[email protected] رغم ردود الفعل غير العادية علي ما جاء في الحلقة الثالثة الأخيرة من حوار الأستاذ محمد حسنين هيكل لصحيفة "الأهرام" المنشور صباح الجمعة الماضي بشأن الخرائط الجديدة للشرق الأوسط التي يتم اعدادها لتقسيم العالم العربي والاسلامي بعد طوي الخرائط القديمة وانزالها من علي الحوائط لأنظمة قديمة بشخوصها وشخصياتها. وكذلك وصفه الواضح لما يعرف بالربيع العربي بأنه: " ليس مجرد الربيع العربي تهب نسماته علي المنطقة, وليس مجرد عاصفة تقتحم أجواءه برياحها وغبارها وعتمتها, وإنما هو في ذات الوقت تغيير إقليمي ودولي سياسي, يتحرك بسرعة كاسحة علي جبهة عريضة, ويحدث آثارا عميقة, وأيضا محفوفة بالخطر!! " . ولم يكن وصف الأستاذ هيكل لما يجري اليوم بأنه "لحظة السقوط النهائي، فاذا المشروع يتهاوي كتلا وأحجارا وعوالق وزوائد, لم تكن في الحقيقة تمثله أو تعبر عنه, لأنها كانت رواسب مرحلة " . أقول انه رغم ذلك فإن الحقيقة هي أن ما ورد في حوار الأستاذ هيكل لم يكن جديدا بل سبق تناوله أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية بل انني وفي 9 مارس الماضي نشرت عبر " الأخبار " تفاصيل المخطط الأمريكي الأوروبي للمستشرق الشهير برنارد لويس - الذي اشار اليه الأستاذ هيكل غير مرة - مصحوبا بخرائطه التفصيلية التي تحدث عنها باعتبارها أحد المشروعات التي تتسابق إلي الفراغ . واذا كان الأستاذ اعتبر : " أنه ليس دقيقا إن يقال أن المشروع القومي العربي وقع مع نسف برجي التجارة في »نيويورك 11 سبتمبر 2001 ".. فان كاتبا أمريكيا كبيرا اسمه فريدريك ويليام انجدال في مقال شديد الأهمية نشرته كبريات الصحف الأميركية يوم 5 فبراير الماضي بعنوان : "التدمير الخلاق : ثورة 25 يناير في مصر" أكد أن الخطط العملية الأمريكية للتغيير الاقليمي والدولي كانت بدايتها فور سقوط برجي التجارة في سبتمبر 2001 بلقاء في الملجأ النووي بين كل من الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش ونائبه ديك تشيني من جهة وبين المستشرق الأشهر برنارد لويس من جهة أخري واكتملت تفاصيلها في 2004 عندما وصفت كونداليزا رايس رئيسة مجلس الأمن القومي الأمريكي آنذاك أمام اجتماع للثمانية الكبار المخطط بأنه مشروع الشرق الأوسط الجديد قبل أن تحول وسائل الاعلام الأمريكية المصطلح الي الشرق الأوسط الكبير بعد ظهور قلق من تسمية الجديد بين زعماء المنطقة الذين أبدوا تخوفا من تعبيرات الديمقراطية والحرية واحترام حقوق الانسان في الشرق الأوسط "الجديد" . أما نقطة الاختلاف الأخري بين ما ورد في حوار هيكل "الخطير" من حيث مصدره وبين ما جاء في مقال انجدال فهي أن المحاولات الأمريكية لدفع كل من مصر والسعودية للدخول في صراع مع ايران باعتباره صراعا بين السنة والشيعة أجهضت بسبب رفض كل من نظام مبارك "السابق" والنظام السعودي لمثل هذا التوجه وهذه هي النقطة التي لم يشر اليها الأستاذ مطلقا بل ربما يكون قال بعكسها !. وحول المشروع الغربي يقول الأستاذ هيكل : "المشروع الغربي: وهو أمريكي أوروبي, وهو مشروع يؤرقني فعلا, وأراه أمامي يزحف علي »خطين وبحركة كماشة علي الجناحين تطوق وتحاصر« ويختتم الأستاذ هيكل الحلقة الثالثة "الخطيرة " من سلسلة حواراته بالحديث عن مصر، موقفها، أمنها، مطالبها الاستراتيجية بكثير من الغموض ورغبة في عدم اثارة الفزع لما يخطط لها من مؤامرات خبيثة. في خضم كل ما يحدث في العالم العربي قائلا : " ان مصر في ظل هذه الظروف كلها تبدو مستغرقة بالكامل في مشاكل آنية تقسيم الدوائر الانتخابية.. فردي أو نسبي.. إلي آخره " .. ثم يضيف : " جاءت اللحظة الحرجة من حولنا ونحن مشغولون عنها وكأنها لاتعنينا، مشروع تاريخي ينزاح وهو يستحق, ونظام مستجد يزحف وليس له حق وملفات خطيرة تستبعد, وملفات أخطر تستحضر وحدود ترسم، ومصالح توزع، وعوالم بأسرها تتغير، ونحن هنا ودعونا ننظر إلي عناوين الصحف والإذاعات وشبكات التليفزيون كما رأيناها أمس, وكما سوف نراها غدا " . ويخلص من ذلك الي اقتراح قد يكون مناسبا وحتي لا يتشتت تركيزنا بين الداخل والاقليم, بإنشاء مجلس أمن قومي مصغر من داخل المجلس الأعلي للقوات المسلحة أو بجانبه, ويكلف بمتابعة ما يجري من حولنا, ويساعد علي تحديد حركتنا إزاءه, لأن ما يجري الآن سوف يقرر مستقبل المنطقة وشعوبها لعشرين سنة قادمة علي أقل تقدير!!. وأعتقد أن هذا الاقتراح هو اقتراح علي درجة كبيرة من الأهمية ولا يمكنه الانتظار حتي لا تتعدل خريطة مصر دون ادراك منا لمن سيغيرها أو للأسباب التي ستؤدي الي تعديلها في غفلة من هؤلاء "المصريين" المأخوذين - برغبتهم أو رغما عنهم - بتوزيع الغنائم والأدوار أو بالتافه من أمور الماضي ومحاولة تحقيق المكاسب ولو علي حساب الوطن من خلال اضرابات تتلوها اضرابات واعتصامات تعقبها اعتصامات وانتخابات تسبقها انتخابات فيما خطر تمزيق الوطن يبدو ماثلا أمام أصحاب البصيرة فيما هو غائب عمن يملكون العيون المبصرة بلا بصيرة . واذا لم يكن الأستاذ محمد حسنين هيكل قرأ المقال التحليلي المفصل للكاتب الشهير ويليام انجدال الذي يحدد الخطوات والأدوار التي قامت بها المخابرات الأمريكية ووزارة الدفاع "البنتاجون " والخارجية الأمريكية بمنظماتها ذات التسميات المختلفة مع أشخاص وشخصيات وجماعات وجمعيات في داخل مصر فإنني أعتقد أنه لابد من نشر كل المعلومات في هذا المقال علي أوسع نطاق .كما ينبغي أن يخصص الاعلام العربي مساحات كبيرة لتعريف الشعوب العربية بتفاصيل المخطط الشيطاني لبرنارد لويس لتفتيت العالمين العربي والاسلامي حتي نفيق من الغفلة . ولعل ما جري في العراق والسودان ثم ما جري في تونس ومصر وليبيا وما يجري حاليا في سوريا واليمن والبحرين وما بدأ في الكويت منذ أيام وينذر بأخطار كبيرة يدفع العرب جميعا الي سرعة التفكير كذلك في انشاء مجلس أمن قومي عربي للبحث فيما يخبئه المستقبل من مفاجآت . حفظ الله مصر وطنا للعدل والحرية والأمن والأمان .