أخطأ د. عصام شرف رئيس الوزراء وخطؤه بلغ درجة الخطيئة التي لا يمكن تجاوزها أو السكوت عليها. خطأ د. شرف الذي لا يغتفر أنه قرر أن يضرب العدالة في مقتل ارضاء للثوار أو حفاظا علي كرسيه أو لأي سبب آخر. د. شرف اتخذ عدة قرارات في بيانه الصادم الذي ألقاه أمس الأول كفيلة بأن ترسي شريعة الغاب في المجتمع وتجعل الأكثر قوة أو الأعلي صوتا فوق القانون ويستطيع أن يستصدر من الحكومة ورئيسها قرارات تضرب العدالة التي هي الملاذ الأخير لأي مجتمع متحضر وهي الملاذ الأخير لأي مواطن ثائر أو صامت أو حتي فاسد. أعلن رئيس الوزراء عن تشكيل دوائر معينة وقيل إن عددها ست دوائر تتفرغ للفصل في قضايا قتل الثوار ومحاكمة الفاسدين ورموز الحزب الوطني.. وهذا للوهلة الأولي جميل ولكنه تعدي علي اختصاص المجلس الأعلي للقضاء والذي هو مستقل عنه وعن وزير العدل وهو المنوط به تحديد تفرغ دوائر من عدمه وتحديد عددها واختيار قضاتها وبهذا أخرج كارت إرهاب غير مقصود للقضاة الذي أعلن كثيرون منهم انهم يجلسون علي الكرسي للحكم بالقانون وإرساء العدالة وليس لارضاء الشارع لأن العدل والذي هو أحد أسماء الله تعالي إن ضاع ضاعت الأمة وضاعت ثورتها. وعلي نفس النهج أعلن انهاء خدمة الضباط المتهمين بقتل الثوار وأضع مليون خط تحت كلمة »المتهمين« وهي تعني انهم ليسوا »مدانين« بعد ضاربا مبدأ المتهم برئ حتي تثبت ادانته« عرض الحائط.. بل أكد انه أعطي الأوامر للواء منصور عيسوي وزير الداخلية لإنهاء خدمة هؤلاء الضباط دون تفرقة وبعضهم قد يستحق التكريم لانقاذه أبرياء أو لدفاعه عن مكان عمله والمال العام للدولة.. وكأن الشرطة عدد من أعداء الوطن ولكنا جربنا احساس عدم الأمان عندما غابت عن الشوارع. وأعجبني رد فعل وزير الداخلية الذي أعلن انه لن ينفذ قرار رئيس الوزراء وأنه لن يخالف القانون ولن يستبق المحاكمة وانه سيستقيل إذا أصر رئيس الوزراء علي موقفه.. وقال ان رئيس الوزراء ليس من اختصاصه إصدار أي قرار بشأن الضباط الذين يمثلون حاليا أمام محاكم الجنايات والقاضي هو وحده الذي بيده أن يصدر قراره. د. شرف في بيانه ضرب أمن وأمان الوطن في مقتل ضرب أمنه متمثلا في ضباطه الذين يقومون بواجبهم في ظروف أصعب ما تكون بسبب الحملة المضادة لهم وهم وإن كان فيهم الفاسد مثل أي قطاع في المجتمع فبينهم الشريف الذي يضحي بحياته وييتم أبناؤه حماية للمجتمع.. وضرب أمان الوطن والمتمثل في حصن العدل والقضاء وإرساء القانون بتدخله في قرار تفرغ دوائر قضائية وتشكيل دوائر قضائية وليس ببعيد أن يحاول هو أو بأمر وزير العدل تعيين قضاة محددين لهذه الدوائر ارضاء للشارع.. وأنا أعلم أن هذا بعيد وهو يعلم أن هذا ليس من حقه.. وأعلم ان في مصر قضاة بارعين شامخين أقوياء لا يحكمون إلا بالقرائن والمستندات والقانون ولن يبيعوا ويلوثوا تاريخهم بأحكام تحرض الشارع أو الحكومة أو أي جهة من الجهات. الشارع غاضب بسبب التباطؤ وهذا حقه.. الشارع غاضب بسبب عدم وضوح الرؤية وهذا حقه.. الشارع غاضب بسبب ضعف الحكومة وعدم قدرتها علي إحداث التغيير المطلوب سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وهذا حقيقي. ولكن لا يمكن أن يطلب الشارع أن تسود شريعة الغاب وتغتال العدالة ويصبح البقاء للأقوي لأنه أذكي من أن يعرض نفسه وأهله وبلده لهذا الدمار. د. شرف التدخل في سير العدالة خطيئة لا نستطيع أن نغفرها.