الغالبية العظمي من الناس، وباستثناء المتخصصين من رجال القانون، والبعض ممن لديهم إلمام عام بالثقافة القانونية، والقضائية، يتصورون ان كلمة علانية المحاكمات تعني ان تكون مذاعة أو مرئية، من خلال البث المباشر علي الهواء في الاذاعة والتليفزيون،..، وهذا تصور خاطيء، وتلك رؤية غير صحيحة علي الاطلاق. فالاصل في المحاكمات، ان تكون علنية، بمعني ألا تكون مقصورة علي حضور الاطراف المتصلة بالقضية فقط،...، بل تكون متاحة الحضور لكل من يريد من ابناء الشعب، سواء كان مهتما او متابعا، أو غير ذلك،..، وهذا هو المعمول به في جميع المحاكمات، الا اذا كانت هناك أسباب تدعو لغير ذلك. ولا تكون المحاكمة سرية علي الاطلاق، إلا بناء علي قرار من القاضي، اذا ما توافرت لديه الاسباب لذلك، وتأتي علي رأس الاسباب الداعية لسرية المحاكمات، قضية الامن القومي، أي اذا كانت هناك معلومات أو اخبار سيتم تداولها في القضية، أو ستأتي علي ألسنة الشهود، تتصل بالامن القومي للدولة. وهناك ظرف آخر، قد يري فيه القاضي مبررا لسرية الجلسات، وهو ان تكون هناك بعض المعلومات او الاقوال، التي سيتم تداولها في القضية محل النظر، ويري القاضي ضرورة عدم تداولها في العلن نظرا لما ستسببه من خدش للحياء العام، وذلك في القضايا ذات الاتصال بالسلوك الانساني والقيم الاخلاقية. وباستثناء هاتين الحالتين،..، الحفاظ علي الامن القومي، ومراعاة القيم الاخلاقية، فإن الاصل في كل القضايا، وجميع الجلسات، انها علنية، أما مسألة اذاعة الجلسات أو بثها علي شاشات العرض والقنوات الفضائية، فذلك أمر آخر،..، وتدخل فيه اسباب ودواع مختلفة، وهو متروك في جملته وتفصيله لسلطة المحكمة، ورؤية القاضي، وقراره. وفي هذه الحالة إذا ما رأي القاضي ضرورة للبث والإذاعة، اتخذ قراره بذلك، وإذا ما رأي أن المصلحة العامة تقتضي وقف هذا البث، اتخذ قراره بذلك،...، وهذا ما فعله رئيس المحكمة في قضية الرئيس السابق.