تنسيق الجامعات 2025.. موقع التنسيق يفتح باب التقديم بالمرحلة الأولى    لجنة للمرور على اللجان الانتخابية بالدقهلية لبحث جاهزيتها لانتخابات الشيوخ    «طنطاوي» مديرًا و «مروة» وكيلاً ل «صحة المنيا»    سوبر ماركت التعليم    مفتي الجمهورية السابق يوجه رسائل عاجلة لأهالي البحيرة قبل إنتخابات مجلس الشيوخ    في عامها الدراسي الأول.. جامعة الفيوم الأهلية تعلن المصروفات الدراسية للعام الجامعي 2025/2026    أسعار الفاكهة والموز والمانجو بالأسواق اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 بالصاغة.. وعيار 21 الآن بعد الانخفاض الكبير    مصدر بالكهرباء: انقطاع التيار بالجيزة مستمر لحين تركيب الدوائر الجديدة    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الثلاثاء 29 يوليو 2025    محمد معيط: العام المقبل سيشهد صرف شريحتين متبقيتين بقيمة تقارب 1.2 مليار دولار لكل شريحة    تغيير في قيادة «إجيماك».. أكرم إبراهيم رئيسًا لمجلس الإدارة خلفًا لأسامة عبد الله    أخبار 24 ساعة.. انطلاق القطار الثانى لتيسير العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    خروج محطة محولات جزيرة الذهب بالكامل مرة أخرى وانقطاع الكهرباء عن الجيزة    إيران ترد على ادعاء ترامب حول تدخل طهران في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة    تليجراف: ستارمر سيعلن عن خطته للاعتراف بدولة فلسطينية    الرئيس الفلسطيني يثمن نداء الرئيس السيسي للرئيس الأمريكي من أجل وقف الحرب في غزة    ارتفاع حصيلة الشهداء فى غزة إلى 59 ألفا و921 والإصابات إلى 145 ألفا و233 منذ بدء العدوان    وزير الخارجية السعودي: لا مصداقية لحديث التطبيع وسط معاناة غزة    أبو الغيط من مؤتمر نيويورك: لا سبيل إلى تحقيق السلام الإقليمي الدائم إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية على حدود 67    عبور قافلة مساعدات إنسانية إلى السويداء جنوب سوريا    «مقترح أوروبي» بفرض قيود على تمويل الأبحاث الإسرائيلية    مجلس إدارة الزمالك يشكر الرئيس عبد الفتاح السيسى على موقفه الإنسانى تجاه حسن شحاتة    الأهلى يناقش تطورات عروض رحيل رضا سليم فى الميركاتو الصيفى    أحمد فتوح يتسبب بأزمة جديدة في الزمالك.. وفيريرا يرفض التعامل معه (تفاصيل)    الأهلي يضغط على نجمه من أجل الرحيل.. إبراهيم عبدالجواد يكشف    قرار مفاجئ من أحمد عبدالقادر بشأن مسيرته مع الأهلي.. إعلامي يكشف التفاصيل    تراجع طفيف في درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025    تشييع جثمانى طبيبين من الشرقية لقيا مصرعهما فى حادث على الدائرى.. صور    السيطرة على حريق كابينة كهرباء بعزبة النخل.. وعودة التيار خلال دقائق    النجاح له ألف أب!    «قد تُستخدم ضدك في المحكمة».. 7 أشياء لا تُخبر بها الذكاء الاصطناعي بعد تحذير مؤسس «ChatGPT»    ضبط 400 علبة سجائر مجهولة المصدر بمركز المنشاة فى سوهاج    حفل العيد القومى لمحافظة الإسكندرية من داخل قلعة قايتباى.. فيديو    تحولات مهنية قادمة.. حظ برج العقرب اليوم 29 يوليو    نوسة وإحسان وجميلة    تعرف على برجك اليوم 2025/7/29.. «الحمل»: تبدو عمليًا وواقعيًا.. و«الثور»: تراجع معنوي وشعور بالملل    أحمد صيام: محبة الناس واحترامهم هي الرزق الحقيقي.. والمال آخر ما يُذكر    أهم الأخبار الفنية على مدار الساعة.. الرئيس اللبنانى يمنح زياد الرحبانى وسام الأرز الوطنى رتبة كومندور.. وفاة شقيق المخرج خالد جلال.. منح ذوى القدرات الخاصة المشاركة بمهرجان الإسكندرية مجانا    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    للحماية من التهاب المرارة.. تعرف على علامات حصوات المرارة المبكرة    من تنظيم مستويات السكر لتحسين الهضم.. تعرف على فوائد القرنفل الصحية    لها مفعول السحر.. رشة «سماق» على السلطة يوميًا تقضي على التهاب المفاصل وتخفض الكوليسترول.    حزب مستقبل وطن بالبحيرة يدعم المستشفيات بأجهزة طبية    جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية تُقدم خدماتها الطبية ل 476 مواطناً    16 ميدالية، حصاد البعثة المصرية في اليوم الثاني من دورة الألعاب الأفريقية للمدارس    حرائق الكهرباء عرض مستمر، اشتعال النيران بعمود إنارة بالبدرشين (صور)    في لقاء نادر، ماذا قال عمرو دياب عن زياد الرحباني؟ (فيديو)    قرار من خوسيه ريبيرو بخصوص مباراة إنبي الودية اليوم    مي كساب بإطلالة جديدة باللون الأصفر.. تصميم جذاب يبرز قوامها    "شوية مطبلاتية".. تعليق قوي من أحمد عبد القادر على أنباء فسخ تعاقده مع الأهلي    ضبط مصنع غير مرخص يعيد تعبئة زيوت طعام مستعملة ببني سويف (صور)    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    بدء الدراسة بجامعة الأقصر الأهلية.. رئيس الجامعة والمحافظ يعلنان تفاصيل البرامج الدراسية بالكليات الأربع    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    انتخابات الشيوخ بين الدعاية المفرطة.. والبرامج المجهولة!!    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوزان تميم والعبارة والتحرش.. قضايا "تنتظر" البث المباشر
نشر في أخبار مصر يوم 25 - 10 - 2008


حق من حقوق الإنسان
العبرة بالحكم النهائي
الأزمة المالية العالمية أهم
تحقيق: إيمان التوني
"سوزان تميم" و"التحرش الجنسي" و"العبارة السلام 98" .. قضايا اهتم الرأي العام بمتابعتها وبالاطلاع على جلسات المحاكمة دون الاكتفاء بمجرد معرفة الحكم النهائي، سواء جاء الحكم موافقا لرغبة الشارع كما في قضية "التحرش" التي حكم فيها بالسجن 3 سنوات مع الشغل للشاب المتحرش وتعويض مؤقت 5 آلاف جنيه للمتحرش بها، أو عندما جاء الحكم صادما لرغبة جموع الشعب كما صدر في قضية "العبارة" ببراءة مالكها "ممدوح إسماعيل".
وبينما تجري حاليا جلسات محاكمة رجل الأعمال المصري "هشام طلعت مصطفى" والضابط السابق "محسن السكري" في قضية قتل الفنانة اللبنانية "سوزان تميم" في دبي، طالب البعض بنقل وإذاعة جلسات المحاكمة لهذه القضية وغيرها من القضايا التي تهم الرأي العام على الهواء مباشرة، لكن هذا المقترح ووجه بالانتقاد والرفض، وبدا الشارع منقسما بين التأييد والرفض.
ولم يختلف الحال على صعيد خبراء القانون الذين اختلفوا في الرأي، رغم إجماعهم على وجوب علنية الجلسات وفقا لنص القانون. فقد أيد كل من المستشار مرسي الشيخ رئيس محكمة الاستئناف سابقا رئيس مركز العدالة والدكتور عبد الغني محمود أستاذ ورئيس قسم القانون الدولي بجامعة الأزهر نقل وقائع المحاكمة على الهواء في الفضائيات ليتمكن الرأي العام من متابعة ملابساتها بموضوعية كحق للشعب وتحقيقا للردع وضمانا للعدالة، بينما أبدى كل من الدكتور أحمد رفعت أستاذ القانون الدولي رئيس جامعة بني سويف السابق والدكتور أحمد أبو الوفا أستاذ ورئيس قسم القانون الدولي بجامعة القاهرة اعتراضهما على النقل المباشر لجلسات المحاكمة منعا للتشهير بالمتهم قبل إدانته من جهة والتشويش على القاضي من قبل الرأي العام من جهة أخرى.
وسيلة ضغط على القاضي
وقال المستشار مرسي الشيخ إن القانون يوجب أن تكون الجلسات علنية لأن الرقابة هي رقابة شعبية والأحكام تصدر باسم الشعب، بالتالي على الشعب أن يعرف ماذا يدور بالجلسات، مؤكدا أن إذاعة وقائع المحاكمة للشعب على الهواء مباشرة هي للصالح العام. وأضاف أن قضية مثل "التحرش الجنسي" لابد وأن تذاع على كل أجهزة الإعلام حتى تصل إلى المواطن الجاهل البسيط، الذي لا يفهم أن التحرش والاعتداء على البنات في الشارع هي أفعال مجرمة وسلوك يسيء للدولة وللسياحة وللمجتمع، فبعض هؤلاء الشباب المتحرشين بالبنات يعتقدون أنها شطارة والبعض يفعل ذلك ويراه شيئا عاديا، إذن يجب إذاعة مثل هذه القضايا على الرأي العام كله.
هشام طلعت مصطفى في قفص الاتهام
كما أكد "الشيخ" تأييده لنقل جلسات المحاكمة الخاصة بقضية "سوزان تميم" على الهواء على شاشات الفضائيات، مبررا ذلك بأنها قضية خطيرة اختلطت فيها السلطة بالثروة، قضية المتهم فيها ضابط سابق من ضباط أمن الدولة المسئولين عن حماية الوطن وآخر مسئول هو عضو لجنة السياسات في الحزب الحاكم ورئيس لجنة الإسكان في مجلس الشورى وعضو بالمجلس ومن كبار المستثمرين الذي حصل من البنوك على مليارات، فلابد أن نرى ونعرف أين ذهب هذا المال، مشيرا إلى أنه ليس من حق "هشام طلعت مصطفى" تبديد أمواله التي هي بالأساس ثروة قومية لا يجب أن تكون محلا للعبث، مشددا على أن متابعة جلسات هذه القضية من حق الشعب. وأوضح ضرورة أن تكون للدولة رقابة على هذه الثروة، وعلى المشرع أن يتدخل ليضع القيود على أموال البنوك قبل أن يعلن المتهم إفلاسه وتهرب الأموال إلى سويسرا، مثل هروب نواب القروض.
وعن نوعية القضايا التي تقتضي السرية، قال المستشار إن كلمة القاضي أو الدائرة التي تحاكم هي التي تقرر سرية الجلسة، إذا كان بها مرافعات أو أمور تتعلق بالنظام العام، الذي يعني الأمن القومي وغيره كأن تتعلق القضية بالجيش أو بالأمن العام أو بقيادات سيادية كبيرة أو بالآداب العامة التي قد يذكر فيها أشياء لا يصح أن تعرض على الرأي العام لأنها تخدش الحياء. وأعرب عن أمله لو أن قضية "العبارة السلام 98" نقلت للرأي العام على الهواء مباشرة، مشيرا إلى أن مسألة إذاعة الجلسات هذه لم تثر إلا بسبب قضية "سوزان تميم"، مؤكدا أنه مع النقل المباشر لوقائع المحاكمات. وقال إننا في مصر ليس لدينا سوابق كهذه، لكن دوليا كل شيء يسجل ويذاع فمحضر الشرطة الذي يحرر في أقسام أوروبا يسجل فيديو. أما عن المحاكمات في الولايات المتحدة والتي لا يسمح بالتصوير فيها حتى فوتوغرافيا حيث يكتفى برسم لهيئة المحكمة والمتهم، أوضح أن هذا يكون في قضايا معينة لوجود ضمانات للمتهم وحقه ألا يشهر به.
ورفض المستشار "مرسي الشيخ" المبرر الذي يقوله المعارضون لفكرة نقل المحاكمات على لهواء من أن إذاعة الجلسات تدفع الرأي العام لأن يحكم مسبقا ما قد يؤثر على القاضي. وقال "الشيخ" إن الرأي العام ليس من اختصاصه أن يحكم بل عليه أن يتابع فقط وإن حكم فهذا لا يؤثر على القاضي أبدا، لأن القاضي متخصص كالطبيب، فإذا أذيعت عملية جراحية بعينها بالتأكيد لا أحد يتدخل في يد الطبيب ولا في المشرط الذي يمسك به ولا في علمه، والقاضي شأنه شأن الطبيب فهو رجل عالم في القانون وله خبرة قضائية وحالف يمين أن يحكم بين الناس بالعدل. وأكد أن القضاة لا يتأثرون بالرأي العام ولا يعنيهم كلام الإعلام ولا يؤثر فيهم، فالقاضي المحترم العاقل العادل لا يهتز من أي رأي آخر وكلمته هي الأخيرة. ورأى المستشار أن إذاعة جلسات المحاكمة للرأي العام على الهواء مباشرة تمثل وسيلة ضغط على القاضي تجعله أكثر انضباطا وتدفعه لأن يكون أكثر التزاما لأن الكل يراه، وبالتالي سيكون أكثر عدلا، موضحا أن من شروط المحاكمة أن تكون عادلة وناجزة ومنصفة وعلنية.
حق من حقوق الإنسان
واتفاقا مع الرأي المؤيد لنقل وقائع جلسات المحاكمة المتعلقة بقالضايا التي تهم الرأي العام، جاء رأي الدكتور "عبد الغني محمود" الذي عد ذلك حقا من حقوق الإنسان. وقال إن علنية الجلسة سواء بفتح باب المحكمة للجمهور وللصحفيين أو بإذاعتها على الهواء مباشرة يجعل الرأي العام على علم بكل ما يجري في المحكمة، وهذا أضمن لأن يحاكم المتهم وفقا للتقاليد والقواعد والأعراف القانونية التي نص عليها القانون الدولي والقانون الوطني.
وأوضح أنه في بعض الحالات يرى القاضي أن من مصلحة المتقاضين أن تكون الجلسة سرية، كما الحال في محكمة الأسرة حرصا على التوفيق بين الزوجين ومراعاة لمصالح الأولاد، لأن تبادل الاتهامات بين الزوجين قد تكون في أمور تمس بالأسرة والأطفال، فعليه يجب ألا تكون الجلسات علنية كي لا يتضرر الطفل الصغير، وحتى إذا تم رأب الصدع وتصالح الزوجان فلا داعي أن يعرف الأبناء ماذا فعل الأبوان، وهنا السرية تكون لمصلحة المتقاضين. أما قضيتا "سوزان تميم" و"التحرش الجنسي" فهما من القضايا التي تمس الصالح العام في الصميم، ويجب فيها العلنية لا السرية.
نهى رشدي صاحبة البلاغ في قضية "التحرش الجنسي"
وأضاف الدكتور "محمود" أنه في "التحرش الجنسي" وخدش حياء الأنثى وتسكع الشباب في الشوارع الذي بلغ حده بحيث أصبحت البنات والسيدات غير آمنات على أنفسهن حتى في وضح النهار، فهذه جريمة تقع على المجتمع برمته، ولا يمكن أن يرتدع مثل هؤلاء الشباب إلا بمحاكمة عادلة وعلنية وسريعة فالعدالة البطيئة ظلم. وهنا تأتي أهمية إذاعة جلسات مثل هذه القضية على الهواء، لأنها بذلك تحقق الردع والزجر، فالعقوبات في الشريعة الإسلامية تتضمن أولا: التأديب والمعاقبة وثانيا: الردع حتى لا يعود المذنب إلى هذا العمل ثانية. وتمنى لو أن أحد الذين سرقوا أموال البنوك وهربوا بها للخارج تم تسليمه عن طريق الإنتربول الدولي وتعاونت الدول في مكافحة الجريمة وحوكم في ميدان عام أو أمام الرأي العام من خلال نقل محاكمته على الهواء وأنزلت به العقوبة، لأن ذلك سيكون أمرا رادعا يمنع تكرار هذه الجريمة.
وأشار الدكتور "عبد الغني محمود" إلى واقعة شبيهة في محكمة السويس تحديدا حيث قامت بعض قنوات التليفزيون الحكومية بتسجيل بعض الجلسات، وأجريت اللقاءات مع المتهمين والمحامين أثناء المداولة، وبثت بالفعل لقطات حية من المحاكمة، ثم أذيع خروج هيئة المحكمة من غرفة المداولة ونطقها بالحكم. وأكد أنه كلما يرتقي المجتمع، كلما يعرف الشعب حقوقه، كلما صارت المحاكمات علنية وعلى الهواء مباشرة.
وقال إن المحاكمة العلنية هي ضمان للمتهم، وما دامت المحكمة تفتح أبوابها للجمهور والصحفيين والمحاميين وطلبة الحقوق الذين يذهبون إلى قاعة المحكمة برفقة مدرس مساعد كنوع من التدريب العملي لهم فإن إذاعة المحاكمات على الهواء - وفقا لذلك - تعد أمرا طبيعيا، مشيرا إلى أنه تناول حقوق الإنسان المدنية في أحد كتبه – والذي أعده باللغة الإنجليزية - ومن بين هذه الحقوق المحاكمة العادلة ومن أوصافها أن تكون علنية رادعة، مؤكدا أن نقل وقائع جلسات المحاكمة على الهواء مباشرة يجعل الفضيحة "بجلاجل" وبالتالي يتحقق الردع، فضلا عن أنه يلزم القاضي بالقراءة والتفحص وتحري الدقة أكثر ومن ثم تتحقق العدالة المطلوبة.
العبرة بالحكم النهائي
وعلى النقيض، أكد الدكتور "أحمد أبو الوفا" أنه ضد نقل المحاكمات على الهواء مباشرة من خلال شاشات التليفزيون، فهو لا يرى أهمية في متابعة الرأي العام لتفاصيل المحاكمة، لأن العبرة في النهاية بالحكم الذي يصدر. وقال إذا كان الحكم رادعا ويرجع الحق إلى نصابه ويعطيه لأصحابه فهذا الذي يحقق ما يسمى بالردع لدى الآخرين، فما يهم الناس هو معرفة الحكم النهائي وليس متابعة الجلسات بالكامل. وتساءل ما الفائدة من متابعة الجلسات إذا جاء الحكم ضعيفا؟!
وأضاف أن الأساس في جلسات المحاكمة أن تكون علنية، إلا إذا رأت المحكمة غير ذلك لأسباب تتعلق بالآداب العامة أو أمن الدولة، مشيرا إلى أن العلنية هنا تعني الحضور إلى قاعة المحكمة، التي تبقي بابها مفتوحا حتى تمتلئ بالناس العاديين والمحاميين والصحفيين الذين يحررون وقائع الجلسة ويلخصونها في الصحف المقروءة ليطلع الناس عليها. ورفض الدكتور "أبو الوفا" الرأي القائل بأن إذاعة الجلسات على شاشات التليفزيون يضمن الموضوعية أكثر من التحرير الصحفي، وقال هذا غير مقبول لأن من المفترض أن يكون الصحفي أمينا فيما ينقل، والأمانة الصحفية تقتضي ذلك.
وأكد أنه ليس من أنصار إذاعة المحاكمة حت لو كانت القضية تهم الرأي العام كقضية "العبارة" مثلا، رافضا أن يعرض إنسان في موضع اتهام وهو في هذه الحالة من الانكسار – سواء كان بريئا أو غير برئ - ليشاهده الناس يوميا، معتبرا أن هذا أمر غير منصف للمتهم. وتساءل "لو انتهت المحاكمة إلى البراءة، فمثل هذا التشهير من يتحمله؟!". وردا على ما إذا كان هذا التشهير يتم أيضا عن طريق الصحافة أو الحاضرين بقاعة المحكمة، أوضح "أبو الوفا" أن الأمر على الورق من خلال الصحف يختلف كثيرا عن المشاهدة من خلال التليفزيون، وأما الحضور في القاعة فعددهم لا يزيد عن المائة على أكثر تقدير وليس كالملايين من مشاهدي الفضائيات.
وعن رأيه في القضايا الأخيرة التي ثار بسببها الحديث عن نقل المحاكمات التي تهم الرأي العام على الهواء، قال الدكتور "أبو الوفا" إن قضية "التحرش الجنسي" لابد أن تكون جلساتها سرية – كما حدث - نظرا لموضوع القضية لأنها تتعلق بالآداب العامة، وليس كل شيء يمكن أن يقال على الملأ. وفي قضية "سوزان تميم" والتي يرى البعض أن من حق الناس متابعتها لأن المتهم شخصية كان لها مكانتها في الدولة، فإنه بغض النظر عمن هو الجاني ومن هو المجني عليه فلا داعي أبدا لنقل لوقائع المحاكمة على شاشات التليفزيون.
الأزمة المالية العالمية أهم
وينضم الدكتور "أحمد رفعت" إلى الجانب المعارض لإذاعة تفاصيل المحاكمات، حيث يرى أن هناك مبالغة شديدة جدا في الاهتمام بتلك القضايا على حساب قضايا أخرى قد تكون الأهم.
وقال إن من حق الناس أن تكون الجلسة علنية، ومن يريد أن يعرف عليه أن يحضر الجلسات ومن لم يتسع له الوقت لذلك فسيعرف من وسائل الإعلام ولكن بالقدر الذي لا يشغل الناس عن أمورهم اليومية، وليس بالتغطية التي يبدو فيها التسابق بالشكل الذي يحدث حاليا. وأضاف أن على الإعلام أن يغطي جلسات المحاكمة بحدود وبشكل متوازن، فالعلانية بهذا المفهوم تكفي. لكن أن تنقل هذه القضايا على الهواء مباشرة وتكون مادة إعلامية على جميع القنوات الفضائية يوميا فهذا شيء فيه مبالغة شديدة جدا.
أهالي ضحايا العبارة أمام محكمة سفاجا
وأشار "رفعت" إلى أن الرأي العام من الممكن أن يؤثر على القاضي، فقد صنع الإعلام من قضية "العبارة" ضجة كبيرة جدا لدرجة أن القاضي عندما حكم بالبراءة لمالكها حدثت أزمة شديدة. وقال إنه من المفروض أن تجري المحاكمة بدون أي تأثيرات خارجية ويجب ألا يحكم الرأي العام مسبقا. وفي حالة نقل جلسات المحاكمة فالإعلام يؤكد أشياء وينفي أخرى والناس تحكم وهذا من شأنه أن يشوش على القاضي، والعدالة تقتضي أن تكون المسائل بها قدر من الهدوء، لكن ليس معنى هذا أن تكون المحاكمة سرية.
وأضاف أن السرية والعلنية كلاهما سلاح ذو حدين. ففي القضايا المثيرة يجب مراعاة التوازن بحيث تكون جلسات المحاكمة علنية والتغطية الإعلامية متوازنة، مشيرا إلى أن الإعلام الحكومي يتعامل مع هذه القضايا المهمة بتوازن شديد، بينما يتعامل الإعلام الخاص معها بإفراط شديد.
وأشار إلى ما أثير في قضية "سوزان تميم" في البداية حول عرض صورة القتيلة، موضحا أنه لولا خوف القنوات الإعلامية من أن يرفع أهل القتيلة دعوى قضائية ضدهم لعرضت صورتها، متسائلا ما الداعي لأن نرى كجمهور صورة امرأة منحورة؟!
وقال "رفعت" إن قضية "سوزان تميم" في النهاية هي قضية قتل، ولولا أن المتورطين فيها كان لهم وضع اجتماعي مرموق لما حظيت القضية بكل هذه الضجة، فقضايا القتل يومية وهناك قضايا أبشع من هذه القضية مثل "قضية المنيا" الشهيرة حيث قتل شاب عددا من المواطنين وقطع أعضاءهم، ففي "قضية المنيا" السرية جائزة لأنها خاصة بقتل جماعي وجثث لها حرمتها. كذلك قضية "التحرش الجنسي" التي حكم فيها بعقوبة مشددة لأول مرة فالسرية فيها مطلوبة أيضا حفاظا على سمعة البنت صاحبة البلاغ، لأن الجلسة قد تتضمن عبارات لا يجب أن تقال علنية، لما تحمله القضية من شق جنسي يخدش الحياء، وهي قضية بالفعل مهمة جدا لأنها الأولى من نوعها.
لكنه أكد في النهاية أن هناك قضايا أهم أن ينشغل بها الرأي العام أكثر من مثل هذه القضايا ومتابعة تفاصيلها، ووفقا لما يراه الدكتور "أحمد رفعت"، فإن الأزمة المالية العالمية والقضايا التي تمر بها البلد أهم بكثير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.