تواجه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي عدة أزمات في وقت واحد إذ تحيط الفضائح بعدة وزراء في حكومتها ويزيد التشكيك داخل حزبها في قدرتها علي قيادة بريطانيا نحو خروج آمن من الاتحاد الأوروبي فضلا عن الجدل المستمر بشأن ما إذا كانت هي الشخص المناسب للمنصب وخاصة في ظل مجموعة من الفضائح والازمات إلي تعصف بحكومتها مؤخرا. وتواجه ماي صعوبة في الحفاظ علي السيطرة علي حزبها منذ الانتخابات المبكرة التي جرت في يونيو الماضي، والتي دعت إليها معتقدة إنها ستفوز فيها بفارق كبير ولكنها بدلا من ذلك أسفرت عن فقد أغلبيتها في البرلمان. ومنذ ذلك الحين تخرج حكومتها المنقسمة من أزمة لتدخل في أخري. وتقول صحيفة صنداي تايمز ان هناك 40 نائبا بالبرلمان البريطاني من حزب المحافظين الذي تتزعمه ماي وقعوا مؤخرا علي رسالة تعلن عدم الثقة في ماي.. ويقل هذا بثمانية عن العدد اللازم لإجراء انتخابات علي زعامة الحزب وهي الآلية التي يمكن بها عزل ماي من رئاسة الحزب واستبدالها بزعيم آخر. وتعاني حكومة ماي من انقسامات بشأن كيفية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وهي مضطرة باستمرار للتوسط بين الفصائل المتصارعة في حكومتها، وبعضهم يريد خروجًا سريعًا ونظيفًا من الكتلة الأوروبية، في حين أن البعض الآخر يزعجه موضوع حماية الاقتصاد. كما يجب عليها أن تبدد الشكوك داخل الاتحاد الاوربي حول قدرتها علي التوصل إلي اتفاق. حيث تخوض تيريزاماي معركة برلمانية حول تعديل القوانين لمرحلة ما بعد البريكسيت في الوقت الذي يناقش مجلس العموم البريطاني مشروع قانون يهدف إلي وضع حد لسيادة التشريعات الأوروبية علي القانون البريطاني في إطار البريكسيت حيث تواجه ماي تحديات رفض المعارضة لبعض التعديلات المقترحة التي تسمح للمؤسسات في بريطانيا مواصلة أعمالها بشكل طبيعي بعد انفصالها بشكل تام عن الاتحاد الاوربي. أما عمليات التصويت الأكثر توترا فستتم في الأسابيع المقبلة عندما سيسعي نواب محافظون للحد من السلطة التي يمنحها نص القانون إلي الحكومة في مجال تعديل القوانين الأوروبية بالتوازي مع نقلها إلي التشريعات المحلية. وتواجه حكومة ماي إمكانية التعرض لانتكاسات حول بعض التعديلات الأساسية في حال وقف نواب محافظون معارضون لها مع نواب حزب العمال المعارض. حيث لاتملك رئيسة الحكومة في الواقع سوي غالبية صغيرة في البرلمان بفضل تحالفها مع الحزب الإيرلندي الشمالي. في الوقت نفسه تعاني حكومتها من تصدعات داخلية إثر استقالة وزيرين، فقد اقيلت برتيني باتل وزيرة التنمية الدولية بعد أن أثارت عاصفة من الانتقادات والجدل حولها بسبب حضورها 12اجتماعا سريا مع مسؤولين إسرائيليين اثناء وجودها في اسرائيل لقضاء اجازة خاصة ولم تبلغ وزارة الخارجية او رئيسة الوزراء عنها، كما لم تُخبر باتيل احدا بشأن منحها مبالغ من أموال دافعي الضرائب إلي الجيش الإسرائيلي تحت بند علاج لاجئين سوريين جرحي في المنطقة التي تحتلها إسرائيل من مرتفعات الجولان. وتعد هذه هي الاستقالة الثانية في حكومة المحافظين خلال أسبوع بعد استقالة وزير الدفاع مايكل فالون علي خلفية مزاعم تحرش لإحدي الصحفيات وتعيين جافن ويليامسون خلفًا له. كما يواجه بوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني الآن مطالبات بالتنحي من منصبه بعد تصريحاته الأخيرة حول البريطانية المحتجزة في إيران والتي استغلها النظام الإيراني لتبرير اعتقالها. وكان جونسون قد صرح مؤخرا أمام لجنة بمجلس العموم البريطاني إن نازانين راتكليف البريطانية من اصل ايراني- كانت »ببساطة تعلم الناس الصحافة» خلال زيارتها لإيران العام الماضي، وهو تعليق استغله الايرانيون ليؤكدوا ان اعتراف جونسون دليل علي الاتهامات التي وجهها لها الحرس الثوري الإيراني. في الوقت نفسه لا تزال الفضائح الجنسية في أعلي المستويات السياسية تعصف ببريطانيا، ووصلت إلي حد اضطر فيه 8 وزراء ونواب من حزب المحافظين إلي الاستقالة أو الخضوع للتحقيق علي خلفية ادعاءات التحرش المنتشرة علي نحو مثير للقلق، والتي تم الكشف عنها خلال الأسابيع الماضية. ورغم ان ماي التقت رؤساء الأحزاب السياسية لوضع نظام شكاوي برلماني جديد لمكافحة التحرش الجنسي لإرساء ثقافة احترام جديدة في قلب الحياة العامة الا ان فضيحة فالون فتحت الباب امام اتهامات جديدة تتوالي يوميا وتستهدف مسؤولين سياسيين في بريطانيا حيث يواجه وزيران آخران اتهامات بالتحرش، هما مارك جارنييه وزير الدولة للتجارة الدولية، وداميان جرين نائب رئيسة الوزراء. يأتي ذلك في الوقت الذي اشارت فيه صحيفة التايمز إلي تدخل محتمل لروسيا في الاستفتاء علي الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي نظم العام الماضي. حيث اوضحت أن حسابات تويتر الروسية نشرت ما يقرب من 45 ألف رسالة حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خلال 48 ساعة، في محاولة منسقة لبث الخلافات بين البريطانيين وهو مايفتح الباب امام تحقيقات جديدة قد تؤخر خروج بريطانيا بسهولة من الاتحاد.