أعلن الدكتور سمير رضوان وزير المالية ان وضع حد أدني للأجور سيزيد من نسبة التضخم بحوالي ثلاثة في المائة، تضاف الي نسبة التضخم الحالي التي تقترب من 12٪ لتصبح 15٪ بعد اعتماد الحد الادني للأجور وزيادة المرتبات . وقد أقلقني ذلك كثيرا لان تجاربنا السابقة تؤكد ان الأسعار ترتفع مع كل علاوة ومع كل زيادة في المرتبات والمعاشات، كما يرتبط ذلك أيضا بنسبة التضخم وبتلاعب تجار التجزئة في الأسعار ورفع هامش ربحهم. وأصبح علي محدودي الدخل البحث عن حلول فردية لمواجهة الزيادة المتوقعة في الأسعار، ووجدت ان الحل يمكن استلهامه من أساتذتي الذين أدين لهم بالفضل علي مدي سنوات طويلة امتدت طوال عملي في دار أخبار اليوم وخلال دراستي في جامعة القاهرة، ومنهم أستاذي الدكتور خليل صابات رحمه الله الذي كان يقوم بتدريس تاريخ الصحافة والطباعة لطلاب قسم الصحافة بآداب القاهرة وأنا منهم وتولي بعد ذلك بسنوات الاشراف علي رسالتي لنيل درجة الدكتوراه في كلية الاعلام بجامعة القاهرة. وبحكم اشرافه علي الرسالة كنت أتردد علي منزله بشارع عبد الخالق ثروت حيث يقيم مع زوجته وحدهما، فلم ينجبا أبناء وربما أدي ذلك الي ترحيبهما بتلاميذ الأستاذ في بيته. وتحولت علاقتي بالدكتور صابات الي نوع من الصداقة التي تشبه صداقة الأب بابنه مدعومة بعلاقة تلميذ بأستاذه. وكثيرا ما كان الحديث بيننا يتجاوز القضايا العلمية ويمتد الي الأوضاع السياسية والاقتصادية ويصبح حوارا بين صحفي محترف وأستاذ في كلية الاعلام. وقد شهدت تلك الفترة ارتفاعا كبيرا في الأسعار وظهور طبقة من الأثرياء الجدد وتطورات افتصادية تسببت في تآكل الطبقة المتوسطة، وفيهم الدكتور صابات. وكان رحمه الله يعتني عناية خاصة بأناقته، ويتعامل مع ترزي مشهور يصنع له قمصانه من اللينو الفاخر. وفي جلسة دردشة صريحة أبلغني الدكتور صابات ان خير وسيلة لمواجهة الغلاء هي الاستغناء وانه قرر وقف التعامل مع ترزي القمصان، وكذلك ترزي البدل وانه قام بزيارة كل منهما وودعه، وأعلن انه سيكتفي بما لديه من ملابس تكفيه حتي يقضي الله أمرا كان مفعولا. وقال انه يفكر في وداع بائع الفاكهة الذي يتعامل معه، وانه سيضطر عند الضرورة الي التعامل مع الجمعية التعاونية في ميدان العتبة القريب من منزله بشارع عبد الخالق ثروت. وأنا بدوري أفكر الآن بطريقة الدكتور صابات والاستغاء عن الكماليات والحد من استهلاك بعض الضروريات، لكن ما يؤلمني هو ان التزامي بسياسة الاستغناء قد تؤدي الي حالة من الركودالسلعي تنعكس علي اقتصادنا القومي وتؤثر علي القطاع الصناعي والقطاع الخدمي. وسأترك علاج ذلك للمسئولين ومنهم الدكتور سمير رضوان وزير المالية. ونسأل الله لنا وله العافية..