اشتعل الجدل واحتدم النقاش.. وتهاوي التجمع الوطني في حفرة الخلاف والشقاق، وتشرذمت القوي الوطنية التي توحدت في مصريتها وذابت في قوميتها في ميدان التحرير، ودخلنا في سباق محموم، واستقطاب سياسي وديني غير مسبوق، وخلافات حادة وعميقة وكان لابد من رجل عاقل رشيد يعيد الأمور إلي نصابها، ويرفع راية الوحدة الفكرية، يوحد الآراء، ويلملم الجميع، ويزيل من الساحة أطياف العنصرية والجموح الفكري الذي يستبد ببعض القوي فيذهب بها بعيدا خارج الدائرة في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلي أن تحتوينا تصهرنا في فكر واحد وتجمعنا علي مبدأ قويم، ويضع حلا حاسماً لأزمة المبادئ الحاكمة للدستور ليعود القلب ينبض بقوة يدفع بالدماء العاقلة في عروق الجسد لتمده بحرارة عشق الوطن، والحرص علي وحدته والقدرة علي مقاومة كل الخلافات التي تضعف قوته لتجتمع مصر بكل أطيافها وتياراتها السياسية علي مائدة الأزهر الشريف بمبادرة رائعة وطنية من إمامه الاكبر الدكتور أحمد الطيب لمناقشة وثيقة الأزهر التي أكدت علي وحدة الوطن وحقوق المواطنة والمساواة. نقاش بهدوء وعمق فنحن في رحاب المنارة المصرية التي لعبت وتلعب دائما الدور الديني والوطني المهم باعتداله ووسطيته وتؤكد علي قيم الإسلام العليا التي لا تتناقض مع قيم العدالة والمساواة ومدنية الإسلام حيث لا يوجد ما يسمي بالدولة الدينية لكن وفقط توجد حرية العقيدة وحرية ممارستها ونبذ التمييز بين مواطن وآخر بسبب جنس أو لون أو عرق أو دين أو مذهب فكلنا لآدم وآدم من تراب ويكون الأزهر كما قال عنه شيخه الطيب »ليس مجرد شيخ إنما هو رسالة وسطية سطعت علي الكرة الأرضية علي مدار أكثر من ألف عام ولاتزال« وفي رحاب الأزهر كان التجمع السياسي الأكبر لمناقشة وثيقة الأزهر لتكون استرشادية عند وضع الدستور وميثاق شرف يلتزم به الجميع ويعلن الدكتور الطيب أن الأزهر لا يخوض غمار العمل السياسي ولا الحزبي لكنه يحمل علي كاهله دوراً وطنياً ويكون الدكتور أحمد الطيب هو رجل المواقف الصعبة الذي أعطي بهدوئه وقوة شخصيته وعمق إيمانه وتنوع ثقافته، وجرأته في الحق، أعطي للأزهر دوراً رائداً جديداً يحظي باحترام الجميع.