المصابون: المزلقان كان «مفتوحاً» دون إنارة.. ولم نشاهد العمال في أماكنهم ماجدة فقدت بنتها وحفيدتها وتؤكد: كل ما تبقي من الأتوبيس الكرسي الذي أجلس عليه القطار سحب الأتوبيس عدة كيلو مترات على القضبان حتي تحول إلي قطعة من «الحديد والدم» مأساة إنسانية داخل الغرفة «226» ومصاب ل«الحكومة»: حكموا ضمائركم جهاز إنذار المزلقان لم يعمل إلا بعد وقوع الحادث.. وجنود أمن مركزي حملوا المصابين لسيارات الاسعاف متابعة: أسماء فتحي تصوير: ياسر مسلم لم يكن حادث تصادم قطار دهشور واصطدامه بأتوبيس رحلات مجرد حادث تصادم فحسب لكنه كارثة حقيقية بكل المقاييس بسبب فقدان عائلة بأكملها معظم أفرادها وأبنائها في آن واحد لم يرتكبوا أي جرم قط بل كانوا في حفل خطوبة لإحدي فتيات العائلة وكل ذنبهم أنهم فرحوا بها وتوجهوا لحضوره لتنعم بدفء أهلها ومباركتهم لخطبتها ولكن سرعان ما تبددت الفرحة إلي حزن ودماء وعويل وبكاء وسط ظلمة الليل التي بددته أضواء الفجر دون الصرخات والآهات لفراق الأحباب والأبناء ليصمت الأمل وتكسو الوجوه ملامح الحزن التي ستعلق في الأذهان مع مشاهد الساعات الدامية التي عاشها المصابون والناجون في ذلك الحادث الأليم. «المسائية» انتقلت إلي مستشفي الهرم لتنقل روايات أهالي المصابين والضحايا بعض تفاصيل لتلك الساعات المرعبة التقت خلالها بالأطباء المعالجين واستمعت لروايات المجني عليهم ورصدتها خلال السطور القادمة. البداية عندما قال د. خالد مخلوف مدير عام مستشفي الهرم استقبلنا 34 حالة منها 5 حالات وصلت إلي المستشفي جثث هامدة وتم ادخالهم بالثلاجات تم تسلمهم ذويهم بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة وتصريح النيابة العامة بدفنهم حيث تم نقلهم في 5 سيارات اسعاف إلي محافظات مختلفة لتشييع جثامينهم ودفنهم وسط صراخ وعويل من أهالي الضحايا. فيما أضاف مخلوف بأن هناك 5 حالات تم تحويلها إلي مستشفي أم المصريين و7 حالات أخري حصلوا علي تصريحات خروج لتحسن حالاتهم ولا يزال بالمستشفي 17 حالة مازالوا محتجزين من بينهم 4 حالات حرجة هي لفتاة و3 أطفال وأكبرهم طفلا عمره 6 سنوات وشقيقين أحدهما 3 سنوات والآخر عام ونصف العام وينتظرون إجراء جراحات عاجلة وأشاد «مخلوف» أن الفتاة 15 عاما أجريت لها جراحة استكشافية عاجلة تبين من خلالها اصابتها بنزيف بالبطن وأخري مصابة بكسر في الحوض وتحتاج لجراحة لتركيب شريحة طبية ومسامير بعد نقل كميات من الدماء اليها لانخفاض نسبة «الهيموجلوبين» لديها أما أحد الأطفال وأخطرهم حالة يرقد الآن علي جهاز التنفس الصناعي بقسم رعاية الأطفال ويعاني من فقدان تام للوعي ومازال تحت الملاحظة والعلاج لإصابته بكسر مضاعف في الجمجمة، فيما تنوعت اصابات ال14 حالة الأخري ما بين كسور وجروح قطيعة وكدمات وسحجات في أماكن متفرقة من أنحاء الجسد وهم الآن تحت العلاج الحفظي بالمستشفي لمدة 48 ساعة شاب 21 عاما. كما يرقد «بيتر» أحد الحالات في قسم الرعاية المركزة بالطابق الثاني فيما توجد 9 حالات في الطابق الرابع وأخري في الطابق الثالث كانت ماجدة موريس ذات ال57 عاما هي مأساة حقيقية لكارثة قطار دهشور ترقد علي سرير بغرفة رقم 219 من بين تأوهاتها ودموعها حاولت استخلاص بعض العبارات التي تخنقها الدموع فقالت وهي تبكي ماذا يفيد اسعافي ومحاولات انقاذي؟ وكيف تصفو الحياة لي بعد فقداني لابنتي الكبري «إنجي» ذات ال35 عاما وحفيدتي ماريا مين هيرجعلي بنتي وحفيدتي؟ ومن سيجعلني أقف مرة أخري علي قدماي التي كسرها الإهمال وانعدام الضمير من سيعيد لي أسرتي التي لم ينجو منها سوي ابنة واحدة وزوجي الذي يرقد مصابا في حالة خطيرة بالطابق الرابع. وأضاف «ماجدة» المسئول عن تلك الكارثة هو من لم يقم بعمله.. هو من ترك المزلقان مفتوحا دون إنارة.. أنا لم أشاهد أي عمال للمزلقان متواجدين في أماكنهم وكانت الدنيا في ظلام دامس ولا توجد اضاءة لمصباح ولو كيروسين حتي كل ما رأيته هو قطار بضاعة مكون من أكثر من 30 عربة وأنا كنت أستقل أتوبيس الرحلات في الكرسي قبل الأخير باتجاه السائق ولم أحد من الأتوبيس سوي الكرسي الذي كنت أجلس عليه وكانت هناك سيدة أخري بجواري ثم نزلت وذراعي لم اشعر به ولم أقو علي رفعه لانه كسر تماما حيث استمعت لأصوات طرقعة لعظامه بالكامل ثم وجدت القطار فوق الأتوبيس وسحبنا لعدة كيلو مترات أمامه حتي تحول إلي قطعة من الحديد والقطار يعلوها في حين تدمر الجزء الثاني للأتوبيس وراح ضحيته كل من كان يجلس في هذا الاتجاه أما المصابين فكانوا في اتجاه السائق حيث كنت أجلس. تأوهت «ماجدة» للحظات ثم استطردت رواية تفاصيل الساعات الدامية قائلة وجدت نفسي عقب ذلك ملقاة علي الرمال ولا استطيع الحركة علمت بوفاة ابنتي وابنتها وابنها يوسف الناجي الوحيد الحقي بابا وماما ماتوا ولقيت حولي جثث الناس كثير واشلاء لآخرين. والمثير أن ماجدة اتهمت عامل المزلقان لانه لم يقم بدوره وأهمل في عمله ولم تدين الحكومة قائلة: الحكومة مش حتحرص كل بني آدم.. من أخطأ هو معدوم الضمير الذي تراضي في محمله.. أنا لن ألوم علي وزير النقل فهو لن يراقب كل الناس.حكاية الغرفة 226 أما في الغرفة 226 بالطابق الثالث بمستشفي الهرم كان يرقد الضحية فؤاد نادي المصاب بكسور مضاعفة والذي لم اتمكن من الحديث معه لأنه كان تحت تأثير حقن تخديري. والتقيت ابنه أحمد فؤاد حمد 21 عاما مهندس فأكد لي تلقيت مكالمة هاتفية في تمام الثانية من فجر أمس الأول الاثنين بأن واحد أصيب في حادث تصادم لقطار بأتوبيس في منطقة دهشور والذي اصطدم قبل الأتوبيس بسيارة نقل بمقطورة بعدها أطاحت بالأتوبيس لعدة كيلو مترات فهرعت إلي مكان الحادث ونقلت والدي لمستشفي الهرم والذي تبين انه المصاب الوحيد بكدمات وسحجات في الحادث بينما كانت هناك إصابات خطيرة وحرجة. قطار آخر اصطدم بملاكي قبل الحادث بأيام قال عماد نادي شقيق أحد المصابين ان كارثة مزلقان دهشور لم تكن الأولي فقد سبقها بعدة أيام وقوع حادث تصادم لقطار بضائع أيضا بسيارة ملاكي ماركة «بيجو» . مفاجأة جهاز الإنذار لا يعمل: أكد شقيق أحد المصابين ويدعي محمود أبوزيد أن جهاز الإنذار بالمزلقان لم يكن يعمل حتي وقوع الحادث فجر أمس الاثنين لكنه أجراسه بدأت في العمل بعد وقوع الحادث في تمام السادسة صباح أمس عقب وصول المسئولين والقيادات الأمنية. ضباط الأمن المركزي حملوا الضحايا علي أكتافهم وأكد أحد الشهود بأن الحادث عندما وقع بالمزلقان وقام القطار بالإطاحة بالمجني عليهم علي مسافة ثلاثة كيلو مترات توقف بالقرب من أسوار معسكرا لقوات الأمن المركزي فأسرعوا بحمل الضحايا والمصابين علي اكتافهم حتي توصيلهم إلي سيارات الاسعاف التي انتقلت إلي مكان الحادث عقب وقوعه بساعتين ولم تسمح الطبيعة الصحراوية للمنطقة من دخول السيارات اليهما مما دعا الضباط والعساكر إلي حملهم حتي خرجوا للطريق. نداء للحكومة وجاء ربيع محمد الناجي الوحيد في الحادث بدون اصابات نداء لكل المسئولين بالحكومة والأجهزة المعنية بأن تقوم بدورها وليس الاكتفاء بإقالة وزير أو محاسبة عامل فالأمر أكبر من ذلك وأضاف: علينا ألا نحمل عامل المزلقان أكثر مما يحتمل فهو وان اخطأ علي أقل تقدير يحتاج إلي آخرين يعاونوه كما يجب ان يكون مؤهلا من الأساس لهذا العمل ويجيد القراءة والكتابة مختتما حديثه باننا لابد ان نحكم ضميرنا وإلا ستتراجع مصر أكثر مما هي عليه الآن.