وراء كل كارثة كبيرة قطار أعمي.. وحادثة قطار دهشور خلفت وراءها قصص ومآسي حزينة لا يمكن وصفها ويكفي ان نقول ان هذا الحادث المنكوب خلف وراءها أكثر من 30 قتيلا و33 مصابا معظمهم من عائلة "حنا" بالفيوم لتتحول فرحة هؤلاء البسطاء القادمين من عرس أحد أقاربهم بالمعادي إلي مأساة ستظل أمام أعينهم وفي أذهانهم طوال العمر ومن المؤسف أن يتزامن هذا الحادث مع الذكري الأولي لحادث قطار أسيوط الذي حصد أرواح أكثر من 51 طفلا.. ليكون دائما هناك قطار أعمي يحصد أرواح الأبرياء يحميه فساد وإهمال مسئولين كبار. رصدت "المساء" حالة المصابين بمستشفاي أم المصريين والهرم وهم يروون الحكايات والمشاهد التي يشيب لها الولدان فكان المشهد هناك يضني القلوب فمعظم المصابين في حالة سيئة جدا ولا يستطيعون الحركة ومنهم من لا يستطيع الكلام ومنهم من يتعالي صراخه في أركان الحجرة التي يرقد بها نظرا لشدة إصاباتهم ما بين الكسور والجروح والسحجات والكدمات.. وفي الوقت الذي نفسه فقد ازدحمت مشرحتا المستشفيين بالقتلي. أما الأهالي فهم في حالة يرثي لها بعدما فقدوا فلذات الأكباد والأباء والأمهات والأخوات والإخوة.. ورغم ذلك لم يرحمهم أحد فهم مشتتون بين المستشفيات لمتابعة حالة ذويهم من المصابين واستخراج جثث الضحايا. قالوا ل"المساء" لمرة واحدة علي الحكومة ان تحترم عقولنا ولا تلقي بالتهمة علي عامل المزلقان..وتقوم بمحاكمة المهملين والفاسدين في وزارة النقل وهيئة السكة الحديد. أكد أهالي القتلي والمصابين ان الحداث ما هو إلا حلقة جديدة في مسلسل الاهمال الذي تعيش فيه مصر ففي كل عام يقع أكثر من حادث قطار وفي النهاية يكون "عامل" المزلقان هو كبش الفداء بينما يظل المسئولون الفاسدون في مناصبهم ولا يمسهم السوء ولا يقدمون للمحاكمة. ففي مستشفي أم المصريين مأساة أسرة بأكملها ففي الدورالثاني يرقد "سمير يواقيم جرجس - 60 عاما" يعاني من جرح سطحي بالرأس واليد اليمني حالته مستقرة تماما وبجواره زوجته "نجيبة معوض كريم - 61 عاما" تعاني من جرح قطعي خلف الركبة اليمني وتم إجراء عملية جراحية لها.. وعلي سرير آخر ترقد ابنتيهما "سامية - 38 عاما" تعاني من كدمات وسحجات بالركبة اليسري والفخذ الأيسر. أما في الحجرة المجاورة فيرقد الابن الشاب "سامح يواقيم - 35 سنة" وهو لا يستطيع التحدث نظرا لوجود جرح داخل الفم تم عمل الجراحة اللازمة له بغرزتين هذا بخلاف كسر في ذراعه اليمني وجرح شديد بالرأس وكدمات متفرقة بالجسد. أكدت سعاد ان ولديها "بولا" و"بيشوي" كانا ضمن المصابين في الحادث ولكن "بولا" لم يصبه مكروه أما بيشوي فهو يرقد باحدي غرف العناية المركزة بمستشفي الهرم بعيدا عنها. استقبلت مستشفي الهرم 17 حالة منهم 5 وفيات و5 حالات تم تحويلهم إلي جهات أخري أما باقي المصابين فمازالوا يتلقون العلاج اللازم. يقول المهندس "اسحق فوزي سليمان - 61 عاما" بالمعاش هو أحد المصابين في الحادث الأليم والذي فقد 9 من أقاربه منهم ابنته وحفيدته وأسرة أخيه كاملة منهم زوجته وأولاده وأزواج بناته بالكامل.. انه لم ينجو من الحادث إلا من طار من شبابيك الأتوبيس أثناء دهس القطار وجره لمسافة تزيد عن 3 كيلو مترات. ويروي لنا عم اسحق قصة الحادث قائلا: عندما اقترب الأتوبيس من مزلقان دهشور لم نسمع الجرس الذي ينذر بقدوم القطار ولم نجد سلاسل تحجز السيارات علي المزلقان ولا يوجد عامل للمزلقان وفي هذا الوقت فوجئنا بقطار البضائع يضرب سيارة نقل لوري كبيرة لدرجة ان كابينة السيارة انقسمت نصفين ولم نر السائق ولا التبع وبعد يذلك انحرف القطار عن مساره بعيدا عن القضبان واصطدم بالأتوبيس وظل يدفعه لمسافة حوالي 2 كيلو متر أو يزيد حتي توقف بجوار مركز تدريب الأمن المركزي. أضاف: كنت أجلس في الكرسي الأمامي بجوار السائق وبجواري شخص آخر وفوجئت بأن الأتوبيس بأكمله قد دهسه القطار ولم يتبق منه سوي الكرسي الأول فقط الذي نجلس عليه.. ولم ينجو من الحادث إلا من كان يتساقط من الأتوبيس بعيدا عن مسار القطار علي الرمال الموجودة علي جانبي الطريق أما الآخرين فقد دهس القطار لحومهم وحطم عظامهم.. وكان أول من وصل إلينا هم ضباط وجنود مركز تدريب الأمن المركزي في هذه المنطقة. أضاف: هناك فساد كبير في هيئة السكة الحديد ولابد من إعادة هيكلتها بالكامل ومحاكمة الفاسدين وألا يقتصر الأمر علي محاسبة عامل المزلقان فقط الذي تعودنا دائما ان يكون هو كبش الفداء الوحيد ليستمر بعد ذلك مسلسل الاهمال الذي يروح ضحاياه المئات بل الآلاف كل عام نتيجة حوادث الطرق.