ثقتنا مطلقة بالمخابرات العامة . استنادا الي تاريخها المشرف الطويل منذ نشاتها في الخمسينات في الحفاظ علي الامن القومي المصري .نعرف عنها الالتزام التام بالمهنية في كل مهماتها. لاتخلط السياسة بالامن. ماسبق هو الاساس الذي انهي الانطباع الذي تسرب الي البعض. والظن الذي ملك آخرون وبعض الظن اثم بالربط بين الاعلان عن الكشف عن قيام ديبلوماسي ايراني. يعمل في بعثة رعاية المصالح بالقاهرة بالتجسس علي مصر. وبين زيارة وفد شعبي مصري الي طهران في نفس اليوم .للمساهمة في تعزيز فكرة اقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين. فمن المؤكد ان خطوة الاعلان عن كشف الديبلوماسي الجاسوس.ارتبط بتوافر المعلومات والادلة والبراهين والوقائع.عن مخالفته لمهام منصبه. مما استدعي اتخاذ قرار بابعاده. الاعلان المفاجيء دفع البعض وانا منهم الي مراجعة فكرة المشاركة في الوفد. والغاء السفر في اللحظة الاخيرة . وقاومت الصحفي بداخلي الذي ضاع منه فرصة ذهبيه .لاكتشاف دولة تمثل رقما صعبا في المعادلة السياسية للمنطقة.طالما كتب عن سياستها . منتقدا دون ان يراها او يزوها او يتعرف علي وجهات نظر مسئوليها. لتدخلها في كثير من الملفات العربية. تؤثر بالضرورة علي الامن القومي .وعلي استقرارالاوضاع في المنطقة . وأود ان اؤكد ان موقفي من الغاء السفر كان شخصيا .ولايعني ذلك التزيد علي اعضاء الوفد .او الشك في مواقفهم الوطنية. ما أريد ان اتوقف عنده هو المناقشة الموضوعية للازمة .خاصة وانه سبق لي ان كتبت منذ اشهر. موجها حديثي لوزير الخارجية د. نبيل العربي.مطالبا بضرورة التمهل في خطوة اعادة العلاقات مع ايران. ولم يتغير رأيي حتي الان .رغم اعترافي واقراري باهمية »هكذا خطوة«. فالامر ليس بالسهولة التي يعتقدها البعض. خاصة وان التاريخ يكشف لنا. ان الفترة الزمنية التي شهدت علاقات مستقرة بين مصر وايران .منذ بداية ثورة 1952 محدودة .لم تتجاوز عدة اشهر في الخمسينات. في زمن رئيس الوزراء محمد مصدق. وعدة سنوات في السبعينات. اثناء حكم الشاة والسادات .وظلت الامور تراوح مكانها.منذ الثورة الايرانية في نهاية السبعينات من القرن الماضي. قليلة هي الفترات التي اتسمت بالهدوء.وكثيرة هي الاسباب التي استدعت التوتر .التي اختلط فيها ماهو ثنائي بأسباب اقليمية ودولية .والموضوعية والمكاشفة تستدعي منها الاشارة الي ان .معظمها كان يتعلق بوجود كلا من النظام المصري الايراني في معسكرين سياسيين متناقضين. الاول يصطف مع الغرب الذي تقوده الولاياتالمتحدة .والذي اصبح يعرف "بمعسكر الاعتدال". والثاني يقود "معسكر المقاومة". بالطبع لسنا مسئولين عن طبيعة هذه التصنيفات ومدي صحتها .لقد دفعت مصر وايران ثمنا باهظا. لخلافات طهران مع الغرب.خاصة واشنطن. دون ان ينفي ان القاهرة كان لديها تحفظات وهواجس .علي تدخلات ايران في الملف الفلسطيني واللبناني والعراقي .مع رغبة ايران في ابعاد مصر عن دورها التاريخي في الخليج. وبعد لقد تغيرت مصر كثيرا. بعد ثورة 25 يناير. ولم تعد جزءا من اجندة احد. او في اطار تحالف يتناقض مع مصالحها . لم تعد تقبل اي تدخل في شئونها الداخلية . اصبحت اكثر انفتاحا علي الجميع. دون مواقف مسبقة. وهي التي اعلنت علي لسان وزير خارجيتها .عن رغبتها في اعادة العلاقات مع ايران. وهي تدرك "الثمن السياسي" لمثل هكذا خطوة.واذا كانت مصر قد امتلكت الارادة السياسية .للقيام بذلك.فعلي الطرف الايراني.ان يساعد في تسهيل الامر. بالابتعاد عن الاساليب القديمة.. والتخلي عن مشاريع تصدير الثورة. او السعي الي نشرالتشيع. فقد تكون خطوة اعادة العلاقات بين البلدين صعبة ولكنها ليست مستحيلة. [email protected]