8 ساعات كاملة قضاها محررو الأخبار مع المصابين داخل مستشفي دمنهور العام بمحافظة البحيرة ما بين مبني الطوارئ و غرف العمليات ومشرحة المستشفي، حيث تحولت غرف المصابين لخلية نحل أبطالها الاطباء والممرضون تواجدوا بجانب المصابين لحظة بلحظة لانقاذ حياتهم، أهالي القري توافدوا حتي الساعات الاولي من صباح أمس للتبرع بالدماء وتقديم يد العون للمصابين، أهالي المصابين تضرعوا لله لشفاء ذويهم ، رصدت »الاخبار» خلال جولتها حكايات الناجيون من جحيم قطار الموت ، فداخل مبني الطوارئ اكتظ عشرات الاهالي أمام غرفة الاشاعات المقطعية والتعب أنهك اجسادهم بعد ليلة طويلة قضوها بجانب ابنائهم للاطمئنان عليهم، اقتحمنا السياج الامني المفروض داخل أروقة المستشفي، وانتقلنا للطابق الاول وبه يرقد المصابون، الامهات أغرقت دموعهن ملابسهن وجلسن بجوار أبنائهم المصابين والاباء والاشقاء ترددوا علي غرف الاطباء للاطمئنان علي ذويهم. داخل غرفة رقم 12 يرقد 4 مصابين بكسور بالحوض و الساقين و جروح بالوجه، تعال الصراخ والعويل » الحقونا .. الحقونا ابني بيموت مني » علي الفور حضر الاطباء و استعانوا باسطوانة أكسجين صناعي للمصاب محمد محمود، اقتربنا من والدته وهي تجلس ارضا والدموع تسيل من عيناها خوفا علي حياة ابنها و قالت أنها كادت ان تفقد ابنها مرتين في حادث قطار الاول منذ 3 شهور وأنقذته عناية الله منه و الثانية حادث أول أمس وأصيب بكسور بالقفص الصدري والقدم، توقفت الام عن الحديث وقالت حسبي الله و نعم والوكيل في كل مقصر يتقاعس في حماية المواطنين الابرياء . وبجانبها كان يرقد محمد البنا 45 سنة والدماء تكسو ملابس عمله نتيجة اصابته بكدمات وجروح بجسده، وقال انه استقل القطار من كوم حمادة للذهاب لعمله بالقاهرة الا أن القدر حال بين ذلك، فالموت شاهدته بعيني في أجساد الركاب المصابين بعد تحطم عربة القطار الاخيرة علينا، وقال ما ذنب هؤلاء المصابين الابرياء ان تسيل دمائهم و تزهق أرواحهم فجاءة وبدون مقدمات وأين المسئولين في حوادث القطارات المتعددة ؟!. وبالغرفة المجاورة تعالت أصوات الاوجاع والاهات لحسين محمد حسن المصاب بكسر بالحوض و القدمين من شدة الالم ، تجمع حوله الاهالي بتضميد جراحه وانتظارا لدوره في غرفة العمليات وجدنا الدماء تنزف من وجهه لكثرة الجروح بها وبمجرد أن شاهد المصاب كاميرا الاخبار فتح قلبه و قال الغلابة دايما كبش الفداء لتقصير المسئولين بالدولة في كل حوادث القطارات، نضع حياتنا بين أيدينا فور استقلالنا القطار. وبالطابق السادس يرقد عشرات المصابين باصابات بالمخ و الاعصاب فكان عدد كبير من الاطباء والجراجين يتابعون بعناية فائقة المرضي المصابين وحاولوا ابعاد الاهالي وكاميرات الصحفيين عن المرضي لتوفير الراحة لهم . توجهنا بعد ذلك لغرفة العمليات ويرقد بها 4 مصابين باصابات كسر بالحوض و تركيب مسامير وشرائح بالقدم و جروح قطعية وكسور بالمخ حيث تواجد عشرات الاهالي والترقب يسيطر عليهم في انتظار خروج ذويهم وتماثلهم للشفاء بعد اجراء التدخل الجراحي، دقائق وخرج مصاب وأسرع عليه جميع الاهالي في لافته طيبة للاطمئنان علي صحه وكان لسان حاله » الحمد لله» وأكد الاهالي أنهم راضون بقضاء الله و قدره علي كل حال و تساءلوا لماذا لم يتم وضع حد للحوادث التي تقع علي قضبان الغلابة؟! . اختلف المشهد تماما أمام مشرحة المستشفي الحزن خيم علي جنبات المكان وتعالت الصراخ و البكاء، الامهات اتشحن بالسواد والدموع تتساقط من عيونهن، والاباء وقفوا ينتظروا خروج جثامين أبنائهم و حزن الفراق يكسو وجوه الجميع ولسان حالهم فين حقوق أبناءنا، وغيرهم من الضحايا .. وتساءلوا متي سيوقف مسلسل نزيف الدماء علي قضبان الغلابة؟! .