ليس هذا هو وقت اشعال الحرائق ولا تصيد الخلافات ولا تصفية الحسابات، بل هو وقت التكاتف لعبور الأزمة ووأد الفتنة واجهاض المؤامرات علي الثورة وعلي الوطن. القلق الان مشروع، والخوف علي ثورتنا العظيمة مبرر، ولكن فلنحذر من مشاعر الاحباط، ولندرك ان كل الثورات الكبري في العالم تجتاز لحظات عصيبة، ولنثق في قدرتنا علي هزيمة كل المؤامرات واستكمال مسيرة الثورة حتي نبني مصر التي نحلم بها جميعا. ان ما حدث في موقعة العباسية خطير ولا يمكن تجاوزه أو التسامح فيه حتي لا ندخل في دائرة جهنمية من العنف، وحتي لا نخون الثورة التي نفتخر جميعا بأنها قامت واستمرت وانتصرت لانها تمسكت بأنها ثورة سلمية.. سلمية. التحقيق فيما حدث ضروري، والحساب علي أي تجاوز وقع هو فرض عين علينا جميعا. ولكن المحظور قطعيا هو أن نقع في الفخ الذي يريد تصوير الأمر علي انه انهاء للتحالف الذي قاد الثورة إلي النجاح بين الشعب والجيش. إن أصوات التحريض من هنا وهناك ينبغي ان تتوقف لكي نستطيع ان نعبر الأزمة، وحتي لا نحقق ما يريده الأعداء من جر قوي الثورة إلي الصدام، وجر مصر إلي الفوضي. إن علينا جميعا ان نتذكر ان الثورة مازالت في بداية طريق طويل، لن تستطيع اجتيازه إلا بامتلاك القدرة علي ادارة الصراع بفهم عميق وبادراك لخريطة الأعداء والحلفاء وبمباديء مهمة لا يجوز التخلي عنها في أي وقت. نضع في مقدمتها: ان جيشنا العظيم هو جيش المصريين جميعا الذي ينبغي ان نحرص علي بقائه بعيدا عن الصراعات السياسية الضيقة، ليقوم بمهمته في حماية الثورة وتأمين الوطن. ان المجلس العسكري وهو يقوم بمهمته في هذه الظروف الصعبة ينبغي ان يلقي كل الدعم من قوي الثورة، وإذا كان هذا لا يمنع الحوار حول قرارات سياسية يتخذها بالتأييد أو المعارضة. فالمهم هنا أن يكون هناك ادراك عميق من المجلس بأنه ليس طرفا محايدا في هذه المرحلة، بل هو طرف منحاز - منذ اللحظة الأولي - للثورة وأهدافها. ان شباب الثورة الذين ناضلوا وضحوا هم ثروة الوطن وأمل المستقبل. وعلينا ان نقدر الظروف التي يمرون بها وهم يواجهون مؤامرات القوي المضادة، ومحاولات الاختراق المشبوهة، وتحركات الدخلاء والعملاء، وضغوط القوي التي تريد سرقة الثورة. انهم يحتاجون للحوار المستمر والتفاعل الحقيقي وليس لتوجيه الاتهامات بالخيانة والعمالة! الحوار وليس الصدام، والتهدئة وليس التحريض، والوحدة كما تعودنا حين يكون الوطن في أزمة والثورة في خطر. جلال عارف