تحت تأثير الخوف الذي انتابني علي سيناء بعد أحداث العمليات الإرهابية التي تعرضت لها بعض منشآتنا الاستراتيجية وبعد الذي حكاه لي الصديق السيناوي حول الاخطار المحدقة بهذه الأرض العزيزة علينا جميعا كتبت مقالين يومي الثلاثاء والأربعاء الأسبوع الماضي الأول تحت عنوان »سيناء في خطر« والثاني »أمننا القومي في خطر«. تناولت في المقالين حجم التضحيات التي قدمتها مصر دفاعا عن هذه المنطقة من ارض الوطن والتي كانت آخر اشواطها حرب أكتوبر المجيدة التي تحقق فيها النصر لقواتنا المسلحة والذي انهي اسطورة اسرائيل التي لا تقهر.. أشرت إلي المؤامرات التي تحاك لاستكمال المخطط الامريكي الصهيوني بتصفية القضية الفلسطينية من خلال توطين الفلسطينيين لتكون هناك أرض متصلة مع قطاع غزة ليتشكل منهما معا الدولة الفلسطينية. في هذا الإطار فليس هناك ما يمنع من ان تكون هناك تحالفات سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة تقوم علي مبدأ الغاية تبرر الوسيلة. هذه التحركات قد تتسم في بعض مراحلها بشكل من اشكال الخيانة سعيا إلي هدف أكبر وأعم يقوم علي توسيع دائرة الامارة الإسلامية التي أقامتها حركة حماس في غزة. من ناحية أخري ومع التقاء المصالح فلا جدال ان اسرائيل يهمها ان تجعل من سيناء منطقة قلاقل لمصر خاصة في الوقت الذي تنشغل فيه قواتنا المسلحة بالاشراف علي ترتيب البيت المصري من الداخل بعد الأحداث التي اعقبت ثورة 52 يناير وسقوط النظام الحاكم السابق. وليس خافيا ان حكومة امارة غزة الاسلامية تشعر بمرارة شديدة تجاه مصر اعتقادا منها بانها تتحيز إلي السلطة الفلسطينية التي تري فيها منافسا وعدوا لها يقف عقبة امام مخططاتها التآمرية في الانفراد بحكم ما تبقي من فلسطين. أمام هذا الخطر الداهم فقد كان لابد من التحرك السريع من أجل تدارك الأمور خاصة بعد العمليات التي جسدت قمة التحدي ليس لهيبة الدولة المصرية فحسب ولكن للسيادة المصرية علي كامل أرض الوطن. تمثل ذلك فيما اعلن عن تحركات واسعة لقواتنا المسلحة لمواجهة الموقف وتصفية بؤر الارهاب ومخططات الاخلال بأمن سيناء وبالأمن القومي المصري في منطقة الحدود مع اسرائيل ومع قطاع غزة علي السواء. بالطبع فانه لا يمكن القول بأن هذه الحملة العسكرية موجهة ضد أهالينا في سيناء الذين كانوا سندا ودعما لقواتنا المسلحة في حرب أكتوبر المجيدة باعتبار أنهم جزء لا يتجزأ من شعب مصر.. انها موجهة- وهم يعلمون ذلك- إلي جماعات التخريب المتعاونة مع القوي الخارجية التي تستهدف الاضرار بمصر. من ناحية أخري فمن المؤكد ان غالبية السيناويين يهمهم إعادة الأمن والاستقرار إلي ربوع سيناء. وفي المقابل وحتي يتحقق هدف هذا الأمن وهذا الاستقرار فإنه لابد من أن يكون ضمن اهتمامات تحرك السلطة المركزية تحقيق التنمية الشاملة في مدن وقري سيناء من أجل إزالة مظاهر الفقر والعمل علي رفع مستوي معيشة مواطنيها الذين عانوا ويعانون من الاهمال ونقص وسوء الخدمات منذ عقود طويلة. كل الدلائل والشواهد تشير إلي ان انتشار الانفاق التي يتم استخدامها في تنشيط الحياة الاقتصادية في هذه المناطق السيناوية من خلال تهريب كل شئ بما في ذلك الكثير مما يهدد أمننا القومي واستقرارنا.. إنما يعود إلي غياب التنمية اللازمة في هذه المناطق لتوفير متطلبات الحياة المعيشية. لابد ان نعترف بإن هذه الانفاق أصبحت تمثل خطرا جسيما يهدد أركان السيادة المصرية. ان وجودها جعل من الارض والحدود المصرية سداح مداح حيث يجري انتهاكها واختراقها عيني عينك ودون أي مراعاة للمصلحة القومية والوطنية. كم أرجو ان تكون هذه الانفاق هدفا رئيسيا للحملة العسكرية خاصة بعد السماح بشكل دائم بفتح معبر رفح لعبور الأفراد واحتياجاتهم المعيشية.