إذا أردت أن تري طفلك حديث الولادة عليك بدفع رشوة للممرضة.. وان احتجت لاستخراج رخصة قيادة لسيارتك، فالدفع أولاً.. أما إذا رغبت في تسجيل منزلك فستواجه نفس المشكلة.. لا تتصور أنك في مصر المحروسة ولكن في الهند أكبر الديموقراطيات في العالم. وصاحبة الاقتصاد السريع النمو رغم انها غارقة حتي النخاع في الفساد الذي تغلغل في كل مناحي الحياة .. وقد وصل الفساد لمستويات محمومة لا تختلف كثيراً عن الفساد في عهد الرئيس السابق مبارك. تقدر الرشاوي التي اودعتها الشركات وأثرياء الهنود في بنوك الخارج بحوالي 464 بليون دولار منذ استقلال الهند في 7491 وحتي الآن.. واذا استعادت الهند هذه الاموال فلن يكون هناك عاطل أو جائع أو جاهل. أما عن فساد حكومة رئيس الوزراء مانموهان سينج فحدث ولا حرج.. أكبر فضيحة فساد طالت وزير الاتصالات الذي اودع السجن بسبب أكبر عملية احتيال لتراخيص المحمول والتي ادت لخسارة الهند مبلغ 04 بليون دولار.. فضيحة دورة ألعاب الكومنولث رقم خسائرها بلغ أيضاً 04 بليون دولار ويجري التحقيق مع رئيس اللجنة المنظمة للدورة ومع آخرين بسبب الفساد. 04 بليون دولار ثالثة تمت سرقتها في ولاية أوتار براديش وحدها من برنامج دعم الطعام والوقود للفقراء. رئيس وزراء ولاية ماهاراشسترا تم طرده بعد فضيحة عقارات.. كما سقطت حكومتا ولاية البنغال الغربية وتاميل نادو في الانتخابات الاخيرة نتيجة فضائح فساد ومحسوبية سياسية. كشفت وثائق ويكيليكس ان رئيس الوزراء سينج نفسه متورط في فضيحة فساد وانه متهم بدفع 5.2 مليون دولار لكل عضو في البرلمان الهندي لتأييد الاتفاقية النووية مع امريكا في عام 8002« وهو متهم ايضاً بالضعف ومحاباة اصدقائه وكان قد عين أحد أصدقائه رئيساً للجنة مناهضة الفساد الا ان المحكمة العليا اقالته من منصبه لتورطه في جرائم فساد الهوة بين الاغنياء والفقراء اتسعت خلال العقدين الماضيين. شعبية رئيس الوزراء تدهورت.. فهو لم يبد جدية في محاربة الفساد او التحقيق في هذه الجرائم عندما بدأت الشائعات تتناولها.. بل اغمض عينيه وابقي علي كثير من الفاسدين في المناصب العليا. 021 من أعضاء البرلمان الهندي وعددهم 345 نائباً يعتبرون نواب سوابق.. اذ لديهم سجلات اجرامية خطيرة طبقاً للجارديان. الحكومة متهمة انها عرقلت صدور قانون مكافحة الفساد لرفض رئيس الوزراء ان يطوله القانون. قبل أيام قليلة قام زعيم روحي ومدرب يوجا هندي يدعي بابا رامديڤ بالاضراب عن الطعام هو واتباعه وعددهم بعشرات الآلاف حتي الموت للضغط علي الحكومة لسن قوانين لمكافحة الفساد.. وانضم للاضراب الناشط السياسي آنا هازاري 37 عاماً واتباعه.. علي طريقة غاندي في مكافحة الاستعمار البريطاني. البوليس أجبر بابا رامديڤ علي وقف اضرابه عن الطعام.. وتم طرده وأنصاره من الحديقة التي عسكروا فيها في دلهي.. وقد عاد الي مدينته وبدأ وأنصاره اضراباً عن الطعام.. كان اضراب آنا في ابريل الماضي قد ادي لمشروع قانون لانشاء جهاز مستقل له سلطة محاكمة السياسيين والموظفين الحكوميين دون اذن من الحكومة. اعجبني ما قام به المناهضون للفساد واتمني ان يطبق في بلدي مصر.. لقد أنشأوا موقعا علي الانترنت بعنوان »دفعت رشاوي« لكشف تعريفة تخليص الأعمال في الهند يروي فيها المواطنون تجاربهم مع الرشوة ويحددون اسم المكان واسم المرتشي والمبلغ الذي حصل عليه وفي أي مدينة.. تم تسجيل 01 آلاف حالة رشوة في 743 مدينة و91 جهازا حكوميا.. يأمل القائمون علي الموقع ان يصبح أداة فعالة لوقف الفساد بعد تجريس المرتشين.. عقبال عندنا.