من المقرر طبقا لما هو معلن، ومعمول به، حتي لحظة كتابة هذا المقال الساعة الواحدة من ظهر أمس، أن تعقد محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار احمد رفعت، أولي جلساتها صباح اليوم في مقر اكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس، لمحاكمة الرئيس السابق حسني مبارك، وآخرين، منهم نجلاه جمال وعلاء، ووزير الداخلية الأسبق ومساعدوه، بالإضافة إلي رجل الأعمال الهارب حسين سالم. ومحاكمة مبارك التي سنراها اليوم في بث مباشر علي الهواء هي السابقة الأولي من نوعها في التاريخ المصري المعاصر، وغير المعاصر، حيث لم يذكر لنا التاريخ انه قد حدث من قبل علي الاطلاق أن خضع رئيس جمهورية، أو ملك، أو وال، أو فرعون مصري للمحاكمة، وهو علي قيد الحياة،...، وان كان من المألوف ان يتعرض كل منهم للهجوم، ومحاولات التشويه بعد مماته. ومن الطبيعي ان تنتاب جميع المواطنين مشاعر انسانية مختلفة وأحاسيس بشرية متباينة، وانفعالات متضاربة تجاه المحاكمة، وتجاه مبارك تجمع في مجملها خليطا بين كافة ما يمكن أن يعتمل في نفوس البشر من مشاعر وأحاسيس وانفعالات تجاه أي انسان قدر له ولهم ان يتولي مقاليد أمورهم ويتربع علي كرسي الحكم فيهم طيلة ثلاثين عاما متصلة وهو اليوم يُحاكم بتهم عديدة تتصل بأفعال وقرارات وتصرفات منسوبة إليه خلال فترة توليه الحكم، واخطر هذه الاتهامات بلاشك هو الاتهام بإصدار الامر بقتل المتظاهرين. وفي هذه اللحظة الفارقة من الزمان لنا قول، وقول،...، الأول ان نذكر بكل الاجلال قول الله عز وجل » قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ« صدق الله العظيم »سورة آل عمران الآية 62«. أما الثاني فهو ان ننبه أنفسنا وكل الناس في مصر، أبناء هذا الشعب العظيم، ان من حق هذا الرجل،...، علينا مهما كان، سواء كان رئيسا سابقا أو خادما، أو مخدوما.. من حقه محاكمة عادلة لا تتأثر بإنفعال، أو ضغوط الرأي العام، ولا تنال من نزاهتها وشفافيتها نزعات الرضا، أو السخط أو الغضب، أو رغبات التشفي أو الانتقام، هذا حقه، وهذا ما يجب أن يحصل عليه ظالما أو مظلوما، وهذا ما يليق بشعب مصر وثورته النبيلة، وقضائه العادل والشامخ.