فاجأنا بنجاحه المذهل، وبدا واثقاً منذ يومه الأول، كل شيء معد جيدا، بعض الهنات فقط هنا وهناك، ولكن المجمل العام باهر بحق، يكفي أنه ألحق الخزي بهؤلاء الذين راهنوا علي فشله من قبل أن يبدأ، بل ومنذ أعلن عن نقله إلي مقر جديد ظل المغرضون يشككون - كعادتهم دائما - في بقائه علي قيد الحياة طويلا بعيدا عن بيئته المألوفة، أتحدث عن معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي اختتم فعالياته مساء أمس الأول، وسط أجواء تؤكد نجاحه وفق مؤشرات قوية، فعدد زواره فاق التوقعات، ومبيعات الكتب تضاعف بحسب تصريح الناقد د.هيثم الحاج علي رئيس هيئة الكتاب الجهة المنظمة للمعرض، وهذا الحدث الثقافي العريق في ذاته، وعبر دوراته المتعاقبة تأكيد علي أن عشاق المعرفة والمغرمين بالقراءة يعدون بالآلاف، وأن الكتاب الورقي لايزال ذا بريق ومؤثرا في محيطه، والدورة الذهبية بذلك الحشد الهائل الذي استقبلها واحتفي بها دليل جديد علي أن الباحثين عن المعرفة في مصادرها الأصيلة، ومعينها العذب هم ألوف مؤلفة، أما الموتورون الذين يؤذي نفوسهم أن ينجح الأصلاء أصحاب العراقة والمجد، فقد تمرغوا في وحل الإحباط، توقعوا الخراب، فجاءهم ما يتمنونه معكوسا نجاحا باهرا، وصدي مذهلا، وحق لهم أن يبكوا، فما تشوقوا لحدوثه، جاء نقيضه تماما، واختفاء الضجيج في دورة هذا العام يحسب للمعرض، فلا مكبرات صوت في كل مكان كما كان يحدث في أرض المعارض القديمة، فقط الإذاعة الداخلية في القاعات المصممة بأناقة وبصورة عملية، ولا يرتفع صوتها إلا لضرورة، بدلا مما كان يحدث في مكانه القديم، مكبرات مزعجة في كل مكان، وكان بعضها يعلن عن "الأمشاط والجوارب"، الآن أصبح الأمر حضاريا علي عدة أصعدة، بدءا من البوابات المخصصة للدخول والخروج، حتي الأرفف الحاملة للكتب، ولا يعني ذلك اختفاء السلبيات، بل هناك أوجه قصور، وعيوب لابد من تداركها في الدورات المقبلة، وأهمها: أهل السبوبة من مرتزقة الأدب والثقافة وحملة الأقلام الشرهة التي تشبه خناجر البلطجية، وأقول لرئيس هيئة الكتاب: كن حاسما في استبعاد هؤلاء من برنامج الندوات والفعاليات، فهم وباء يجب إيقاف انتشاره.