نص عظة البابا تواضروس في خميس العهد بدير مارمينا العجائبي بالإسكندرية    خبر عاجل بشأن العمال ومفاجأة بشأن أسعار الذهب والدولار وحالة الطقس اليوم.. أخبار التوك شو    بعد تدشينه رسميا.. نقابة الفلاحين تعلن دعمها لإتحاد القبائل العربية    "ابدأ": نعمل في مبادرات متعددة.. وتنوع القطاعات الصناعية لدينا ميزة تنافسية    هنية: اتفقنا مع رئيس وزراء قطر على استكمال المباحثات حول الوضع في غزة    وزيرة البيئة تنعى رئيس «طاقة الشيوخ»: كان مشهودا له بالكفاءة والإخلاص    الأمم المتحدة: أكثر من 230 ألف شخص تضرروا من فيضانات بوروندي    منافس الأهلي.. صحيفة تونسية: جماهير الترجي تهاجم ياسين مرياح بعد التعادل مع الصفاقسي    "سددنا نصف مليار جنيه ديون".. الزمالك يعلن مقاضاة مجلس مرتضى منصور    «حصريات المصري».. اتفاق لجنة التخطيط بالأهلي وكولر.. صفقة الزمالك الجديد    بسبب كاب.. مقتل شاب على يد جزار ونجله في السلام    ‬رفضت الارتباط به فحاول قتلها.. ننشر صورة طالب الطب المتهم بطعن زميلته بجامعة الزقازيق    لحظة انهيار سقف مسجد بالسعودية بسبب الأمطار الغزيرة (فيديو)    سميرة سعيد تطرح أغنيتها الجديدة كداب.. فيديو    الضبيب: مؤتمر مجمع اللغة العربية عرسًا لغويًا فريدًا    أدباء ومختصون أكاديميون يدعون لتحويل شعر الأطفال إلى هدف تربوي في مهرجان الشارقة القرائي للطفل    "سور الأزبكية" في معرض أبوظبي الدولي للكتاب    ب9 عيادات متنقلة.. «صحة الإسكندرية» تطلق قافلة مجانية لعلاج 1540 مريضًا بقرية عبدالباسط عبدالصمد    مسؤول أممي إعادة إعمار غزة يستغرق وقتًا طويلًا حتى 2040    "مشنقة داخل الغرفة".. ربة منزل تنهي حياتها في 15 مايو    القناطر الخيرية تستعد لاستقبال المواطنين في شم النسيم    رسائل تهنئة شم النسيم 2024.. متي موعد عيد الربيع؟    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء: الخميس 25 يوليو انطلاق المرحلة الثانية لمسابقة النوابغ الدولية للقرآن    لا تهاون مع المخالفين.. تنفيذ 12 قرار إزالة في كفر الشيخ| صور    الداخلية تضبط 12 ألف قضية تسول في شهر    عاجل.. هيئة الرقابة المالية تقرر مد مدة تقديم القوائم المالية حتى نهاية مايو المقبل    تفاصيل منحة السفارة اليابانية MEXT لعام 2025 للطلاب في جامعة أسيوط    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    كاف يحدد موعد مباراتي مصر أمام بوركينا فاسو وغينيا في تصفيات كأس العالم    تمديد استقبال تحويلات مبادرة "سيارات المصريين بالخارج".. المهندس خالد سعد يكشف التفاصيل    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة    أردوغان يعلق على التظاهرات الطلابية بالجامعات الأمريكية لدعم غزة    أول رد من الكرملين على اتهام أمريكي باستخدام «أسلحة كيميائية» في أوكرانيا    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    ميقاتي يحذر من تحول لبنان لبلد عبور من سوريا إلى أوروبا    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    جرثومة المعدة.. إليك أفضل الطرق الطبيعية والفعالة للعلاج    أب يذبح ابنته في أسيوط بعد تعاطيه المخدرات    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    إعلامي: الخطيب طلب من «بيبو» تغليظ عقوبة أفشة لإعادة الانضباط في الأهلي    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تواصل نشر رؤي المفكرين والمثقفين حول المستقبل وكيف تصبح مصر دولة مدنية حديثة؟
الگاتب والمفگر الگبير صلاح عيسي يقدم رؤيته :الدولة المدنية الحديثة ضرورة لتحقيق تطور ديمقراطي جذري
نشر في الأخبار يوم 19 - 04 - 2010

تحت عنوان عريض وجامع حول »رؤية للمستقبل« كان حوارنا الشامل مع مجموعة كبيرة ومتعددة ومتنوعة من المفكرين والمثقفين والشخصيات العامة يجمع بينهم الاهتمام البالغ بالشأن العام، والمتابعة والرصد لجميع الظواهر والإرهاصات الطافية علي سطح الحياة في مصر من جوانبها المختلفة.
ويجمع بينهم وبيننا انهم ونحن وكل مصري مهموم بمستقبل مصر.. وصورة هذا المستقبل والتي اصبحت شاغل العامة والخاصة في ضوء الحراك والتفاعل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي نشهده الآن ونعيش تطوراته واحداثه حالياً.
هذا الحراك وذلك التفاعل الذي يرتكز في اساسه وجوهره علي الدفعة القوية التي احدثتها عملية الاصلاح الجارية في مصر الآن ومنذ خمس سنوات والتي انطلقت شرارتها بإعلان الرئيس مبارك التاريخي في السادس والعشرين من فبراير 5002، عن التعديلات الدستورية بدءاً بتعديل المادة الخاصة باختيار رئيس الجمهورية كي تصبح ولأول مرة في تاريخ مصر بالانتخاب الحر المباشر بدلا من الاستفتاء الشعبي.
وكان من الممكن ان نترك الطرح لموضوع الحوار عاما وفضفاضا حول الرؤية للمستقبل، ولكننا من منطلق الرغبة في ان يكون الحوار أكثر عمقا وأكثر تركيزا وتحديدا اخترنا ان تكون الرؤية للمستقبل موضع الحوار ترتكز وتتمحور حول السؤال موضع الاهتمام من الكل، وموضع الامل والسعي من الجميع، وهو: كيف تصبح مصر دولة مدنية حديثة؟!
والأخبار تواصل نشر رؤي مفكري مصر ومثقفيها : السيد ياسين ود. جابر عصفور ود. رفعت السعيد ود. صبري الشبراوي وأ. صلاح عيسي ود. منير فخري عبدالنور ود. علي الدين هلال، وأ. لويس جريس ود. مراد وهبة د. حامد عمار، ود. حسام بدراوي، والمهندس حسب الله الكفراوي، ود. فاروق الباز والشاعر عبدالرحمن الابنودي، ود. عاطف العراقي، ونجيب ساويرس، ود. محمد النشائي ، ود. محمد كمال.
وفي هذا الاطار، لابد ان نقول بصراحة كاملة ووضوح تام، ان ما تشهده مصر حاليا من تفاعل نشط وجاد، وتبادل للرأي والرؤية حول جميع القضايا والاطروحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وما نشهده من مناقشات هادئة في بعض الاحيان، ساخنة في اغلبها، وملتهبة في بعضها الآخر وما نراه ونعايشه من صدام الافكار وتصادم الاجتهادات والرؤي،...، كلها تأتي انطلاقا من ذلك المناخ الحر والايجابي الذي خلقته وأتاحته تلك الاصلاحات التي بدأت مسيرتها النشطة في نهاية فبراير 5002.
هناك اشخاص يحتاجون الي تقديم قبل ان نستمع ونفهم ما يقولون.. هذا التقديم لايقلل بأي حال من الاحوال من قدرهم وقيمتهم عند النخبة،..، ولكن الكاتب الصحفي صلاح عيسي يعفينا من هذا المجهود فهو بنفسه استطاع ان يكون قاعدة عريضة من العامة قبل الصفوة تستطيع ان تجلس وتقرأ او تشاهد وتسمع لما يقول.
وجه صلاح عيسي الكثير من مقالاته لهدف ايجاد دولة مدنية حديثة في مصر، ولم يحصر دوره كمفكر في هذا الاتجاه بل اكاد ازعم ان جريدة القاهرة التي يرأس تحريرها والتي تصدر عن وزارة الثقافة تكاد تكون احد المنابر الاساسية التي تنطلق من فوقها هذه الدعوة.
الملف لازال مفتوحا وباب الطرح مفتوح لجميع التيارات ولاصحاب جميع الاتجاهات فليس هناك احد، دون غيره يحتكر الحقيقة المجردة.. فماذا يقول صلاح عيسي في ملف الدولة المدنية في مصر؟!
بداية هل تجد جدوي من طرح هذا الطرح في هذا الوقت بالذات؟
يقول صلاح عيسي: الطرح بداية تأخر بعض الوقت فمصر تتحول من دولة مدنية مفترضة تأسست مع تأسيس دولة محمد علي، وعبر قرنين من الزمن الي دولة طائفية مع بداية سبعينيات القرن الماضي.. تحولنا الي دولة غير مدنية. ودولة ينقسم فيها المصريون الي طوائف بدلا من ان ينقسموا الي فرق سياسية.. وكان لابد ان نتنبه منذ فترة ان الطبيعة المدنية للدولة المصرية بدأت تتآكل وانه لايكفي ان تتسمك الطبقة العليا الحاكمة بالطابع المدني للدولة.. فهذا التمسك لا ينقل الي بقية مستويات الادارة وكل علي مستوي المجتمع.. والذي يحدث الان هو ان الناس تنظر الي الشأن العام وتمارس دورها عبر انتماءات دينية ومذهبية وانتهي بنا الامر الي تآكل سريع للدولة المدنية.
يضيف لذلك فإني أري ان الامر اصبح ضروريا لانه الباب من اجل تحقيق تطوير ديمقراطي جذري بنظم الوضع السياسي القائم في مصر الان، والاهم من هذا كله أن الدولة المدنية الحديثة هي الباب الذي يحافظ علي استقرار الوطن وعلي السلم لان التجارب الطائفية بجميع اشكالها في الدول المحيطة لاتحتاج الي درس، فهي تنتهي الي حروب اهلية وتفتيت الدول وتخريب المجتمع .
لهذا كله اتمني طرح شعار الدولة المدنية الآن واتمني ان يكون طرحا جديا.. وليس موسميا بل لابد من مواصلة العمل في هذا الاتجاه.
تطييب الخواطر
ما رؤيتكم لتحقيق شعار الدولة المدنية في مصر علي ارض الواقع؟
صلاح عيسي: هناك اجراءات عاجلة تتعلق بالملفات الشائكة، فلابد من البحث عن اسلوب للتعامل السياسي مع اشكالية الاحتياجات الطائفية لانها تمثل في رأيي جبل ثلج يطفو علي وجه الماء مع عدم استسهال القضية او التعامل معها بأسلوب تطييب الخواطر لانه لم يعد يجدي.. وهناك بنود في هذا الملف لابد من دراستها تمهيدا للاستجابة اليها وتحقيقها، لانها في رأيي لن تؤدي الي اعتراضات مثل قانون دور العبادة الموحد، وتطبيق قاعدة ان تولي الوظائف القيادية متاح لكل المصريين بصرف النظر عن اديانهم او مذاهبهم السياسية او جنسهم او الجهات التي ينتمون اليها.
هذه النقاط العاجلة يضيف صلاح عيسي لكي ننزع الفتيل ، ولكن هناك برامج لابد من تطبيقها علي المستوي الاستراتيجي.. فلابد ان ننقص جذور هذا الانقسام وهذا »التطييف« للمجتمع ونواجهها عبر الاعلام، والتربية والتعليم وتعديلات لبعض القوانين وبعض مواد الدستور.
هل المشكلة بالدرجة الاولي طائفية.. بمعني ان الطائفية وفقط هي التي تعوق ان تكون مصر دولة مدنية حديثة؟
صلاح عيسي: هذا هو المحور الاساسي.. لان الدولة المدنية هي بالدرجة الاولي دولة وطنية نشأت استنادا الي حقوق تاريخية لكل المواطنين الذين يقيمون علي ارض ما.. والاصل ان يكون كل مواطن مصري يقيم علي هذه الارض، وله تاريخ في الاقامة عليها ويؤدي التكاليف العامة مثل التجنيد الاجباري والضرائب العامة له ما لمواطن مصري آخر من حقوق .. ويشمل حق الانتخابات، وحق الترشيح وتداول السلطة، وحق في جزء من الثروة العامة وحق تولي الوظائف ، والحق في ممارسة الشعائر الدينية دون مضايقة فهذه حقوق تكلفها الدولة المدنية لمواطنيها.
جوهر الديمقراطية
يستدرك صلاح عيسي بقوله: جوهر الديمقراطية في الدولة المدنية ليس فقط الاغلبية وليس فقط الانتخابات النزيهة بل اهم من هذا وذاك هو حكم الاغلبية مع صناعة حقوق الاقلية.. والانتخابات النزيهة بشرط الحفاظ علي الطابع المدني للدولة وصيانة الحقوق التي يكفلها الدستور لبقية اطراف المعادلة السياسية.
فالاساس هو ان يتوزع المصريون الي تيارات سياسية والي رؤي سياسية في الامور الدنيوية وهو ما يعني حرية تشكيل الاحزاب.. فنحن ننقسم الي يسار ويمين ووسط وليبراليين واشتراكيين.. وبناء عليه فقد نجد وسط اليسار مسلما ومسيحيا وبروتوستانت وشيعة وسنة وارثوذكوس وقد تجد مثيلا لهم في تيار اليمين وكل مايجمع هؤلاء هو رؤية سياسية.. فنحن نصوت في الانتخابات، أو هكذا يحب، ليس علي اساس انتماءاتنا العشائرية ولا انتماءاتنا الجهوية او العربية او حتي المذهبية، ولكن نصوت علي برامج سياسية ورؤي سياسية في أمور دنيوية.. لذلك فأنا أري ان نظاماً انتخابياً يعتمد علي القائمة النسبية سيكون هو النظام الأوفق من الفردي.
ملفات التغيير
واذا ارتضينا هذا الفكر سنجد ان الكثير من الملفات في حاجة الي تدخل من اجل التغيير.. خذ عندك مثلاً المدارس ففي جيلي كنت ادرس مادة تسمي التربية الوطنية في المرحلة الابتدائية هذه المادة تعرفنا من خلالها علي دستور 32، وماذا يعني ان الامة مصدر السلطات، وماذا تعني الانتخابات العامة وحدود سلطة البرلمان وهو ما يؤدي الي مواطن يعرف كيف تحكم بلده، واشك ان تقابل من يعرف هذه المواد بعد الغاء هذه المادة وادخال القومية العربية عليها وتحويلها الي رطانة رسمية لا تجذب الطالب ولا تعرفه حقوقه أو حقوق غيره.
التغيير الذي طرأ علي الشخصية المصرية، وجعلها تنزع الي التعصب، والي اعلان احتكار الحقيقة دون الغير.. فقاعدة رأيي صواب يحتمل الخطأ وان رأي غيري خطأ يحتمل الصواب لم تعد مفعلة والتعصب يتعارض تماماً مع اسس الدولة المدنية التي تفترض حسب بنيانها اننا نختلف حول الشأن العام وقد يكون لكل منا رأي قد يكون علي صواب او قد يكون علي خطأ، وان دوره الحقيقي هو ان يجذب اكبر كتلة الي تبني آرائه وبالتالي فليس من الوارد ان احكم علي من يختلف معي في الرأي، لا بالكفر ولا بالخيانة.. فهي مفردات شاعت وراجت ويجب ان تخرج من القاموس السياسي الآن.
الشارع المصري
الحديث عن التغيير الي دولة مدنية حديثة هل هو حديث نخبة ام انعكاس لرغبة حقيقية في الشارع المصري؟
صلاح عيسي: لابد نقر بأن النخب السياسية والفكرية والثقافية هي المسئولة عن ايجاد وعي الجماهير، فأنا لا اطالب رجل الشارع بأن يفكر ويجتهد فيها. لكن دائماً هناك ما يمكن ان نسميه عقل الامة يمثل مجمل التيارات الثقافية والفكرية وحين تدرك النخبة، عبر الرؤية التاريخية ان ما خلصت اليه يمثل رؤية يجب ان تصل بها للعوام، وللعلم الشعب المصري شعب ذكي، برغم عوامل الطائفية والتعصب التي طغت علي الساحة مؤخراً، وانا هنا تحضرني قصة للأستاذ الكبير مكرم محمد احمد نقيب الصحفيين يقول فيها اننا كنا ونحن صغار نري السائحين في منطقة الحسين يرتدون »الشورت« ونجد ان المواطن المصري كان يعلق علي ذلك بكلمة »سلو بلادهم« فهو يدرك الفارق ويدرك انه بذلك يقبل الامر ويقدره ويعطيه حقه في ان يكون حرا.
الاشكالية ليست في العامة بقدر ما هي في النخبة يضيف صلاح عيسي: الذي حرض علي رفض ما كان شائعاً في مصر، في كثير من العهود انما هم اقسام من النخبة وللأسف تتبني هذه الرؤي.. وحين نتفق نحن النخبة علي حد ادني لهذه الامور ستجد الجماهير بفطرتها ان هذا هو أسلوب التعايش السلمي الموجود في مجتمعات مختلفة دينياً وفكرياً وسياسياً.
ماذا عن التجارب التاريخية، وتجارب بعض دول المنطقة التي قد تتشابه ظروفها مع التجربة المصرية؟
صلاح عيسي: هناك قاعدة في التاريخ تقول ان الواقع قادر علي ان يفرض نفسه.. فكل اصحاب الافكار المتزمته الذين فسروا بعض الايديولوجيات تفسيراً ضيقاً اتسم بالتزمت او يفسرون الاديان خارجاً عن السياق الاجتماعي.. فكل الاديان السماوية وحتي الدعوات الارضية السامية انطلقت من انها مناهج للتفكير وتكشف بكل زمان قواعده، وحين ينفتح العقل للتفكير في ضرورات الزمان، لا بد ان نعرف ان الواقع سوف يفرض نفسه في النهاية.. مثلاً الاخوان المسلمون كانوا ضد حركة المرأة للعمل، وكانوا ضد الحزبية والناصريون كانوا ضد التعددية، وفي لحظة تاريخية ما وعندما وجدوا ان هذا واقع تاريخي لا يمكن ان نفر منه سلموا وطوروا من طريقة تفكيرهم ولكن للأسف هذا تغيير بطيء.
المشكلة لابد ان نتدخل بشكل ارادي لكي نسرع من هذا التطور، ونتلافي آثاره قبل ان نتعامل بالدم، فنحن لا نريد للناس ان تقتنع ان الدولة المدنية ضرورة وحاجة اساسية عبر حرب اهلية كما حدث في لبنان او عبر وضع بشع مثل الذي في الصومال او عبر قلاقل كما حدث في السودان.
الأديان والدولة المدنية
لذلك لابد ان أجنب وطني وشعبي مزالق جربتها شعوب اخري بالفعل ونتحاور ونتناقش من اجل الوصول الي مشتركات وطنية حول هذا الموضوع.. وان نقول للناس ان الدولة المدنية ليست ضد الأديان، بالعكس فهي دولة تكفل لكل اتباع الديانات المختلفة ان يمارسوا شعائرهم.. ولا يوجد خلاف في الفضائل المدنية التي تطالب بها الاديان المختلفة، ولا حتي اصحاب الدعوات الانسانية الراقية.. وكان لدينا زعماء أمثال مصطفي النحاس كانوا متدينين وحريصين علي أداء طقوسهم وفي الوقت نفسه كانوا يدافعون عن علمانية الدولة، وان الدولة مصدر السلطات.
من أين تكون البداية؟
صلاح عيسي: من فتح الملفات الساخنة وهناك اجراءات متعلقة بالدولة مثل تمكين المرأة الي الملف الطائفي، وسائل دور العبادة، وسائل تولي الوظائف العامة، هذه الامور يجب ان تتخذ الدولة من الاجراءات ما يقضي علي هذه التوترات، وكلها درست باستفاضة، واعد لها مشروعات قوانين.. فالمشكلة الحقيقية هنا هو الايقاع البطيء في التعامل مع الامر فالادارة حريصة اكثر مما ينبغي، وكثيرة الحسابات والمخاوف اكثر مما ينبغي.. الملاحظ ان الرئيس مبارك بدأ يلح علي هذه الامور في خطاباته الاخيرة وهو تطوير جديد واري انه رسالة يجب ان تصل الي الادارة بجميع مستوياتها، وتصل ايضاً الي الفرق السياسية والحزب الوطني نفسه وبحيث تترجم هذه الامور الي اجراءات اسرع حتي لا يتسع »الخرق علي الراتق ولكن يظل امامنا مشهد لا يجب ان يغيب عنا او نغفله وهو ان الذين دافعوا عن مدنية الدولة في مصر تعرضوا خلال السنوات الثلاث الاخيرة لحملات ايديولوجية تتهمه بالكفر وبالخروج علي الملة.. وتعرضوا لاثقال من اثقال العدوان البدني كما حدث مع نجيب محفوظ، وفرج فوده.. وانتهي الامر بمجموعة اخري من المثقفين الي الخوف والانكماش او مداهنة هذه التيارات وتبني افكارها بدلاً من تفنيدها وتشجيعها علي الاجتهاد.
يضيف: جزء من اشكالية جماعة الاخوان المسلمين مثلاً انها ليس لديها اجتهاد فقهي خلاق يوائم ما بين اصول الشريعة الاسلامية وما بين خريطة الدولة المدنية.. فهم انفسهم يقولون ان الاسلام دين مدني فأين اجتهاداتهم؟ لا شيء ووصل الامر الي ان احد قادتهم قال لي اننا لا نستطيع ان نكذب أنفسنا بعد ان تبنوا افكاراً متشددة وصدقهم الناس، فكيف لنا ان نغير موقفنا، بالتأكيد سوف ينصرفون عنهم لأنهم سيتصرفون كمن يكذب نفسه.
ويهمني ان اقول ان هذه الجبهة الايديولوجية الساعية لايجاد ثقافة الدولة المدنية لابد ان تشارك فيها الصحافة والاعلام من اجل الوصول الي مشتركات للدولة المدنية.. وقبل سنوات طالبت بما يمكن ان نسميه عقدا اجتماعيا جديدا لمصر فكرته ان نتوصل نحن كجماعة مصرية الي المباديء والاسس للنظام الدستوري ونتفق علي ان مصر دولة مدنية مستقلة، أرضها لا يجوز التنازل عنها او تجزئتها وارادتها السياسية لا تقبل الضغوط الخارجية، وان مصر بلد ديمقراطي يقوم علي مبدأ التعددية الفكرية والسياسية والمذهبية والسياسية ويأخذ بنظام جمهوري برلماني وان مصر دولة مدنية علمانية يشرع الناس فيها بأنفسهم لأنفسهم بما يوافق زمانهم، علي ألا يتعارض ذلك مع مقاصد »الشرائع السماوية« وان تضمن الدولة في مصر توافر الحد الادني من مستويات المعيشة للطبقات الشعبية وغير القادرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.