أحمد حمدي: لدي الثقة في الوصول لنهائي الكونفدرالية.. ودريمز منظم    مؤتمر كولر - هل يعود الشناوي في النهائي أمام الترجي    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    قبل عودة البنوك غدا.. سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 27 إبريل 2024    مصر ستحصل على 2.4 مليار دولار في غضون 5 أشهر.. تفاصيل    صندوق النقد: مصر ستتلقى نحو 14 مليار دولار من صفقة رأس الحكمة بنهاية أبريل    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    بالصور.. رفع المخلفات والقمامة بعدد من شوارع العمرانية    رغم قرارات حكومة الانقلاب.. أسعار السلع تواصل ارتفاعها في الأسواق    جماعة الحوثي تعلن إسقاط مسيرة أمريكية في أجواء محافظة صعدة    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل    شهداء وجرحى جراء قصف طائرات الاحتلال منزل في مخيم النصيرات وسط غزة    الرجوب يطالب مصر بالدعوة لإجراء حوار فلسطيني بين حماس وفتح    قطر تصدر تنبيها عاجلا للقطريين الراغبين في دخول مصر    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    بسبب سوء الأحوال الجوية.. قرار هام حول موعد الامتحانات بجامعة جنوب الوادي    ننشر المؤشرات الأولية لانتخابات التجديد النصفي بنقابة أطباء الأسنان في القليوبية    تصرف غير رياضي، شاهد ماذا فعل عمرو السولية مع زملائه بعد استبداله أمام مازيمبي    فاز ذهابًا وإيابًا.. الترجي يكرر تفوقه على صنداونز ويضرب موعدًا مع الأهلي في النهائي (فيديو)    موعد مباراة الأهلي المقبلة بعد التأهل لنهائي دوري أبطال أفريقيا    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    عبد القادر: تأهلنا للنهائي بجدارة.. واعتدنا على أجواء اللعب في رادس    أرقام مميزة للأهلي بعد تأهله لنهائي دوري أبطال أفريقيا    السيطرة على حريق في منزل بمدينة فرشوط في قنا    العراق.. تفاصيل مقتل تيك توكر شهيرة بالرصاص أمام منزلها    تعرض للشطر نصفين بالطول.. والدة ضحية سرقة الأعضاء بشبرا تفجر مفاجأة لأول مرة    تعطيل الدراسة وغلق طرق.. خسائر الطقس السيئ في قنا خلال 24 ساعة    الأمن العام يكشف غموض 14 واقعة سرقة ويضبط 10 متهمين بالمحافظات    برازيلية تتلقى صدمة بعد شرائها هاتفي آيفون مصنوعين من الطين.. أغرب قصة احتيال    %90 من الإنترنت بالعالم.. مفاجأة عن «الدارك ويب» المتهم في قضية طفل شبرا الخيمة (فيديو)    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    دينا فؤاد: تكريم الرئيس عن دوري بمسلسل "الاختيار" أجمل لحظات حياتي وأرفض المشاهد "الفجة" لأني سيدة مصرية وعندي بنت    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    طريقة عمل كريب فاهيتا فراخ زي المحلات.. خطوات بسيطة ومذاق شهي    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    تعرف علي موعد صرف راتب حساب المواطن لشهر مايو 1445    بلاغ يصل للشرطة الأمريكية بوجود كائن فضائي بأحد المنازل    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    ناهد السباعي تحتفل بعيد ميلاد والدتها الراحلة    سميرة أحمد: رشحوني قبل سهير البابلي لمدرسة المشاغبين    أخبار الفن| تامر حسني يعتذر ل بدرية طلبة.. انهيار ميار الببلاوي    البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة "باتريوت" متاحة الآن لتسليمها إلى أوكرانيا    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    أسعار النفط ترتفع عند التسوية وتنهي سلسلة خسائر استمرت أسبوعين    الصحة تكشف خطة تطوير مستشفيات محافظة البحيرة    فصل طالبة مريضة بالسرطان| أول تعليق من جامعة حلوان.. القصة الكاملة    العمل في أسبوع.. حملات لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية.. والإعداد لإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل    الكشف الطبي بالمجان على 1058 مواطنا في دمياط    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    إقبال كثيف على انتخابات أطباء الأسنان في الشرقية (صور)    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاخبار تواصل نشر رؤي المفكرين والمثقفين حول المستقبل وكيف تصبح مصر دولة مدنية حديثة؟
المفكر الكبيرالدكتور مراد وهبة: لابد من التوجه لإقامة الدولة الحديثة
نشر في الأخبار يوم 05 - 05 - 2010

تحت عنوان عريض وجامع حول »رؤية للمستقبل« كان حوارنا الشامل مع مجموعة كبيرة ومتعددة ومتنوعة من المفكرين والمثقفين والشخصيات العامة يجمع بينهم الاهتمام البالغ بالشأن العام، والمتابعة والرصد لجميع الظواهر والإرهاصات الطافية علي سطح الحياة في مصر من جوانبها المختلفة.
ويجمع بينهم وبيننا انهم ونحن وكل مصري مهموم بمستقبل مصر.. وصورة هذا المستقبل والتي اصبحت شاغل العامة والخاصة في ضوء الحراك والتفاعل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي نشهده الآن ونعيش تطوراته واحداثه حالياً.
هذا الحراك وذلك التفاعل الذي يرتكز في اساسه وجوهره علي الدفعة القوية التي احدثتها عملية الاصلاح الجارية في مصر الآن ومنذ خمس سنوات والتي انطلقت شرارتها بإعلان الرئيس مبارك التاريخي في السادس والعشرين من فبراير 5002، عن التعديلات الدستورية بدءاً بتعديل المادة الخاصة باختيار رئيس الجمهورية كي تصبح ولأول مرة في تاريخ مصر بالانتخاب الحر المباشر بدلا من الاستفتاء الشعبي.
وكان من الممكن ان نترك الطرح لموضوع الحوار عاما وفضفاضا حول الرؤية للمستقبل، ولكننا من منطلق الرغبة في ان يكون الحوار أكثر عمقا وأكثر تركيزا وتحديدا اخترنا ان تكون الرؤية للمستقبل موضع الحوار ترتكز وتتمحور حول السؤال موضع الاهتمام من الكل، وموضع الامل والسعي من الجميع، وهو: كيف تصبح مصر دولة مدنية حديثة؟!
والأخبار تواصل نشر رؤي مفكري مصر ومثقفيها : السيد ياسين ود. جابر عصفور ود. رفعت السعيد ود. صبري الشبراوي وأ. صلاح عيسي ود. منير فخري عبدالنور ود. علي الدين هلال، وأ. لويس جريس ود. مراد وهبة د. حامد عمار، ود. حسام بدراوي، والمهندس حسب الله الكفراوي، ود. فاروق الباز والشاعر عبدالرحمن الابنودي، ود. عاطف العراقي، ونجيب ساويرس، ود. محمد النشائي ، ود. محمد كمال.
وفي هذا الاطار، لابد ان نقول بصراحة كاملة ووضوح تام، ان ما تشهده مصر حاليا من تفاعل نشط وجاد، وتبادل للرأي والرؤية حول جميع القضايا والاطروحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وما نشهده من مناقشات هادئة في بعض الاحيان، ساخنة في اغلبها، وملتهبة في بعضها الآخر وما نراه ونعايشه من صدام الافكار وتصادم الاجتهادات والرؤي،...، كلها تأتي انطلاقا من ذلك المناخ الحر والايجابي الذي خلقته وأتاحته تلك الاصلاحات التي بدأت مسيرتها النشطة في نهاية فبراير 5002.
الاشتباك الفكري واللفظي بدأ مبكرا بيني وبين ضيف هذا الحوار بل واستمر هذا الاشتباك علي مدي ساعتين هي كل المدة التي قضيتها في منزل المفكر المصري والعالم الجليل الأستاذ الدكتور مراد وهبة. ولقد أحسست بذلك منذ اللحظة الأولي التي اتصلت فيها بالدكتور مراد.. خاصة عندما نقلت إليه فكرة الحوار وعنوانه الرئيسي والذي يدور حول رؤيته المستقبلية لكيفية أن تصبح مصر دولة مدنية حديثة؟!.. وبدأ الاشتباك عندما طلب مني ان أغير لفظ دولة مدنية إلي لفظ دولة علمانية!! ثم اتفقنا علي ان يستخدم كل منا اللفظ الذي يروق له. ولكنني حين قابلته في شقته الجميلة والتي تقع بالدور الخامس بأحد شوارع مصر الجديدة.. لاحظت تمسكه بلفظ العلمانية مما دفعني إلي أن أبدأ هذا الحوار وفورا بسؤاله:
العلمانية والمدنية
ماذا تعني كلمة العلمانية بالنسبة لك وما الفرق بينها وبين لفظ المدنية؟!
وكأنما استراح لهذا السؤال.. بل وسعد به بدليل انه أخذ يتحدث بطلاقة لسان عالم وفيلسوف ومفكر كبير عن أهم الفروق.. مؤكدا في هذا السياق علي ان المدنية تعني الانسان الذي يعيش في المدينة ولا يعيش في الريف. وأهم ما يميز انسان المدينة انه يعمل بالتجارة والصناعة. اذن حين تقول انك مدني، فذلك معناه أنك تمارس التجارة والصناعة. وبالتالي ليس لها معني في اصلاح المجتمع أو في تكوين رؤية مستقبلية، والسبب في ذلك انك لا تجد في هذا اللفظ نوعا من الخصوصية.. وحينما تقول لي انك تريد دولة حديثة فلابد أن تكون دولة متميزة.. ولا علاقة لها بالمدينة أو المدنية. عندئذ لابد أن تتطرق إلي العلمانية.
نريد أن نعرف أكثر عن هذه الفروق؟!..
أقول لك.. ان المدنية تعني انك دخلت إلي نطاق الحضارة. وبالتالي فإذا ما تحدثنا عن مصر الحديثة فإن لفظ المدنية هنا لا معني له. ولكن المشكلة هنا هي الحديث عن التحديث أو الحداثة التي هي هدفنا الآن. ولذلك تستطيع أن تقول في هذا السباق إن الحداثة أو التحديث هو ذاته يحمل مفهوم العلمانية ولا يحمل مفهوم المدنية! والعلمانية بمفهومها الذي تريده هي ضاربة في التاريخ ومنذ القدم خاصة في أوروبا عندما بدأ الصدام بين العلماء ورجال الدين في العصور الوسطي.. عندما اعترضوا علي اكتشاف نظرية دوران الأرض! رغم تأكيد العلماء آنذاك بأن هذه النظرية العلمية لا تعارض الدين في شيء.
الأستاذ الدكتور مراد وهبة.. دعنا نقترب كثيرا من موضوع هذا الحوار.. والبحث عن إجابة لهذا السؤال المهم والذي تقول كلماته.. كيف يمكن لمصر أن تصبح دولة حديثة.. سواء مدنية أو علمانية بمفهومك الخاص؟!
دعني أقول لك.. أرجو أن تحتفظ لنفسك بلفظ المدنية. وأنا سوف أتحدث بلفظ العلمانية من أجل أن أكون منطقيا فيما سوف أقوله. ومن هنا دعني أوضح لك مفهوم العلمانية الذي أعرفه أنا والذي اعتبره هو الطريق نحو ان تصبح مصر دولة حديثة.. العلمانية في الأساس جاءت من نظرية دوران الأرض وهي النظرية التي اكتشفها العالم كوبرنكس.. هذه النظرية التي أكدت ان الأرض تدور حول الشمس. ولكن الاعتقاد السائد قبل ذلك أنها ثابتة. ومعني دوران الأرض أننا ندور مع دوران هذه الأرض. وعندما ندور معها معناها أننا نتحرك وعندما نتحرك معناه أننا نتغير ولما نتغير لابد أن نتطور لأن تفكيرنا أصبح نسبيا وليس مطلقا! من هنا أقول لك ان العلمانية وتعريفها من وجهة نظري هي التفكير فيما هو نسبي وليس ما هو مطلق! وعلي ذلك فلا يجب ان نضع التفكير النسبي أمام المطلق.
أستاذنا الكبير.. هل تريد بذلك أن تقول ان العلمانية ليس لها أي شأن بالدين أو العداء له؟!
علي الاطلاق.. إن العلمانية ليس لها شأن بالدين.. ولكن تستطيع أن تقول ان لها علاقة بالسلطة الدينية.. خاصة اذا ما أرادت السلطة الدينية أن تفرض معتقدا معينا مطلقا علي المجتمع المتغير، من أجل ان توقف تغييره. من هنا يحدث الصدام الذي لابد منه.
سلطة جديدة
وكيف يمكن أن نمنع الصدام مع السلطة الدينية؟!
عظيم.. ان بالدولة عدة سلطات نعرفها جميعا وهي السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية ومع ذلك دعني أضيف سلطة جديدة.. وهي السلطة الثقافية! والتي من الممكن أن تقود تيار تغيير المجتمع!
وماذا تقصد بالسلطة الثقافية؟!
لدينا ما نسمع عنه ونسميه بالليبرالية.. والتي أساسها الديمقراطية التي من الواجب أن تقوم علي ما أسميه رباعية الديمقراطية.. بمعني أن لها أربعة أركان.. وهي العلمانية والعقد الاجتماعي الذي يشترط أن تؤسس الدولة ليس علي الدين وإنما علي التراضي بين الأفراد! ثم ثالثا التنوير الذي عماده العقل.. باعتبار انه لا سلطان علي العقل إلا العقل نفسه. وأخيرا الليبرالية التي تعني ان سلطة الفرد فوق سلطة المجتمع. وبالتالي فإن الفرد هو الذي يستطيع أن يغير بالثقافة.
حين نعود للحديث عن الموضوع الرئيسي لهذا الحوار والخاص برؤيتك الشخصية لما يجب أن تكون عليه مصر في طريقها إلي المدنية الحديثة؟!.. فما هي هذه الرؤية في لقطات سريعة؟!
في البداية الأخذ بالعلمانية ثم العقد الاجتماعي ومن بعده التنوير، وأخيرا الليبرالية والديمقراطية؟
وأين دور الفرد في هذه الرؤية؟!
سيأتي دوره في نهاية المطاف.. عندما تثبت العلمانية ذاتها باعتبارها حرية مجتمع وحركة مثقفين..
الأستاذ الدكتور.. لو طلب منك ان تكتب ورقة عمل تحدد بها ملامح الطريق نحو أن تكون مصر دولة حديثة. فماذا تكتب في هذه الورقة؟!
في البداية أعقد ندوة أدعو إليها كل المثقفين الذين لا يرتبطون بأية وظائف في الدولة!.. وذلك من خلال اعلان مدفوع الأجر ومن خلال الجمعية الدولية التي كونتها تحت اسم الجمعية الدولية لابن رشد والتنوير. وباسم هذه الجمعية أوجه دعوة لهؤلاء المثقفين. وأطلب منهم كيفية ان نطور مصر، ولابد أن أؤكد لك هنا ان ذلك سوف يتم بعيدا عن مؤسسات الدولة وموظفيها.
مفهوم الأصولية
وماذا سيقول المثقفون في هذا المؤتمر؟!
لابد أن يكون هناك حوار معهم حول مفهوم العلمانية والأصولية!! وأطرح عليهم أحد الخيارين.. إما أن تكون مصر دولة أصولية مثل ايران أو دولة علمانية مثل أوروبا. مع تقديم مواصفات لكل من هاتين الدولتين. واذا ما وفقنا في أن تكون المفاضلة للعلمانية.. سوف استمر معهم في الحوار.. واذا ما اختاروا الأصولية سوف انسحب فورا.
وماذا لو اختار هؤلاء المثقفون الطريق الوسط بين العلمانية والأصولية؟!
أريد ان أقول لك.. ان في مجتمعنا وفي المجتمعات الأخري أنواعا من التناقض.. هناك التناقض الحاد. وهناك تناقض فيه توليفة خاصة اذا ما ارتبطت بالعلمانية والأصولية.. عندئذ أقول لك.. ان هذه التوليفة وهمية!.. لماذا..؟! لأن الأصولية تريد ان تحكم المجتمع بمطلق معين. أما العلمانية فهي تحكم بنسبي أو بطريقة نسبية. من هنا يصبح الصراع بين النسبي والمطلق!
أنا لا أتهرب
إننا مازلنا حتي الآن في رحاب الحديث عن رؤيتك الخاصة في كيفية أن تصبح مصر دولة حديثة؟!.. لذلك نريد ان نعرف عنها أكثر مما فات علينا آنفا؟!
كل ما فات قصدت منه تغذية الفكرة التي جئت من أجلها ولا أتهرب.. ودعني أقول لك بكل صراحة أننا الآن دولة أصولية. ولكي نخرج من هذه الاشكالية علي السلطة السياسية أن تنصت لصوت السلطة الثقافية. فإذا ما رأت هذه السلطة السياسية ان المناخ الدولي والمحلي والاقليمي هو في صالح الدولة العلمانية، فلابد أن نأخذ به وبالتالي نصدر فورا قرارا بذلك.. ولدينا في التاريخ عدة أمثلة مهمة يمكن الرجوع إليها. إننا هنا في مصر.. لابد للسلطة السياسية ان تنصت لما ستقوله السلطة الثقافية. واذا ما اقتنعت بالعلمانية أو بما يصل إليه أصحاب السلطة الثقافية. فلابد أن تصدر قرارا بهذا أو ذاك.
وهل هناك طريق وسط بين العلمانية والأصولية؟!
الاثنان ضد بعضهما البعض وبالتالي ليس هناك وسط.
دور المواطن
اذا ما خرجنا بعض الشيء عن اطار الحديث عن العلمانية والأصولية.. كي تحدثنا عن الفرد ودور المواطن. فماذا تقول عن هذا الدور؟!
في عام 2891.. عقدت مؤتمرا في مصر كان عنوانه الفلسفة ورجل الشارع.. وكان من أهداف هذا المؤتمر تقريب الفلسفة للمواطن العادي! الذي اعتبره حاليا في قبضة الأصوليين.. واذا ما وقع رجل الشارع في قبضة الأصوليين فإن أية انتخابات سوف تأتي بهم. والفلسفة يمكن أن تحميه. وأنا قمت بتجربة ذلك، وكانت هذه تجربة جديدة.. وللأسف وقتها هوجمت بشدة من بعض الصحف التي كانت في قبضة الأصوليين.
مستقبل الأخلاق
وماذا عن الحرية داخل هذه المنظومة؟!
لدي كتاب مهم ألفته عن مستقبل الأخلاق. وعالجت فيه مسألة الحرية. ولما كنت مهتما بذلك المصطلح الذي نتحدث عنه والمقصود به الرؤية المستقبلية فإنني أنظر إلي الزمن علي أنه يبدأ بالمستقبل وليس كما يعتقد الجميع أن يبدأ بالماضي!! اذن نقطة البداية في الزمن هي المستقبل وليس الماضي. حيث لابد ان تتحرك من هذا المستقبل. والتحرك من الماضي هو بمثابة حركة وهمية. لذلك لا يجب علينا أن ننظر إلي التاريخ ومساهمتنا به علي انه هو حركة المستقبل!
أستاذنا الدكتور.. وكيف يكون هذا المستقبل نقطة الانطلاق نحو التحديث؟!
علينا هنا أن نعود إلي السلطة الثقافية وأصحابها من المفكرين. هؤلاء الذين يملكون وحدهم وضع طموحات وتصورات هذا المستقبل وخطوطه العريضة.. وعلي السلطة السياسية أن تأخذ بكل ذلك وفي هذا الاطار علينا أن نقيم جسرا يربط بين السلطة السياسية والسلطة الثقافية وأقصد به خريجي الجامعات! الذي يبدأ في التعبير عن نفسه من خلال تلك الرؤي التي تم وضعها.. هذه الطبقة من الخريجين هم الذين يمثلون حاليا رجل الشارع.
اسمح لي أن أتوقف هنا وأسأل الأستاذ الدكتور مراد وهبة.. كيف يمكن أن نغير عقلية رجل الشارع؟ من دون اللجوء إلي الفلسفة؟!
ببساطة شديدة أنت الآن لا تستطيع خاصة في هذا العصر أن تقيم وتحقق تنمية بدون رجل الشارع. فإذا كان متخلفا سوف يعوق مسيرة التقدم، وبالتالي لابد من الوصول إليه.. ووسائل الوصول إليه تغيرت بطبيعة الحال وفق متغيرات العصر.. فإذا كان سقراط يذهب إلي رجل الشارع في السوق.. فلدينا الآن وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والفضائيات. اذن عندما تخلو وسائل الاعلام والفضائيات من التأثير الايجابي علي رجل الشارع فليس هناك تنمية حقيقية! ولدي تجارب كثيرة في هذا الاتجاه. خاصة انني قد دعيت من قبل العديد من الجهات المعنية في مصر.. بشأن كيفية اقناع الناس بهذه العلمانية الانمائية.
أستاذنا الدكتور مراد وهبة.. حتي الآن لم أشبع ومثلي القراء من أفكارك فيما يخص تنمية مصر وتحديثها ولذلك أعاود وأسألك.. ماذا بعد؟!
دعني أحدثك أولا عن رؤيتي للعالم الذي نعيش فيه الآن. وذلك كمدخل لنعرف أين نحن؟! انني أملك رؤية شاملة ورباعية الأبعاد. وهي مكونة من العناصر الآتية :الكونية والكوكبية والاعتبار المتبادل ثم الابداع. ودعني أبسط لك كل ذلك.. فالكونية تعني أننا حاليا نعيش في عصر الفضاء الذي يساهم في اكتشاف قوانين كونية جديدة.. ثم الكوكبية التي تعني ان الكرة الأرضية أصبحت وحدة واحدة بلا تقسيمات. وعندما تصبح الكرة الأرضية بهذا التصور فلابد للدول من أن تدخل في اطار ما أسميه بالاعتماد المتبادل فينتهي شعار التدخل في شئون الدول. ولو نظرنا بعين ثاقبة سوف نكتشف أن هناك نوعا من المتناقضات التي لابد أن يحلها الابداع. الذي أعني به التفكير غير التقليدي. وهذا الابداع الذي أقصده تم اغتياله عندنا في مصر!! وهناك العديد من الأمثلة، خاصة بواسطة الأصوليات الدينية. ومن أهم الأمثلة التي عايشتها في هذا السياق أنني تقدمت لوزارة التعليم بمشروع عنوانه »الابداع والتعليم العام« والذي تمت الموافقة عليه.. فأقمنا ندوة موسعة لمناقشة التفاصيل، حضرها بالكامل الدكتور فتحي سرور حين كان وقتها وزيرا للتربية والتعليم. ولما تغير الوزير مات المشروع؟!
طيب لماذا يادكتور؟!
لتحكم الأصوليين.. وأنت تعرف ان الأصولية تنزعج من الابداع الذي نعول عليه أملا كبيرا في التغيير. مثال آخر.. اتجهت إلي كلية التربية التي أدرس بها وفيها عقدت ما أسميه سينمار عن الابداع. هذه الكلية التي تساهم في تخريج المعلمين. فصدرت التعليمات من العميد بضرورة انهاء هذا السينمار. بسبب ثورة بين الأساتذة!!
ضياع الأخلاق
الأستاذ الدكتور مراد.. دعنا ننتقل بالحوار إلي زاوية أخري.. ونسألك.. من المسئول عن ضياع الأخلاق؟! وهل ضياعها يتسبب في تأخر الأمم؟!
ان لي مؤلفا مهما في هذا الاتجاه وقد أسميته »مستقبل الأخلاق«.. وناقشت فيه فكرة الحرية والفرد. وأحب ان أؤكد لك ان القيم ليست ثابتة ولكنها متغيرة. وان هناك العديد من الأحداث التي لحقت بهذا المجتمع وجعلتنا نتشكك في مسألة الأخلاق حيث اكتشفت في أواخر السبعينيات أن هناك علاقة بين ظاهرتين جديدتين ظهرتا آن ذاك وهما ظاهرة الأصولية الدينية وظاهرة الرأسمالية الطفيلية.
معني ذلك ان للاقتصاد الطفيلي علاقة بالأخلاق؟
نعم.. هذا النوع من الاقتصاد تسبب في نشوء قيم طفيلية والتي من أشكالها السرقة والنهب والنصب والسطو علي البنوك بكل الوسائل والاحتيال. إلي آخر ما كنا نسمع عنه ومازلنا. هذه كانت جرائم جديدة علي مجتمعنا المصري وكانت كذلك افرازا للرأسمالية الطفيلية. كما اكتشفنا كذلك أن هذا النوع من الرأسمالية له علاقة عضوية بالأصولية.
إذن.. هل تري ان اصلاح الأخلاق يدخل ضمن منظومة تحديث مصر..؟!
طبعا.. لازم ننسف العلاقة العضوية بين الرأسمالية الطفيلية وبين الأصولية.. ومنذ فترة ليست بعيدة هذه الدعوة كانت سوف تقودني إلي المحكمة! وأحب أن أؤكد لك في هذا السياق أن كثيرا من دول العالم تحكمها الآن هذه الثنائية العضوية. وليست مصر وحدها.
مفهوم المواطنة
وماذا عن مفهوم المواطنة ودورها في منظومة تحديث هذا البلد؟!
هذا المفهوم السائد حاليا عن لفظ المواطنة.. اعتبره موضة وسوف تنتهي مثلا بعد يومين!! لأنه مفهوم بلا معني.
ولماذا؟!
كان علينا أولا أن نحدد معني هذا اللفظ بشكل علمي.. لأن مفهوم المواطنة ليس له علاقة بالدين.. وهو لفظ مأخوذ من كلمة الوطن، باعتبار الانسان عضوا في جماعة سياسية له حقوق وعليه واجبات.
وماذا أيضا.. عما يسمونه بالفتنة الطائفية؟!
دعني أولا أقول لك وبدون أية حساسيات.. انه يوجد داخل مجتمعنا المصري أصوليتان.. أصولية مسيحية وأصولية مسلمة. ولابد لكل منهما أن يصطدما.. والعلاج هو اللجوء إلي العلمانية التي تساهم في ألا يقع المواطن تحت رحمة السلطة الدينية أيا كان شكلها أو اسمها!!. وإنما يقع داخل اطار المناخ السياسي الذي يحكمه رباعية الديمقراطية تجعلك عرضة للفتن ليست الطائفية وحدها. بل فتن أخري كثيرة.
دور التعليم
وأين دور التعليم يادكتور؟!
التعليم الآن محكوم بالأصولية الدينية!!.. ومعظم مناهج كليات التربية تندرج تحت هذا المفهوم!
الأستاذ الدكتور مراد وهبة.. مازلت أشعر بأن بداخلك كلمات كثيرة تمس رؤيتك بما يتعلق بتحديث مصر.. فماذا بعد؟!
أعود وأكرر لك ضرورة أن تبدأ هذا المشوار بإصلاح التعليم والثقافة والإعلام!! انها ثلاثية مرتبطة ببعضها ولها دور مهم جدا.
نريد مزيد من التوضيح؟!
هذه المنظومة الثلاثية سوف تشترك في تكوين عقلية نقدية ابداعية للمواطن.. وعلينا أن نبدأ بذلك وفورا.. وتكون هذه البداية مع الأطفال في الحضانة. هذه الثلاثية سوف تساهم في بناء العقل المتسائل.. واذا ما نجحنا في هذه المهمة.. عليك ان تنتظر فورا ظهور مجتمع حديث ومتطور.
وأين الدهشة
معني ذلك انه ليس لدينا عقول متسائلة.. ولماذا؟!
السبب هنا.. هو اختفاء الشعور بالدهشة.. والدهشة لدي أطفالنا غائبة تماما.. بل ونشارك كثيرا في اخمادها منذ الطفولة. والسبب في ذلك يرجع إلي الانفصال بين البيئة وبين مناهج التعليم ثم غياب دور الأسر والعائلات. مما أدي في نهاية المطاف إلي اختفاء التساؤل وفي كل المجالات. أضف إلي ذلك انه بات يحكمنا في التعليم ثلاثية كريهة تقوم علي التلقين والحفظ والتذكر. وبناء علي ذلك فإن الطالب يتقيأ الاجابة في الامتحان! وبلا أدني تفكير!!
أستاذنا الدكتور.. دعني أسألك.. وهل غياب الضمير أحد أسباب عدم تقدمنا هنا في مصر؟!
أولا.. علينا ان نعرف ماهية الضمير.. انه جملة القيم الموجودة في المجتمع.. فإذا كانت عندك داخل هذا المجتمع قيم طفيلية.. فسوف يصبح هذا الضمير طفيليا وبالتالي ينعدم وجوده!! اذن حتي نبدأ علينا ان نقاوم هذه الطفيلية ثم تعود الدهشة مرة أخري ونكون بذلك وضعنا أيدينا وأرجلنا علي الطريق الصحيح خاصة فيما يتعلق بالتعليم وإصلاحه!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.