في الوقت الذي تشهد فيه أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تصاعدا في أحداثها, نظرا لحالة التوتر الموجودة داخل الحكومة, كشفت رئيسة الوزراء تريزا ماي الملقبة بالمرأة الحديدية في مقابلة صحفية مع صنداي تايمز أمس, أنها ستجري تعديلا جذريا في حكومتها, وكشفت مصادر بحزب المحافظين أنها تخطط لإجرائه بعد اجتماع المجلس الأوروبي يومي19 و20 من الشهر الجاري, في ظل التحديات التي تواجهها من داخل الحزب والحكومة ومطالبتها بالتنحي, موضحة أنها تعتزم نقل وزير الخارجية الحالي بوريس جونسون إلي منصب أقل مرتبة. الأزمة بين ماي وجونسون لم تكن وليدة اليوم, بل شهدت علاقتهما توترا منذ أعلن وزير الخارجية رؤيته الخاصة لمفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بريكست بشكل فردي في مقال بصحيفة ذا تليجراف, الشهر الماضي, الأمر الذي رآه كثيرون تحديا لماي. تبرر ماي تغيير التشكيل الحكومي بأنها تسعي للتأكيد علي أن لديها أفضل الأشخاص في مجلس الوزراء, وأن جزءا من وظيفتها هو التأكد من أن لديها دائما أفضل الأشخاص في الحكومة, وعمل أقصي ثروة من المواهب المتاحة في الحزب. وتواجه ماي تحديات كبري من داخل حزبها منذ فشلها في تأمين الأغلبية له داخل البرلمان في الانتخابات المبكرة التي دعت لها والتي أجريت في يونيو الماضي بسبب الحملة الانتخابية التي رآها العديد من قادة الحزب كارثية, حيث تواجه رئيسة الحكومة دعوات متكررة للاستقالة, وسط الخلافات بين أعضاء الحزب والحكومة علي خلفية برنامج الأخيرة لتنظيم الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بريكست. وكشفت تسريبات صحفية عن قيام3 من الوزراء في حكومة ماي بإجراء محادثات, الخميس الماضي, بشأن إجبار رئيسة الحكومة علي التنحي عن منصبها بنهاية العام, لكنها لم تكشف هوية الوزراء المشار إليهم, مقدرة في الوقت نفسه أن نصف أعضاء الحكومة يريدون أن تترك ماي منصبها في العامين المقبلين. ويسعي حزب العمال البريطاني إلي الوصول لأهدافه في عدم الخروج من الاتحاد الأوروبي في نفس الوقت الذي يسعي فيه مجموعة من النواب المحافظين للإطاحة بماي, وذكرت صحيفة الإندبندنت البريطانية أن حزب العمال البريطاني احتل الصدارة في استطلاعات الرأي الأخيرة, وأن الشعب البريطاني بات يعتقد الآن أن زعيم الحزب جيرمي كوربين قد يصبح رئيسا للوزراء أفضل من رئيسة الوزراء الحالية وأن أزمتها تفاقمت من خلال استطلاع جديد للرأي يشير إلي تفوق العمال علي المحافظين, مع تفضيل الشعب بشكل واضح لجيرمي كوربين كرئيس للوزراء. وأظهر الاستطلاع, الذي أجراه مركز أبحاث بي إم ج لصالح الإندبندنت, أن حزب العمال تقدم بفارق خمس نقاط علي المحافظين, الذين لا يزالون يعانون من تمرد أطلقه وزراء سابقون للإطاحة بماي. ونوهت الصحيفة إلي أن الأرقام التي جاءت في الاستطلاع تمثل انقلابا مثيرا للدهشة في نسب تأييد حزبي العمال والمحافظين, ويضع الاستطلاع مزيدا من المشاكل علي عاتق تيريزا ماي, التي قوض وزير خارجيتها بوريس جونسون سلطتها بالفعل, حتي قبل خطابها الكارثي في مؤتمر الحزب, حسبما وصفته الصحيفة البريطانية. وقالت الصحيفة, في تقرير نشرته علي موقعها الإلكتروني إن بروكسل تسعي للحصول علي ضمانات من زعيم العمال جيريمي كوربين بأنه سيحترم الاتفاقات التي توصلت إليها مع المحافظين إذا وصل كوربين للسلطة. وأكدت أن كل من كوربين وسير كير ستارمر وزير بريكست في حكومة الظل العمالية عقدا لقاءات مع كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي لبريكست ميشيل بارنييه, والنائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانس وآخرين, من ضمنهم أعضاء في فرق التفاوض الأوروبية بشأن بريكست.