رئيس جامعة بنها يشهد ختام المهرجان الرياضي الثالث لجامعات الدلتا وإقليم القاهرة الكبرى    مجلس الوزراء يكرم الأمين العام السابق للمجلس ويهنئ نظيره الجديد بتوليه المسئولية    نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد    منحة يابانية لمشروع توفير سفينة دعم الغوص بقناة السويس    مدبولي: موقف الدولة المصرية الثابت حيال أوضاع المنطقة عبر عنه الرئيس في القمة العربية الإسلامية    معاش للمغتربين.. التأمينات تدعو المصريين فى الخارج للاشتراك    محافظ القليوبية: أى تقصير فى إزالة التعديات على الأرض الزراعية سيحال للنيابة    تعرف على وسام إيزابيل لاكاتوليكا الممنوح من ملك إسبانيا للرئيس السيسي    النائب أيمن محسب: العملية العسكرية الإسرائيلية فى غزة جريمة حرب مكتملة    الملك تشارلز يصطحب ترامب فى جولة فى قصر وندسور بعربة ملكية.. صور    سكرتير مجلس الأمن الروسي يؤكد استعداد بلاده لإرسال أسلحة حديثة ومعدات عسكرية إلى العراق    المفوضية الأوروبية تقترح فرض عقوبات واسعة النطاق على إسرائيل    "أسماء بارزة من البريميرليج".. قائمة مختصرة لخليفة روبن أموريم في مانشستر يونايتد    كين ضد بالمر.. تعرف على التشكيل المتوقع لمباراة بايرن ميونخ ضد تشيلسي    ريال مدريد يكشف طبيعة إصابة أرنولد    أسباب استبعاد أورس فيشر من قائمة المرشحين لتدريب الأهلي    الداخلية تضبط شخصين سرقا أكسسوار سيارة وهربا بدراجة نارية بالإسكندرية    تأجيل محاكمة المخرج محمد سامي بتهمة سب الفنانة عفاف شعيب ل22 أكتوبر للاطلاع    تأجيل أولى جلسات محاكمة ميدو بتهمة سب وقذف الحكم محمود البنا    ضبط المتهم بذبح زوجته بسبب خلافات بالعبور.. والنيابة تأمر بحبسه    تأجيل محاكمة 17 متهما بقضية "خلية العجوزة الثانية" لجلسة 23 نوفمبر    اليوم.. ندوة عن سميرة موسى بمكتبة مصر الجديدة للطفل    126 متقدما لورشة إدارة المسرح والإنتاج بمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    صفحة وزارة الأوقاف تحيى ذكرى ميلاد رائد التلاوة الشيخ محمود خليل الحصرى    فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى يشهد الظهور الأخير للفنان سليمان عيد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    نائب وزير الصحة: 20% من المواليد حمل غير مخطط ونسعى لخفض الولادات القيصرية    المنيا.. تنظيم قافلة طبية مجانية في بني مزار لعلاج 280 من المرضى غير القادرين    «سكك حديد مصر» تتعاقد مع «APD» الكندية لإعادة تأهيل 180 جرارًا    أسيوط تبحث مستقبل التعليم المجتمعي ومواجهة التسرب الدراسي    وزير الري: الاعتماد على نهر النيل لتوفير الاحتياجات المائية بنسبة 98%    محافظ سوهاج يعتمد المرحلة الثالثة لقبول طلاب الإعدادية بالثانوي    محافظ الإسكندرية وسفيرة الولايات المتحدة يبحثان تعزيز التعاون في قطاع النقل البحري    شاب يلقى مصرعه حرقًا بعد مشادة مع صديقه في الشرقية    محافظ شمال سيناء يفتتح مهرجان الهجن بالعريش    مدبولي: الحكومة ماضية في نهج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبعه    خلال تصوير برنامجها.. ندى بسيوني توثق لحظة رفع علم فلسطين في هولندا    فيديو - أمين الفتوى: تزييف الصور بالذكاء الاصطناعي ولو بالمزاح حرام شرعًا    عالم أزهري يكشف لماذا تأخر دفن النبي بعد موته وماذا جرى بين الصحابة وقت ذلك    "عليهم أن يكونوا رجالًا".. هاني رمزي يفتح النار على لاعبي الأهلي عقب تراجع النتائج    قبل بدء الدراسة.. تعليمات هامة من التعليم لاستقبال تلاميذ رياض الأطفال بالمدارس 2025 /2026    تخفيضات وتذاكر مجانية.. تعرف على تسهيلات السكة الحديد لكبار السن 2025    بإطلالة جريئة.. هيفاء وهبي تخطف الأنظار في أحدث ظهور.. شاهد    الأكاديمية العربية تختتم فعاليات ريادة الأعمال بفرعها الجديد في مدينة العلمين    وزارة العمل: 3701 فُرصة عمل جديدة في 44 شركة خاصة ب11 محافظة    عاجل- انقطاع الإنترنت والاتصالات الأرضية في غزة وشمال القطاع بسبب العدوان الإسرائيلي    تمديد عمل تيك توك في الولايات المتحدة حتى 16 ديسمبر    مصر تطلق قافلة "زاد العزة" ال39 محملة ب1700 طن مساعدات غذائية وإغاثية إلى غزة    وزارة الشباب والرياضة تستقبل بعثة ناشئات السلة بعد التتويج التاريخي ببطولة الأفروباسكت    بايرن ميونخ يتأهب للحفاظ على رقم مميز ضد تشيلسي في دوري أبطال أوروبا    «ليه لازم يبقى جزء من اللانش بوكس؟».. تعرفي على فوائد البروكلي للأطفال    صحة المرأة والطفل: الفحص قبل الزواج خطوة لبناء أسرة صحية وسليمة (فيديو)    بتر يد شاب صدمه قطار في أسوان    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    «تتغلبوا ماشي».. مراد مكرم يوجه رسالة إلى إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر عاطف العراقي.. شاهد علي فساد الحياة الثقافية والسياسية في مصر
أطالب باعتزال المثقفين والكتاب الذين استفادوا من النظام السابق أحالوني لمحكمة الجنايات في عصر مبارك..لأنني كنت أفكر!
نشر في الأخبار يوم 06 - 08 - 2011

المفكر عاطف العراقى أثناء حدىثه مع محرر »الأخبار« كما تعودنا منك الصراحة.. وفي مقابلتي لك في العام الماضي، حدثتني عن أن مصر تمر بمرحلة خطيرة سوف تنبئ بأحداث جسام.. كيف توصلت إلي هذه النتيجة، ولماذا؟!
دعني أرحب جداً بسؤالك هذا.. وأري أنه ينقسم إلي قسمين، وبشكل عام أقول لك إنه ربما الذي ساعدني كثيراً علي هذا التنبؤ قراءتي المتعددة والمتنوعة.. خاصة فيما يتعلق بتاريخ الثورات.. وبالذات الثورة الفرنسية.
تفاصيل التنبؤات
نريد منك.. لو أذنت أن تذكرنا بما تنبأت به من أحداث عظيمة.. أدت بطبيعة الحال إلي هذه الثورة؟!
لقد تنبأت بأن نهاية الظلم لابد أن تأتي في يوم ما.. وبمعني آخر إنه إذا ما وجد حاكم ظالم استمر في الحكم لفترة زمنية طويلة، ويساعده علي ذلك مجموعة من المستفيدين منه، وفي ظل نمو الشعب فكرياً.. لابد أن ينقلب علي هذا النظام.. صحيح ان مبارك قد قضي في الحكم 03 عاماً، ولكن كانت توجد أشياء وأحداث تنذر بما حدث له.
وما طبيعة هذه الأشياء وتلك الأحداث؟!
أولها الفرق الضخم بين دخول الأفراد.. لأنني عاصرت بل وشاهدت بعيني هذه إناسا لا يمكن إطلاقاً، وفي مجتمع متدين أن يعيشوا في مثل هذا المستوي. لقد شاهدت إناساً يبحثون في القمامة عن قطعة خبز، ثم شاهدت مع زملائي آلاف الناس الذين يعيشون في أماكن لا تصلح أبداً لمعيشة آدمية، بل ولا تصلح لسكن الحيوانات. في المقابل تلك القصور الشاهقة لهؤلاء المحيطين بالحاكم الذين تفوقوا في مواقعهم علي ما كان فيه الباشوات زمان!. ولذلك أعتقد أن كبار الرأسماليين قبل الثورة مثل البداروي عاشور وفؤاد سراج الدين كانا من الفقراء في مقابل هؤلاء!. هذا وإن دل علي شيء إنما يدل علي انتشار الفساد في مصر في الفترة السابقة بحراً وبراً وجواً!. خاصة في عهد الرئيس السابق.
وماذا تقصد بهذه الجملة؟!
أقول لك.. الفساد انتشر وحاصر الإنسان في مصر بحيث أصبح مثل النور الذي يطارد الظلام.. أو بمعني آخر إن هذا الفساد قد انتشر بحيث أصبح الأمل في الإصلاح لن يتم إلا بعد فترة زمنية طويلة، ومن خلال معجزة في مصر.. إذن تستطيع أن تقول في هذا السياق إن ثورة 52 يناير كانت معجزة بكل المقاييس، لأن آلاف الشباب، ضحي المئات منهم بأنفسهم وبحياتهم ولكن المشكلة الحقيقية هي ما بعد الثورة.
الانهيار السريع
هذه الأقاويل تجعلني أسألك.. وعليك الإجابة بصراحة: هل كنت تتوقع انهيار النظام السابق بهذه السرعة؟!
إطلاقاً.. أنا كنت صحيح أتوقع انهياره ولكن بعد فترة طويلة، وليس الآن. لأنه كلما طالت فترة الحكم الفاسد، كلما استطاع أن يثبت أقدامه أكثر، وكما تعرف كان حكماً بوليسياً قوياً وقاهراً.. وأنا عاصرت هذه الفترة، ربما من أيام عبدالناصر.. حيث كانت تُكتب عني تقارير أمنية كثيرة، ولم أتمكن من الاطلاع عليها إلا بعد أن تأكدت المباحث من موت جمال عبدالناصر، واستمر ذلك حتي تم تقديمي كأول أستاذ فلسفة في تاريخ مصر منذ الملك مينا وحتي اليوم، إلي محكمة الجنايات. وده تم في عهد الرئيس السابق مبارك.
العصور الثلاثة
هل يمكن لك أن تعطينا مقارنة سريعة عن فترات حكم مصر بعد الثورة؟!
نعم.. زي ما قلت لك اتسم عصر عبدالناصر بالمراقبة والتلصص والتنصت علي الناس.. ثم جاء عصر السادات.. وفيه مميزات كثيرة، ويكفيه أنه أعاد لمصر ما أخذ منها.. ثم جاء مبارك وبدأت الناس تثق فيه لشيء واحد فقط وهو الإفراج عن المعتقلين الذين اعتقلوا أيام أنور السادات.. وربما بدأ الناس يستبشرون خيراً، ولكن محصلة تاريخه أنه في رأيي يمثل الديكتاتور بكل المقاييس، التي تعني أنه نجح في جمع كل السلطات في يده، والاستعانة بأعوان له من الفاسدين، وبالتالي فهو مسئول تاريخياً عن هذا الفساد، ثم إن فكرة التوريث التي أتت عليه وعلي نظام حكمه.. قد خالفت ما جاء به الجيش في عام 2591 بإقالة الملك والقضاء علي الملكية.
سوزان مبارك
وماذا عن رأيك في موقع سوزان مبارك داخل هذه المنظومة؟!
أقول لك بكل أمانة.. لو كنت مكان حسني مبارك لجعل زوجتي سوزان في موقع الزوجة فقط، وبالتالي لا شأن لها باختيار الوزراء ولا بالقوانين. إن مصر سوف تظل تعاني لسنوات قبل أن يتم إلغاء كل القوانين التي كانت تقف وراء إصدارها هذه السيدة.. وطبعاً علي رأسها قوانين الأسرة والمرأة.. وبطبيعة الحال كلها قوانين ظالمة.. ليس ذلك فقط بل إقدامها علي إنشاء مراكز وهمية استنفدت أموالاً كثيرة من ميزانية الدولة وبلا فائدة. ودعني أسألك علي سبيل المثال: ما وظيفة المركز القومي للمرأة؟ لقد كانت مراكز تكلف مصر وميزانيتها ملايين الجنيهات التي لم يكن يستفد منها سوي الحبايب فقط. ليس ذلك فقط بل إن الإنفاق علي سوزان مبارك وخط سيرها من بيتها إلي حيث تذهب تماماً تعامل بقوانين حراسة رئيس الجمهورية شأنها في ذلك شأن زوجها وأولادها أيضاً.
دوافع خاصة
وما هي في تصورك الدوافع التي جعلتها عاملاً مؤثراً وبالشكل الذي رأيناه داخل المجتمع؟
يعود ذلك بالدرجة الأولي إلي حسني مبارك نفسه، لأنك مثلاً حين تقارن بينها وبين زوجة عبدالناصر رغم إنني أكرهه تجد هناك فرقاً، حيث كانت زوجة الاول تمثل الزوجة »البيتي« أما زوجة الثانية فكانت وكما قلت لك من قبل تتدخل في كل صغيرة وكبيرة، بل إن هناك مراكز ثقافية مهمة مثل المركز القومي للترجمة، كانت هي وراء إنشائه ليس بهدف خدمة الثقافة بل لخدمة أغراض أخري.
الفساد الجامعي
وماذا عن الفساد في الجامعة باعتبارها ممثلاً مهماً لحياتنا الثقافية؟
الفساد في الجامعة، والذي استشري كل هذه السنوات من الصعب التخلص منه في سنوات قليلة.
وما أهم ملامح هذا الفساد؟
أولاً اختيار العمداء ورؤساء الأقسام ورؤساء الجامعات، كان يتم من خلال موقعهم داخل الحزب الوطني، أي لابد أن يكون كل هؤلاء أعضاء في هذا الحزب المنحل. وأنا رأيت ذلك بعيني عندما كانوا يبلغون أحداً بمنصب في الجامعة كان عليه أن يكتب استمارة التحاق بالحزب!! ومعني انضمامه لهذا الحزب أنه سوف يظل مرؤوساً للحزب ومن فيه، وبالتالي ينفذ ما يرونه صالحاً لهم. ثم جاءت النكبة الكبري أيام الدكتور مفيد شهاب صاحب القانون الظالم الذي مازلنا نعاني منه كأساتذة جامعات إلي اليوم، أضف إلي ذلك أن جهاز أمن الدولة هو الذي كان يدير الجامعات المصرية. ليس ذلك فقط بل كان لقائد الحرس الجامعي سلطات أعلي من أي عميد لأي كلية أو لرئيس جامعة. إذن النظام البوليسي هو كان بحق الذي يحكم الجامعات.
أنا والبوليس
وهل عانيت أنت شخصياً من هذا النظام البوليسي داخل الجامعة؟!
طبعاً.. طوال أيام جمال عبدالناصر ظلت التقارير والمراقبة ضدي مستمرة حتي يوم رحيله، ثم استمرت هذه المراقبة رغم أنهم ألحقوني عنوة بما كان يسمي في ذلك الوقت بمنظمة الشباب، عندما دعوني وآخرين لحضور دورات تدريبية هناك، صحيح ذهبت ليوم واحد فقط، وفي هذه المرة كانوا يعلموننا كيف نكتب تقارير في زملائنا!! وكيف نكتب النكت التي كنا نسمعها، وهكذاً. ولذلك لم أذهب مرة ثانية، وبالتالي قاطعت هذه الندوات وهربت إلي منزلي في بنها، حيث كنت أسكن هناك في تلك الأيام. وبناء علي هذا الموقف بدأت مراقبتي ومضايقتي، ثم تجددت هذه المضايقات وهذه المراقبات أيام مبارك نظراً لمواقفي غير المؤيدة والمعلنة من قضايا ثقافية كثيرة، علي سبيل المثال موقفي من ضرورة أن نميز بين الدين والدولة باعتبار أن الدين ثابت والدولة متغيرة.
عقوبة الأفكار
إذن كانوا يعاقبونك علي أفكارك.. هل هذا صحيح؟
طبعاً.. بالإضافة إلي أنني كنت أرفض قبول أي منصب من المناصب القيادية، وفق نصيحة أستاذي الجليل الدكتور زكي نجيب محمود، لأن الذي يشتغل بالفكر لا يصلح أن يعمل أو يتقلد أي منصب إداري، ولذلك نجد أن أستاذي زكي نجيب محمود لم يتقلد أي منصب في حياته.
نريدك أن تحدثنا عن معاقبتك السافرة وأسباب دخولك محكمة الجنايات.. متي ولماذا؟!
لقد كانت بحق مصيبة ليست علي المستوي الشخصي فقط، بل مصيبة طالت الفكر والثقافة نفسها.
تفاصيل المحاكمة
ومتي حدثت هذه الواقعة؟!
تاريخ لا أنساه.. في الخامس عشر من شهر مايو عام 5991 والحكاية بدأت بندوة أقيمت عن ابن رشد وفيها سألني بعض الأجانب من المشاركين في هذه الندوة، وكانت ندوة دولية، أقيمت في ذلك الوقت في مركز الكشف العربي، وقد سألوني عن فائدة أفكار ابن رشد، فحدثتهم عن هذه الأفكار، ومن بين ما ذكرته أن هذا الفيلسوف قال إن العيب ليس في الدين ولكن العيب في مجموعة من رجال الدين. وهذا في تصوري كلام صحيح، المهم.. فوجئت بعد نهاية الندوة بإحدي المجلات الإسلامية وأعدادها مازالت موجودة حتي اليوم عندي، قد أخذت في مهاجمتي ثمانية أسابيع متصلة، ثم انتقل الهجوم إلي جريدة أخري، وفي يوم من الأيام كنت قد ذهبت إلي الكلية وفوجئت بوجود إعلان من قسم شرطة الجيزة بضرورة الذهاب إلي القسم لاستلام طلب يقول إنني مطالب بالوقوف أمام محكمة جنايات المنصورة.
وماذا كانت طبيعة هذه الجناية؟!
كانوا يسمونها قضية الحسبة زمان.. المهم.. تم تقديمي لمحكمة الجنايات وقد استعنت بعدد من المحامين، كما أتيت بشهادات تثبت عملي في المعاهد التي لها صفة إسلامية، والحمد لله أصدرت المحكمة حكمها بالبراءة.
وماذا جاء في حيثيات هذه البراءة؟!
إن المدعي لم يقدم أدلة كتابية تثبت ما قمت به من أشياء من وجهة نظره.. كانت ضد الدين، وللأسف لقد واجهت مشكلة خطيرة حتي بعد صدور هذا الحكم.. فمنذ الإعلان عن تقديمي لمحكمة الجنايات تم تهميشي في كل الانشطة الثقافية التي كنت امارسها.. وحتي هذه اللحظة فقد كانت لي عدة انشطة ثقافية متلاحقة وفي كل الميادين. ودعني اقول لك كدليل علي كيفية استقبال الاوساط الثقافية هذا الخبر ان جريدة مثل الاهرام نشرت خبر البراءة بعد اسبوع بالبنط الصغير وبجواره عنوان كبير يقول »الحكم باعدام اثنين من الارهابيي«!!
نتائج مرعبة
وماذا عن طبيعة هذا التهميش وكيف تم؟
- لقد كنت اعمل علي سبيل المثال خبيرا للفلسفة في مجمع اللغة العربية منذ ايام الدكتور ابراهيم بيومي مدكور وعلي عبدالواحد وافي. وبعد تقديمي لمحكمة الجنايات تم اسقاطي من عضوية هذا المجمع! هذه واحدة.. ثم في حياتنا الثقافية وقبل ذهابي الي المحكمة كنت احد المساهمين في انعاشها فكريا من خلال لقاءاتي ومحاضراتي وكتبي عن طريق هيئة قصور الثقافة. وبعد هذه المحاكمة قالوا شكرا لا نريد التعامل مع المشبوهين!! والاخطر من كل ذلك هو موقف المثقفين من بعد هذه الحادثة. وقد اصابني الذهول لابتعاد كل المثقفين عني في هذا التوقيت الا الدكتور رفعت السعيد فقط!! لقد كانوا يتجنبونني وكأني أنا مشبوه.
أخطاء المثقفين
ما دمنا نتحدث عن الثقافة والمثقفين. دعني اسألك عن اوضاع الثقافة قبل وبعد ثورة 52 يناير.. وماذا تتمني لهذه الثقافة في الايام القادمة؟
- المثقفون قبل الثورة يتحملون مسئولية كبيرة لما وصلنا اليه من اوضاع ثقافية سيئة ادت الي حالة التهميش الثقافي. والذي ادي بدوره الي ظهور هذه المنظومة الخطيرة من الفساد نظرا لان كل تقدم يرتبط بالفكر.. حتي في الثورات الكبيرة مثل الثورة الفرنسية وغيرها.. ودعني اقول لك في هذا السياق انني اقدر ثورة الشباب هذه لانه لم يكن لهم منظر فكري.
وهل يمكن القول بأنه لو شارك فيها هؤلاء المثقفين كان من المحتمل ان تفشل هذه الثورة؟
- ربما لو سماهم فيها بصورة الاشباه الموجودين اليوم- لفشلت فورا- وبالتالي تقدر تقول ان ابتعاد كبار المثقفين عن احداث هذه الثورة كان خيرا لها. وبالتالي كان سبب نجاحها.
أكاذيب أكاذيب
وما رأيك فيما كان يردده بعض المثقفين والمؤلفين من انهم كانوا قد تنبأوا بأحداثها قبل ان تقع؟
- هذا كلام فارغ.. وكل واحد من هؤلاء مجرد مدع فقط. انها جميعا صدقني ادعاءات من اجل ان يركبوا الموجة لكن تقدر تقول ان كبار المفكرين المصريين من امثال توفيق الحكيم وغيره هم بالفعل الذين تنبأوا بذلك.
فتوفيق الحكيم كتب يفرق بين الهوجة والثورة.. والآن دعني اطلب منك ان تذكر لي اسما واحدا من هؤلاء المتزاحمين علي اثر الثورة خاصة من المثقفين ومن المفكرين. فلا توجد مقالة واحدة كتبها هؤلاء الاشباه. ادت الي ثورة الشباب ورغم انني اشرف الآن علي سن الثمانين الا انني متابع جيد لكل هؤلاء المدعين. انني اكرر لك مرة اخري ان المثقفين في مصر مبارك لم يقترب اي واحد منهم بافكاره او بقلمه من احداث هذه الثورة او التنبؤ بها.
ولماذا؟
- يرجع ذلك الي حرصهم علي المكاسب المادية والكراسي الوظيفية التي نالوها وفازوا بها في ظل النظام السابق. فالكرسي له بريق، ويصاحبه كذلك اموال كثيرة. تجعل المثقف يغمض عينيه عن اشياء كثيرة يجب ان يتصدي لها.
وماذا بعد الثورة؟
- المسألة سوف تأخذ وقتا.. فلا تستطيع ان تتنبأ بدقة بأن الثورة سوف تحدث اثارها المرجوة الثقافية الا بعد فترة زمنية. وحدث ذلك مع كل الثورات العالمية حيث تلعب الثقافة دورها المتميز ربما بعد مرور عدة سنوات حتي تأخذ وقتها.
وهل انت مع الدعوة التي تنادي بضرورة التخلص من كبار المفكرين والمثقفين الذين برزوا قبل الثورة؟
- طبعا.. وهذا رأيي.
وكيف يمكن ان تتحقق هذه الخطوة المهمة؟
- كل من انتفع عن طريق كتاباته في عصر ما قبل هذه الثورة يجب ان نقول له شكرا. وعليه الابتعاد عن الساحة واترك مكانك لغيرك. وهذا ما فعلته الثورة الفرنسية حيث كانت حريصة علي ابعاد كل من كانت له صلة بالنظام السابق علي عصر الملكية الفرنسية.
وما هي في تصورك اهداف الدعاوي التي يطلقها مثقفو ما قبل الثورة عن اسباب مشاركتهم فيها؟
- لان كل واحد من هؤلاء يسعي الي ركوب الموجة.. خوفا من ان يتم اكتشاف تاريخه الاسود.. وبالتالي يسعي من اجل ان يقنعنا بان افكاره كان لها دور في تحريك هذه الثورة وعلي فكرة كلها افكار سوداء ومخربة وقد طالبت مرارا بإلغاء وظيفة الكاتب الدائم والذي نراه منتشرا في كل الصحف.
الالتحاق بالثورة
ولماذا نجد هذا التكالب من جانب مثقفي ما قبل الثورة من اجل ركوب الموجة والالتحاق بالثورة؟
- هذا له اسباب عديدة منها محاولة التلميع التي يثبت من خلالها انه ليس ضد هذه الثورة وان افكاره هي التي ساهمت في فاعليات هذه الثورة. واتحداك ان تجد قصيدة شعر او مقالة او قصة ادت الي فكرة من افكار ثورة الشباب. وبالتالي حرام علينا ان نرجع ما قام به هؤلاء الشباب الي مجهودات الاخرين. وهذا ظلم كبير وعايز اقولك انه لم يعد لدينا في مصر مثقفون بل هم اشباه مثقفون!
ودعني اقول لك اكثر من ذلك ان احد كبار الشعراء الموجودين حاليا علي الساحة بكي امامي حين علم بوفاة حفيد مبارك. ولو انني مسئول لابد وان اتخذ قرارا ادعو فيه الي تنحية كل من يثبت تعامله مع النظام البائد واقول لهم كفاكم ما حصلتم عليه من منافع ومناصب واتركوا الفرصة للشباب.
وكيف يمكن لك ان تنفذ هذه الخطوة؟
- بعد بحث وتمحيص لكل كتاباتهم التي كانت تمجد نظام الحكم البائد عليه الابتعاد فورا.
ومن في رأيك يستطيع القيام بهذه المهمة؟
- انا استطيع القيام بذلك لانني شاهد علي فساد الثقافة المصرية علي مدي اكثر من 03 عاما واذا لم انجح في هذه المهمة فلن اكون مثقفا مصريا. وما سوف يساعدني علي هذه المهمة انني لم اغادر مصر طوال عمري وكذلك بصفتي محايدا ايضا. ولست مستفيدا من اي عصر في العصور السابقة.
وهل يمكن ان يقوم شخص واحد بهذه المهمة الخطيرة؟
- نعم انا استطيع ذلك.
وهل يمكن محاكمة هؤلاء؟
- انا ارفض ذلك.. فقط اقول لهم شكرا وعليكم الابتعاد عنا منذ هذه اللحظة! وكما تعرف فان اي ثورة تقوم علي افكار وبالتالي فان خطورة الافكار البائدة انها تقضي علي الثورة بل وستحاول جرها الي حيث يفكرون مثلما كانوا في الماضي. وبالتالي فهم يمثلون خطورة علي الثورة وانت تراهم اليوم مازالوا في امكانهم ويكتبون ما يشاءون من دون رقيب او ضمير. وهدفهم الحقيقي هو هدم هذه الثورة وافشالها! من هنا اجد انهم يمثلون خطورة كبيرة علي ثورة الشباب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.