عمال السكة الحديد.. عمال الغزل والنسيج.. سكان العشوائيات.. المعوقون.. فئات كثيرة تضرب وتدخل ميدان التحرير منذ قيام الثورة.. كلهم مشاكلهم تمتد ربما لعشرين عاما وبعضهم لعشرة أعوام!!! كلهم كوم والأطباء كوم والمعلمون هم الكارثة الإنسانية!!! المعلمون الذين نسحب منهم بكل ارتياح لقب »أصحاب الرسالات« في بيت الشعر »قم للمعلم وفه التبجيلا- كاد المعلم أن يكون رسولا« كانت مفاجأة للجميع خصوصا من انكووا بنار الدروس الخصوصية والتي تحولت إلي »سبوبة للاثراء« وصل بعضهم في المدارس الأجنبية إلي مبلغ ثلاثمائة جنيه للساعة في الكيمياء أو الطبيعة..!!!! ولا ستميت علامة تعجب تنفع.. ولدي وثيقة بأسماء المدرسين لو أردتم!! وبعضهم يكتفي بإعطاء الدروس في مراكز الدروس الخاصة »المجاميع« لغير القادرين والذين يدفعون في الحصة خمسين جنيها وبلغت الدرجة أن احد المدرسين أبلغ المجموعة التي يعطيها الدروس أنه لن يأخذ نقودا وإنما يريد في آخر العام مقدم سيارة أي خمسين ألف جنيه!!! ولدي وثيقة باسم المدرس والمركز الذي يدرس فيه.. هذا الأسلوب من أساليب أصحاب الرسالات أوصل الغلابة من المعلمين وما أكثرهم في بلادنا إلي الحقد والكراهية لحياتهم وكذلك المقارنة بينهم وبين غيرهم، المشكلة عند المعلمين »وكنت من الذين كتبوا فيها منذ خمسة عشر عاما« المشكلة قديمة جدا وقد اقترحت علي أحد وزراء التعليم زيادة مصروفات المدارس خمسة جنيهات لكل تلميذ وسوف يكون المحصول كبيرا يكفي لرفع المرتبات ولكن معالي الوزير رفض »وكان محقا« لرصده أن الغلابة لا يستطيع أولادهم دفع ثلاثين جنيها فما بالك بخمسة وثلاثين!! إن ملايين التلاميذ المنتظرين لبداية العام الدراسي بسعادة أحبطهم إضراب المعلمين.. يبدو أن هذه الاضرابات خصوصا المعلمين أصحاب الرسالات السامية كان من رسالتهم ضرب الثورة وإلا فلماذا لم يضربوا منذ عام؟ أو منذ عامين؟ التوقيت الذي اصروا عليه للاضراب ينفي عنهم تماما قدسية رسالة التعليم ويجردهم تماما من علاقة المعلم بالتلميذ ويسحب منهم احترام التلاميذ لهم.. إن اضراب المعلمين فيه انتهازية وضغط علي الدولة ولو كانت الدولة قوية لرفضت إضرابهم واعطت التلاميذ عطلة شهرا وعينت آلاف المتعلمين بلا عمل مكانهم وسوف يقول البعض معقول ماما نعم تقول عينوا غير تربويين؟. ومن قال إن هؤلاء -الذين اضربوا ومازالوا يضغطون وكانوا مضغوطين لأعوام طويلة -تربويون؟ ولا يحملون هم قرة أعين الوطن لقد اصبحت بعد أن كنت اعنف أي ولي أمر أو تلميذ يحمل أي إدانة للأستاذ أصبحت أحمل كل آسف.. والأطفال والمراهقون ينفلتون في الشوارع كالجرذان والمعلمون يبحثون عن مصالحهم المهدرة وأؤكد أنها مهدرة وأنهم علي حق ولكن موعد الإضراب في بداية العام الدراسي وفي وقت تُضرب فيه الثورة بكل أنواع الضرب سواء الانفلات الأمني أو المحاكمات كأنه انفلات تعليمي بتعمد لضرب الثورة في مقتل.. لا استطيع أن اصدق أن هؤلاء مهما كانت أحوالهم المادية أصحاب رسالة فأصحاب الرسالات لا يتخلون عن رسالتهم.. كنت أنتظر منهم أن ينظموا الصفوف وينظموا الاجتماعات مع الوزير طوال الإجازة الصيفية وممكن ان يهددون بالاضراب ولكن أن يتذكر طفل أو طالب مراهق أو تلميذ ثانوي أنه في حياته بدأ عامه الدراسي بتهديد الدولة بالاضراب عن التعليم وهناك خطأ لا يعفيهم من هذه الخطيئة وهو أنهم يعلمون جيدا ان الفساد طفح في مصر وان الفاسدين ليسوا في طره بل من الممكن ان يكون سكان طره أقل الناس فسادا ولكن الذين كانوا يستفيدون من الكبار هم مثل الكلاب الذين منع عنهم الطعام فصاروا يعقرون كل من حولهم. مبرر واحد يرسله لي أي معلم لسكوتهم هذه الأعوام ثم يطلعون هذه الطلعة إلا إذا كانوا قد أخذوا وعودا وردية بقناطير مقنطرة من الذهب والفضة لو سقطت الثورة وعاد الرموز ليأخذوا ما يريدون! إن المعلمين وكذلك الأطباء ولو أن الاطباء كانوا أكثر رحمة فقد وضعوا حدا لاضرابهم بفتح مركز الاسعافات في كل المستشفيات وكذلك حجرات الانعاش فلم يتخلوا عن الحاجات الملحة أقول إن المعلمين لو كان لديهم أي مبرر لسعارهم هذه الأيام وسكوتهم منذ عام واحد فقط لقصفت قلمي وتوقفت عن الكتابة ولو كانوا أضربوا من قبل لما كانت إدانة لهم الاضراب في أيام هوان الثورة!! لا اعتقد ان لديهم مبررا واحدا سوي ضعف المؤسسة الحاكمة واستجابتها دون دراسة لمطالب كثيرة وكان أصحابها سكوتا عنها قبل الثورة.. واعتقد ان كل هؤلاء كانوا مرضي بتعذيب النفس وأفاقوا فجأة علي الحرية وتغيير النظام. أشياء كثيرة جدت علي أخلاق المصريين وهي الافاقة علي الاهانات في غير وقتها.. والافاقة علي القهر في وقت تغير فيه النظام ولكن لم تترتب الأوراق ولا البيت المصري بعد.. من حظ العهد البائد ان ذاكرة الشعب المصري اصبحت »ملخبطة« لدرجة ان أزمة المرور والتي كانت سبوبة لقهره والاصرار علي حقيبة الاسعاف والمثلث ثم المخالفات التي تصل إلي ألف جنيه وقد كتبنا في حينها انها جباية صريحة وواضحة.. إن أزمة المرور مر عليها أكثر من عشرة أعوام!! وكذلك أزمة الخبز والناس الذين كانوا يموتون صرعي الرغيف! لعل حكومة الدكتور شرف تحدث لها إفاقة ولا يخضعون لهؤلاء المضربين الدائمين وكأنها عدوي ولعل هناك شجاع يطلع عليهم ليقول لهم لماذا لم تضربوا منذ أعوام؟ لقد عادت الطوارئ بفعل فاعل.. ولعلها ترجع إلي قلوبكم الرعب الذي اسكتكم أعواما!! صدقوني أنا طوال عملي الصحفي كنت أقدس المعلمين وأكتب للتلاميذ في باب الأطفال لماذا كاد المعلم أن يكون رسولا.. ولكن بعد هذه الاضرابات عن تعليمهم اعتذر لهم واعتذر من أجلكم!! قبل الطبع التحية للملك والتهنئة لنساء السعودية تتكاثر الأحداث والعناوين طوال الأسبوع ولكني لم استطع وانا استمع إلي خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في افتتاح مجلس الشوري هناك ان امنع نفسي من الاتصال بالعزيزات حسن شاه وآمال بكير وشقيقتي شهيرة لاعلنهن بالخبر المفاجأة.. وهو اعلان جلالة الملك ان المرأة من حقها عضوية مجلس الشوري من العام القادم ومن حقها خوض انتخابات المجالس البلدية.. ومنذ أعوام قبضت الشرطة السعودية علي سيدات في الرياض بسبب قيادتهن السيارات وجئن إلينا في مصر لننضم اليهن في المطالبة بحقهن في قيادة السيارات.. وجاء الملك وأشركهن بشجاعته المعهودة في قيادة الأمة.. تهنئة من القلب.. لشجاعة الملك ومشاركة المرأة السعودية في الحياة السياسية.