كنت أعرف حتي وقت قريب، ان السلفيين أناس يحلقون الشوارب، ويطلقون اللحي، ويرتدون الجلاليب، ويضعون علي رؤوسهم الطواقي »الكريشة« وفوقها »الطرح« البيضاء الهفهافة، ومتفرغون لأكل »الفتة« وشرب الكراوية والقرفة، وممارسة الحياة في القرن الواحد والعشرين بعقول وادوات القرن الاول الهجري. وكنت أعرف عن المتصوفين انهم يزهدون في امور الدنيا، ويكثرون من التعبد وحلقات الذكر، وينفقون علي مساعدة المحتاجين، وعلاج الفقراء وتعليم ورعاية الايتام من تبرعات اهل البر والاحسان، وملايين الجنيهات التي تدرها قاعات الحفلات ودور المناسبات التي يملكونها. ولم أكن أعرف ان بين هؤلاء واولئك، من يجيد الطبل والزمر، واللعب بالبيضة والحجر، و»الهمبكة« و»النطنطة« وانهم علي استعداد لخلع اقنعة التصوف والزهد، والولاء للسلف الصالح للمشاركة في هيصة الاعتصامات والمظاهرات والائتلافات، التي تدر من الدولارات اكثر مما تدره قاعات الاحتفالات ودور المناسبات! متحدث باسم احد الائتلافات الثورية قال علي شاشة فضائية »العربية«: ان قيادات السلفيين دفعت مئات الألوف من الجنيهات للذين جاءت بهم من المحافظات للمشاركة في مليونية »تفريق الشمل« وان الائتلاف الذي ينتمي اليه يستطيع ان يدفع اكثر ليحشد مشاركين اكثر في مليونيات مقبلة.. ولم يقل من اين تجيء ألوف الجنيهات تلك.. ولا من هي الجهة التي تدفعها ولماذا؟! الكلام في منتهي الخطورة.. لان معناه ان الذين يتجمعون في الميادين للتظاهر، او الاعتصام، او حتي للهتاف، يقبضون الثمن عدا ونقدا!.. ومقدما.. والخوف.. كل الخوف.. ان يكون هذا السلوك هو الذي سيسود عندما تجري الانتخابات البرلمانية والرئاسية!! معقول؟.. بعد كل هذه »الهيصة« و»الزمبليطة«؟.. معقول: بعد هذه الثورة التي اثارت اعجاب الدنيا.. ينقلب الحال، ويتحدث الثوار بحديث الفلوس؟!