انتقلت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إلى محطة صعبة أخرى من تبعات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي؛ فبعدما فشلت في الفوز بالأغلبية المطلقة للانتخابات البرلمانية التي أجريت الشهر الماضي، خرجت الخلافات الداخلية لحزبها "المحافظين" إلى العلن، ما أضعف موقفها وقلل حظوظها في البقاء بالمنصب حتى عام 2019. وتحركت رئيسة الوزراء البريطانية في الفترة الأخيرة لضبط إيقاع فريقها الحكومي الذي عانى في الآونة الأخيرة من الانقسام الحاد، بسبب عدم التفاهم حول رؤية موحدة لخروج المملكة من الاتحاد الأوروبي، حتى طلبت ماي من نواب حزب المحافظين بالتوقف عما أسمته "المشاحنات السياسية" التي من الممكن أن تسقط الحزب بأكمله في دوامة وتتيح الفرصة والمجال أمام حزب العمال للوصول إلى السلطة. وتستخدم تيريزا ماي حاليا، حزب العمال، وبالأخص رئيسه، جيرمي كوربين، فزاعة لوزراء حزبها، من صعوده إلى كرسى رئيس الحكومة، الأمر الذي من شأنه تشكيل حكومة جديدة أغلبها من حزب العمال، ويغير السياسة البريطانية المتبعة بأكملها الاقتصادية والسياسية. ويعزز تخوفات المحافظين من صعود زعيم الحزب العمالي، تحسين كوربين موقعه في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي شهدتها بريطانيا في الثامن من يونيو الماضي، خلافا لماي التي خسرت غالبيتها حين دعت بنفسها إلى انتخابات مبكرة ظنا أنها ستفوز فيها، حيث أضعفت هذه التطورات سلطة رئيسة الوزراء وموقعها، في وقت تحاول فيه الإمساك بزمام الأمور كافة، فيما يخص المفاوضات حول شروط بريكسيت. وقالت شبكة سكاي نيوز البريطانية، إن تيريزا ماي حذرت خلال حفل لحزب المحافظين من استمرار المشاحنات ونشر العيوب المتبادلة بين أعضاء الحكومة التابعين لحزبها، قائلة «الخيار الآن هو إما أنا وإما جيريمي كوربين ولا أحد يريده هو»، مطالبة وزرائها إظهار «القوة والوحدة» والحفاظ على سرية المناقشات. وتعود الخلافات داخل الحزب البريطاني إلى الانقسام الذي حدث بعد خسارة تيريزا ماي الأغلبية في الانتخابات البرلمانية المبكرة التي دعت إليها، حيث ظهرت توترات علنية بين أعضاء "المحافظين" في وسائل الإعلام بسبب وجهات النظر المختلفة؛ فبينما رأي وزير المالية، فيليب هاموند، أن يكون البريكسيت مخففا، وحذر من المخاطر الاقتصادية للعملية، كما سعى إلى تأجيل إجراءات ضبط الهجرة، التي يعتبرها قادة الاتحاد الأوروبي لا تتناسب مع عضوية بريطانيا المستمرة في السوق المشتركة، تمسك آخرون بالمدة الزمنية المتفق عليها للخروج من الاتحاد القاري، واستاءوا من أطروحات وزير المالية، الذي كان حتى وقت قريب من دعاة البقاء داخل الاتحاد الأوروبي قبل التصويت على الخروج. ورغم أن هاموند في الوقت الراهن لا يصرح بوجوب الاستمرار داخل الاتحاد الأوروبي، بل ضرورة أن تعطي بريطانيا أولوية للاقتصاد عندما تنسحب من الاتحاد، يؤكد وزراء البريكسيت أنه يسبب الإزعاج لهم؛ حيث اتهمه وزير لم يكشف عن اسمه الاثنين الماضي، في صحيفة ديلي تلغراف، بأنه يسعى دائمًا إلى إحباط بريكسيت، وأضاف الوزير أن هاموند ينظر إلى مؤيدي بريكسيت بصفتهم «زمرة من القراصنة المتملقين». ودفعت هذه الأجواء المشحونة إلى خروج رئيس حزب المحافظين السابق، وليام هيج، للتساؤل عن ماهية الخلاف وهل يستحق أن يكون هناك انقسام شديد على النسخة الأنقى لبريكسيت، محضًا في مقال له، النواب المحافظين على «تجنب هز هذا القارب الضعيف»، في إشارة إلى حزب المحافظين. وثمة محاولة أخرى متداولة في الساحة السياسية البريطانية عن محاولة إبعاد تيريزا ماي عن السلطة، هناك شائعات تتردد منذ أسابيع عن مؤامرة محتملة ضدها داخل حكومتها لتغييرها وتعيين مكانها وزير شؤون البريكسيت، ديفيد ديفيس، ليكون أحدى البدائل المحتملة، بعدما أثبتت ضعفها أمام محاولات من يقطعون الطريق على البريكسيت، لكن خرج الأخير لينفي هذه التقارير، وقالت رئيسة الوزراء البريطانية، إنها لاتنوي التخلي عن دفة رئاسة الحكومة، رغم المصاعب التي تواجهها في الآونة الأخيرة.