[email protected] تتوهج قضية المعاملة المتغطرسة والمتعالية التي يواجهها المصريون - تحديدا - في تعاملهم مع السفارات الأجنبية والأوروبية علي وجه الخصوص أحيانا ثم تخبو حينا آخر . وأعتقد أن الحل الوحيد هو أن يتم تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل وهو مبدأ متبع في الأعراف الدبلوماسية بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي حتي تتوقف تلك الممارسات الغريبة التي تتعامل فيها تلك السفارات مع المصريين كما لو كانوا يريدون الذهاب الي تلك البلد طمعا في عطايا أو هبات أو كأن المطلوب هو الحصول علي تأشيرة دخول "الجنة ".. وذكرني بتلك القضية موقف شخصي أرويه هنا فقط لأنه يخرج عن نطاق الشخصية ويوضح بشكل غير قابل للجدل مدي المعاناة التي يلاقيها المصريون في الحصول علي تأشيرة دخول لأوروبا أو ما يعرف بفيزا شينجن وهو اسم لقرية صغيرة مشهورة بصنع النبيذ تقع في أقصي الجنوب الشرقي من لوكسمبورج بالقرب من النقطة التي تتلاقي فيها حدود لوكسمبورج وألمانيا وفرنسا يبلغ عدد سكانها 425 نسمة. وأصبحت القرية شهيرة في 14 يونيو عام 1985 عندما تم التوقيع فيها علي اتفاقية الغاء منهجية المراقبة علي الحدود. وأصبحت الفيزا التي تسمح لحاملها بالتنقل بحرية في دول الاتحاد الأوروبي تعرف باسم فيزا شينجن . والوثائق المطلوبة للحصول علي هذه التأشيرة - عدا نموذج طلب التأشيرة وجواز السفر الأصلي وصورة ضوئية منه وشهادة بالراتب صادرة باللغة الانجليزية من جهة العمل أو مرفقة بترجمة من مكتب معتمد من قبل السفارة وصورتين شخصيتين بخلفية بيضاء ووثيقة تأمين شامل تغطي فترة السفر كلها بما فيها التأمين الطبي- تتضمن تقديم حساب بنكي باللغة الانجليزية يستعرض حركة الحساب في آخر 6 أشهر اضافة الي حجز فندقي مدفوع مسبقا وتذكرة طيران ذهاب وعودة مدفوعة مسبقا كذلك . وبعد تجهيز كل ذلك سيكون عليك طلب تحديد موعد للمقابلة لا مكان فيه مطلقا للارتباطات المفاجئة أو الظروف الخاصة فلن يسمح لك بالحوار أصلا ولابد من الانتظار اسبوعين علي الأقل قبل منحك شرف تحديد موعد لهذه المقابلة "المنشودة " والويل كل الويل لو تأخرت خمس دقائق عن الموعد فستتعرض لخطر داهم بالغاء الموعد والانتظار اسبوعين آخرين ان لم يكن أكثر . أقول ان كل هذه الشروط والعقبات يمكن فهمها مثلا لمن يريد الهجرة الدائمة الي أوروربا أو لمن يطلب تأشيرة للعمل في احدي الدول الأوروبية أو حتي للراغبين في القيام بجولة سياحية يتم تحديد مواعيدها قبلها بفترة . لكن ماذا عن الراغبين في السفر لأمور خاصة بأعمالهم أو الراغبين في زيارة احدي الدول الأوروبية للعلاج مثلا . وهذا هو ما حدث معي فعلي رغم تقديم جميع الأوراق المطلوبة وكشف الحساب البنكي وشهادة الراتب وعلي رغم كوني المدير العام للمؤسسة الاعلامية التي أمثلها في ذلك المؤتمر وعلي رغم تقديم ما يثبت كوني ضيفا رسميا في مؤتمر دولي للتبادل الاخباري التليفزيوني وعلي رغم أن جواز سفري يحمل تأشيرات دخول لنحو 50 دولة بينها الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول أوروبية اخري الا أن المسئول أو المسئولين في السفارة البرتغالية فاجأوني بضرورة وجود دعوة رسمية من المؤتمر لي بالحضور . . وعندما تساءلت في هدوء : وهل لمثلي أن يذهب الي مثل هذا المؤتمر دون أن يكون مدعوا وهل يمكن للموقع الرسمي لتلك المؤسسة الأوروبية الشهيرة أن يضعني ضمن قائمة الضيوف الرسميين دون أن أكون مدعوا ؟.. وهل الدفع المسبق لرسوم الاشتراك في المؤتمر والدفع المسبق لرسوم الاقامة ومقابل تذاكر السفر وشهادة التأمين الشامل غير كاف لاقناع السيد أو السادة المسئولين في سفارة البرتغال بجدية طلبي الحصول علي التأشيرة وأحقيتي في الحصول علي هذه التأشيرة. ومن يعوضني ويعوض شركتي عن كل تلك المصاريف في حال عدم الحصول علي التأشيرة ؟.. وجهت كل هذه التساؤلات للموظف المصري في شباك تلقي المستندات فكان رده أنه ينفذ التعليمات بحذافيرها ولا يمكنه أن يفعل شيئا . نظرت حولي لأجد عددا من الشباب المنتظرين أدوارهم لتقديم الأوراق واكتشفت أنهم جميعا ذاهبون لحضور مؤتمرات خاصة بأعمالهم وليس للسياحة أو لطلب عمل هناك ولكنهم يواجهون نفس العراقيل . فماذا لو كان طالب التأشيرة لا يملك حسابا بنكيا أصلا ومعظم مؤسساتنا تفضل استلام الموظفين رواتبهم نقدا ؟ .. مشكلتي أعتقد - ما دمت لم أستلم التأشيرة "الموعودة " حتي لحظة كتابة هذه السطور - أنه تم حلها بعد الاتصال بالهيئة المسئولة عن تنظيم المؤتمر في البرتغال وقيامهم بالتعامل مباشرة باللغة البرتغالية مع السيد أو السادة المسئولين في السفارة وارسال جميع الموراق المطلوبة لكن السؤال يبقي: اذا كان ما حدث جري معي في ظل ظروفي التي اعتبرها نموذجية وأكثر للحصول علي تأشيرة شينجن فماذا يحدث مع الآخرين الذين لا يملكون مثل هذه الظروف . انني احترم النظام والقوانين التي تستهدف حماية الدول الأوروبية من موجات الهجرة الشرعية أو غير الشرعية القادمة من دول الشرق الأوسط لكنني فقط أتساءل عن الموقف مع من هم في مثل وضعي.. واذا كان هذا يحدث في سفارة البرتغال فماذا عن سفارات دول أوروبية أخري يبدو السفر اليها أكثر اغراء؟!. ان هناك اجراء بسيطا تعاملت معي به من قبل سفارة اليونان وسفارة بلجيكا وسفارة هولندا عندما كان الأمر يتعلق بمهام عمل مفاجئة وهو منحي تأشيرة دخول قاصرة علي الدولة التي أرغب في السفر اليها فقط دون أن يكلفوني ذلك العناء الذي تحملته في سفارة دولة البرتغال التي سبق لي زيارتها بدعوة من رئيس جمهوريتها الأسبق ماريو سواريز قبل نحو 20 عاما.