافق علي عقوبات من طرف واحد،وتعارض مثل هذه الخطوات من ناحية اخري فان وقف إمدادات النفط الايراني يمثل مشكلة في وقت تتراجع فيه امدادات البترول بسبب العقوبات الأمريكية علي إيران وعلي فنزويلا وهي عضو آخر في أوبك.وإلي جانب ذلك، تفرض أوبك ومنتجو نفط عالميون آخرون تخفيضات علي الإمدادات منذ بداية العام بهدف تقليص المعروض بأسواق النفط العالمية ودعم الأسعار. وفيما وقفت الدول التي ستضر بها العقوبات معترضة، كانت الدول الخليجية، في طليعة المرحّبين. والموقف طبيعي، كون الخطوة تذهب في اتجاه تضييق الخناق أكثر حول الاقتصاد الايراني، ما يفترض ان يقود إلي تقليص نفوذ طهران الاقليمي. فدعمت السعودية خطوة ترامب باعتبارها خطوة ضرورية لحمل النظام الإيراني علي وقف سياساته المزعزعة للاستقرار، ودعمه ورعايته للإرهاب حول العالم فقد سارعت الرياض إلي الاعلان انها ستتكفل بمدّ الاسواق بما يكفي من الخام لتفادي ارتفاع الاسعار. وانضمت اليها الامارات. حيث يعول ترامب علي الدولتين فيسد العجز الذي سيخلفه غياب إيران عن السوق النفطي، من خلال تزويد أسواق النفط العالمية بكل ما تحتاجه. ويؤكد المحللون ان تداعيات هذه الخطوة علي ايران ستكون كبيرة، وستُلحق ضرر اقتصاديا كبيرا لها. غير ان الخطوة ستصيب بشظاياها الدول السبع ايضا، ومعظمها ليس في موقع »الخصم» للولايات المتحدة. فقد اتخذت الصين، قرارا بالمواجهة والوقوف إلي جانب ايران التي اكد وزير نفطها ان »امريكا لن تحقق حلمها بوقف صادرات النفط تماما»؟ وكانت خطوة ترامب بتضييق الخناق علي صادرات النفط الإيرانية مفيدة للشركات الأمريكية، حيث ارتفعت مشتريات النفط من السوق الأمريكي بنسبة 350% بين عامي 2017 و2018. من جانب أخر يمكن لطهران ان تصعد الموقف وتقوم بغلق مضيق هرمز من خلال وضع الألغام البحرية، واستخدام زوارق الحرس الثوري المسلحة، والسفن الحربية البحرية للقيام بدوريات في المياه علي طول المضيق. ولكن السؤال الأهم هو مدي إمكانية إبقاء المضيق مغلقًا لفترة طويلة خاصة في ظل التحذيرات الأمريكية بعمليات عسكرية حال صعدت إيران، ولكن تهديدات إيران المستمرة في غلق هرمز، جعلت الولاياتالمتحدة تلجأ إلي توقيع اتفاقية »الموانئ الاستراتيجية» مع سلطنة عُمان، في مارس الماضي، ما سيمنحها تسهيلات أكبر في منطقة الخليج، بديلا عن هرمز.وايضا لردع ايران نظرًا لأن طهران استخدمت ميناء الدقم لتهريب أسلحة إلي الحوثيين مؤخرًا هناك. علي أي حال، إذا حاولت إيران إغلاق المضيق، فلن تتخذ الولاياتالمتحدة وحلفاؤها موقفا سلبيا، وهو ما يعني أنه سيتم إعادة فتح المضيق بطريقة أو بأخري.