لم يصدم القذافي كثيراً عندما علم أن أحد المقربين منه هو الذي كشف للأمريكيين عن عملية ليبية تستهدف اغتيال السفير الأمريكي في القاهرة. فالخيانة من رأي مرشد الجماهيرية العظمي يرد عليها بمثلها! فإذا كانت وكالة المخابرات الأمريكية قد نجحت في شراء أحد المقربين من القذافي الذي باع لها المعلومة الخطيرة، ففي استطاعة المخابرات الليبية أن تشتري بدورها خيانة أحد المسئولين الأمريكيين. في أكتوبر 0891 تعرض طالب ليبي مقيم مع أسرته في الولاياتالمتحدة لمحاولة اغتيال أصيب فيها بجروح خطيرة. اعترف المعتدي أوجين تافويا بأنه ارتكب جريمته لحساب عميل سابق في وكالة المخابرات المركزية يدعي:إدوين ويلسون، نجحت المخابرات الليبية في تجنيده من أجل تصفية المعارضين الليبيين المقيمين في الولاياتالمتحدة! كان البعض يتوقع رداً أمريكياً عنيفاً لكن لحسن حظ القذافي أن رئيس الولاياتالمتحدة وقتذاك جيمي كارتر كان رجل سلام يسعي دائماً إلي التفاوض والحوار لحل الأزمات. وهكذا أفلت القذافي مرة أخري من العقاب.. وهو ما أثار غضب الصقور في الإدارة الأمريكية من الحزب الديمقراطي الحاكم أو من معظم النسور الأعضاء في الحزب الجمهوري المعارض. وظهر هذا واضحاً أثناء معركة الانتخابات الرئاسية التي خاضها الجمهوري: رونالد ريجان، معلناً أن من بين أولويات أهدافه: إعادة الهيبة والقدرات إلي القوة العسكرية الأمريكية علي مستوي العالم. فاز ريجان بالرئاسة.. وانتهز أول مناسبة ليقول لمن حوله إنه لن يتعامل مع القذافي كمستفز ومشاغب، وإنما كعدو يجب القضاء عليه! بعدها بفترة قصيرة هاجم متظاهرون إيرانيون السفارة الأمريكية في طهران وأخذوا من كان داخلها كرهائن في أول وأكبر تحد لهيبة الولاياتالمتحدة. وهو التحدي الذي قفز بجمهورية ملالي إيران لتحتل في عيون العالم موقعاً كمقر خطير لزعزعة استقرار الدول القريبة منها والبعيدة عنها. في أول اجتماع للرئيس الجديد ريجان مع أعضاء مجلس الأمن القومي الأمريكي في نهاية يناير1981 حظي الأخ العقيد معمر القذافي بنصيب الأسد من المناقشات والخيارات باعتباره عدواً خطيراً للمصالح الأمريكية، ويتطلب اتخاذه وبلده كهدف سهل لاستعراض قدرات اليد الطويلة الأمريكية، لإقناع باقي الدول بأن واشنطون مستعدة لاستخدام عضلاتها ضد كل من يحاول المساس بأمنها ومصالحها في قارات الدنيا الخمس. وطلب ريجان من أعوانه خبراء الشئون الأمنية القومية والعالمية إعداد خيارات ومراحل وتوقيتات: استراتيجية استعراض القوة.. كما اتفق علي خطوطها العريضة. في مارس 18 أعلنت واشنطون مبادرتها بقطع العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا. وهو القرار الذي لم يزعج الأخ العقيد. كما لم يقنعه بالتوقف قليلاً عن شطحاته ومغامراته غير المحسوبة! وفوجيء الرئيس ريجان بأن الأخ العقيد أرسل أموالاً وأسلحة ومستشارين أجانب إلي نظام حكم نيكاراجوا المعارض آنذاك للولايات المتحدة. وعندها.. قرر الرئيس الأمريكي البدء بالتعامل العسكري ضد الأخ العقيد. .. وللحديث بقية.