لو أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أخذت بيدها كل الكتب السماوية، وأقسمت عليها أنها كانت راضية وسعيدة خلال مشاهدة العرض العسكري الضخم الذي اقيم بالميدان الأحمر بالعاصمة موسكو يوم الأحد الماضي.. لو انها فعلت ذلك فانه يصعب، ان لم يكن يستحيل، علي احد منا ان يصدقها! وخلال هذا العرض الضخم الذي أقيم بمناسبة الذكري ال56 لانتصار الحلفاء علي ألمانيا النازية، كانت المستشارة ميركل تقف إلي جوار رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، وقد يكون هذا بسبب البروتوكول المتبع في مثل هذه المناسبات، ولكنه بالقطع صادف سعادة بالغة من جانب بوتين الذي يحلم بإعادة الهيبة، والمكانة العالمية، التي كانت تتمتع بها موسكو خلال حقبة الاتحاد السوفيتي الذي انهار وولي إلي الأبد! وإذا تركنا جانبا كل هذه الافتراضات ووجهات النظر، فان الشيء الوحيد المؤكد والذي لا يمكن ان يكون هناك خلاف عليه، هو ان مجرد توجيه الدعوة لمسئول ألماني في مثل هذه المناسبة، هو نوع من »الجليطة«، وعدم احترام مشاعر الغير! كذلك، وبالكلام علي ان هتلر كان طاغية -ونحن جميعا لا نختلف في ذلك - فان الواقع والتاريخ يقولان لنا ان ستالين كان أكثر طغيانا، وأن الشعب السوفيتي البائس وجد نفسه فجأة محاصرا بين طاغيتين: طاغية ألماني هو هتلر، وطاغية سوفيتي هو ستالين.. وكان من الطبيعي ان يختار السوفييت الوقوف إلي جانب الطاغية الذي ينتمي إلي نفس الوطن! وأكثر من هذا، وذاك، فانه إذا كان ادولف هتلر مجنونا كاد ان يهدد العالم كله بالفناء عندما شرع في تصنيع القنبلة الذرية -وكان علي وشك انتاجها- اذا كان ذلك، فان الرئيس الأمريكي هاري ترومان، كان أكثر جنونا واجراما عندما اصدر أوامره، التي لن يغفرها التاريخ، بضرب هيروشيما وناجازاكي بالقنابل الذرية التي اقتبس فكرتها، وطرق تصنيعها، من ألمانيا النازية.. كذلك فعل الاتحاد السوفييتي السابق، وبالمثل قامت الترسانة الحربية لواشنطن وموسكو علي انقاض ألمانيا النازية وبجهود ذات العلماء الألمان الذين كانوا يعملون من أجل الرايخ الثالث.. وما له من عالم مخادع، ومنافق، هذا الذي دلفنا إليه جميعا في أعقاب تلك الحرب العالمية الثانية.