اتفق الخبراء الاقتصاديون علي استحالة استيراد معايير خارجية لوضع حد أدني للأجور في مصر وذلك بعد إعلان الحكومة دراستها للتجربة البرازيلية لزيادة الحد الأدني للأجور إلي1650 جنيها, فلابد أن تكون المعايير الموضوعة للأجور محلية فهي تختلف من بلد لآخر وفقا لظروف هذه البلد. وأكد الدكتور حمدي عبدالعظيم رئيس أكاديمية السادات السابق أن كل دولة لها ظروفها الخاصة ففي مصر هناك زيادة مستمرة في أسعار السلع فلابد أن يكون الحد الأدني كفيلا بتوفير احتياجات الفرد من مأكل وملبس وعلاج بالإضافة لمراعاة الارتفاع في الأسعار مشيرا إلي أن القانون لم يتغير منذ1984 بالنسبة لتحديد الحد الأدني للأجور وهو35 جنيها ولكنه لا يعمل به سواء في القطاع العام أو الخاص فتقديرات الحد الأدني للأجور حسب المجلس القومي للأجور450 جنيها و900 لاتحاد العمال فضلا عن الوقفات الاحتجاجية التي تطالب ب1200 جنيه كحد أدني. وأضاف أن الحد الأدني للأجور يجب أن يأخذ في الاعتبار الارتفاع المستمر للأسعار مشيرا إلي أن الحد الأدني لدخل الفرد عندما يكون800 جنيه فهو أمر جيد فالفرد يمكنه أن يصرف40% من الدخل علي الطعام والباقي علي احتياجاته الأخري بالإضافة للحوافز والعلاوات موضحا أن الحد الأدني للأجور يجب أن يرتفع بنفس قيمة ارتفاع أسعار السلع فمثلا لو زادت الأسعار بنسبة10% فمن المفترض زيادة الحد الأدني للأجور10% علي أن يراعي التغير السنوي. وقال الدكتور محمد الفيومي رئيس الجمعية المصرية للمحاسبين ان الحكومة يجب أن تراعي تحسين المنظومة بأكملها وليس رفع الحد الأدني للأجور فرفع الأجور وحده لن يحل المشكلة فيجب أن تكون هناك مراقبة علي الأسعار فحتي الدول الرأسمالية تعمل علي مراقبة الأسواق والأسعار وخلق فرص عمل وأن يضمن الحد الأدني للأجور مستوي معيشة جيدا للفرد فالجهاز المركزي للاحصاء يستطيع أن يحدد الحد الأدني للأجور بدلا من الاستعانة بمعايير خارجية وذلك لاختلاف مصر عن أي دولة أخري فلا يمكن أن نقارن الدخول في مصر بالدخول في الدول المتقدمة والتي تحقق معدلات نمو مرتفعة والأفراد يحصلون علي دخول جيدة ونسبة الفقر منخفضة بها. وأشار إلي أن المرتب الأساسي لخريجي الجامعات في مصر لا يتعدي280 جنيها فلابد من زيادة المرتبات ومراعاة خريجي الجامعات في مسألة الأجور موضحا أن600 جنيه كحد أدني للأجور يعتبر مناسبا للفرد بالإضافة للحوافز والإضافي وغيرها من الأمور التي ترفع المرتب النهائي للفرد. وأكد الدكتور شريف قاسم أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات أن المشكلة لا تكمن في التجارب السابقة للدول وانما في ضمان مستوي معيشة جيد للأفراد حتي لا تحدث ثورة للجياع فلا يعقل أن يكون المبدأ في مصر الغني يزداد غني والفقير يزداد فقرا, ولذلك لابد من إعادة توزيع الدخول من قبل القائمين علي الاقتصاد القومي لأن المشكلة ليست في كيفية رفع أجور الفقراء, فإذا تم رفع الأجور سيحدث تضخم لأن كمية السلع كما هي مع زيادة الطلب وبالتالي يرتفع معدل التضخم ويزداد تدهور أحوال الفقراء فيجب إعادة توزيع الدخول من خلال الحد من دخول الأغنياء ورفع دخول الفقراء لتقليل الفجوة الموجودة بين الأغنياء والفقراء فضلا عن إعادة توزيع الاستثمارات الخاصة بالأنشطة الاقتصادية فهناك أنشطة بها العديد من الاستثمارات كقطاع الاتصالات والمقاولات والعقارات بينما هناك أنشطة تكاد تكون بلا استثمارات مثل قطاع الزراعة وهو الأمر الذي يجعل ارتفاع أجور العاملين في القطاعات النشطة وانخفاض أجور العاملين بالقطاعات الأخري. وأضاف أنه ضمن العوامل التي تساعد علي رفع مستوي معيشة الفرد إعادة توزيع الاستثمارات بين المناطق الجغرافية فنجد انتشار الاستثمارات في شمال العاصمة وانخفاضها في المناطق الأخري بالإضافة لفرض ضرائب تصاعدية علي الأغنياء, فإذا تم حل هذه المشكلات سنضمن مستوي جيدا للأفراد والقضاء علي أي ثورات يمكن أن تحدث نتيجة لذلك. أما بالنسبة لمتوسط الحد الأدني للأجور فقال إنه لا يرتبط برقم معين وانما بالعلاقة ما بين الحد الأعلي والحد الأدني لأنه لا يمكن تحديد رقم واحد نظرا للتغير المستمر في الأسعار فالأجور تتحدد بناء علي أسعار السلع موضحا أنه يمكن للفرد أن يعيش بدخل قليل ولكن عندما لا يكون هناك تفاوت شديد بينه وبين دخل الغني فلابد من تقليل الفجوة بين دخول الأغنياء والفقراء لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان أن دخل جميع الأفراد يلبي كل احتياجاتهم.