اختلف ريجان عن كارتر في تعامله مع القذافي. كارتر كان يتجاهل تصريحات القذافي البلهاء، ويكتفي أحياناً بإرسال رد علي تصرف أحمق ارتكبه القذافي أو تحذير من عملية إرهابية خططها وانكشفت قبل تنفيذها. الرئيس ريجان كان يتعامل مع القذافي كعدو خطير لا سلام ولا كلام معه. ذات صباح.. طقت في دماغ الأخ العقيد أن يُغيّر ويُبدّل في القانون الدولي. فأصدر فرمانا ينص علي أن سيادة الجماهيرية علي مياهها الإقليمية تمتد وتتسع حتي مسافة 120ميلاً من شواطئها، وليست مقصورة علي 12ميلاً فقط كما ينص القانون الدولي الخاص بحق كل دولة في المياه الإقليمية. وكرد فوري علي فرمان القذافي أمر ريجان بإرسال 61وحدة مقاتلة بحرية من الأسطول السادس ترافقها حاملة الطائرات Nimitz إلي داخل خليج سرت في تحد واضح لفرمان الأخ العقيد. بعدها.. جن جنون القذافي فأمر بتأديب الرئيس الأمريكي علي انتهاكه السيادة الليبية داخل مياهها الإقليمية. في الساعة السابعة من صباح يوم19أغسطس 1981أقلعت مقاتلتان قاذفتان ليبيتان من طراز سوخوي 22 وحلقت بالقرب من وحدات الأسطول الأمريكي. التحرش لم يستمر أكثر من بضع ثوان أسقطت بعدها الطائرتان وغابتا في أعماق مياه الخليج! رغم أن المعركة كانت من جانب واحد إلاّ أن الرئيس ريجان اعتبرها نصراً وتأديباً للأخ العقيد. وتأكيداً لذلك ارتدي ريجان زي طيار عسكري وقام بزيارة حاملة طائرات أمريكية Constellation وألقي وسط المئات من الجنود والضباط كلمة قال فيها إن هذا الانتصاريؤكد لأصدقاء أمريكا وأيضاً لأعدائها أن الولاياتالمتحدة لديها الكثير من القدرات والعضلات لردع المتحرشين بها. اسقاط مقاتلاته، ومصرع طياريه في لمح البصر بمجرد اقترابها من وحدات الأسطول السادس في خليج سرت لم يردع الأخ قائد الثورة الليبية العظمي، وإنما زاد فقط من تحذيراته وتهديداته مؤكداً علي أنه سيحول خليج سرت إلي »بحر من الدماء«. بعد أسابيع قليلة.. وصلت معلومات إلي وكالة المخابرات المركزية كشفت عن مؤامرة يخططها الأخ العقيد لاغتيال ريجان. ويكشف الكاتب والمؤرخ السويسري إيتان بوبوي، في كتابه الأخير، عن هذه المؤامرة نقلاً عن مصادر الوكالة وملفاتها أن وزير دفاع أثيوبيا آنذاك كان مرافقاً للرئيس الأثيوبي: »ه. ماريام« في لقاء جمعهما مع الأخ العقيد وفوجئا به يحدثهما عن تفاصيل العملية التي أمر بتخطيطها وتنفيذها لإراحة العالم من هذا ال »كاوبوي« و »الممثل الفاشل« رونالد ريجان! الوكالة الأمريكية NSA بإمكاناتها الواسعة في اعتراض الرسائل السرية الإلكترونية أكدت صحة المعلومة الخطيرة التي كشف عنها الزعيم الليبي. أما معلومات وتحريات البيت الأبيض فقد نبهت إلي أن عددا من القتلة بالأجر تسللوا بالفعل إلي داخل الولاياتالمتحدة، وفي طريقهم إلي العاصمة واشنطون لتنفيذ مهمتهم الكبري باغتيال الرئيس ريجان وعدد من كبار صقور إدارته الحاكمة. هذا الإجماع علي صدق المعلومة شجع الإدارة الأمريكية علي اختيار أسهل وأنجع السبل للتخلص من القذافي وتصفيته جسدياً. تنفيذ العملية اصطدم مع القرار رقم 12306 الذي أصدره الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر ويحظر علي أي جهة رسمية أمريكية تورطها من قريب أو بعيد في عمليات اغتيال، وهو نفس الحظر الذي امتدت صلاحيته بالقرار رقم 12333الذي أصدره الرئيس ريجان في ديسمبر 1891 فاضطر ريجان إلي تأجيل التخلص من القذافي لحين التوصل إلي مخرج يلتف به علي القرار الرئاسي الذي يحظر الاغتيالات. .. وللحديث بقية.