انقلب السحر علي الساحر.. وأصبحت قطر الدويلة الصغيرة التي كانت تتشدق بحقوق الإنسان، وبأنها واحة وسط بحر يعج بالمشاكل والانتهاكات، في مرمي نيران أكثر المنظمات الحقوقية الإنسانية التي كانت دائما ما توصف بأنها موالية لقطر ولسياسات أميرها ظالما أو مظلوما! وبأنها كانت أحيانا تتلقي التمويلات من الدويلة القزم، لتهاجم دولا راسخة بحجم مصر أو السعودية أو الإمارات بالمنطقة ووفق أجندة ممنهجة وبمساعدة بعض الممولين في تلك الدول. والطعنة التي لم تكن تتوقعها قطر، جاءت هذه المرة من أكثر المنظمات الخاصة بحقوق الإنسان في العالم وهي الأمريكية هيومان رايتس ووتش والتي خرج منها أول تقرير حقيقي يدين قطر وسياساتها التعسفية ضد العمالة الأجنبية التي تعمل هناك وتمثل نحو 95 بالمائة في حجم كل العمالة في الإمارة الصغيرة التي لا يتعدي عدد سكانها ال 2.1 مليون شخص فقط! هيومان رايتس ووتش.. قالت في تقريرها الذي صدر منذ أيام قليلة، إن علي الدوحة اعتماد وفرض قيود مناسبة علي العمل في الهواء الطلق لحماية حقوق عمال البناء المهاجرين والمعرضين للخطر بسبب عملهم في الحر والرطوبة الشديدين في البلاد، وأن الظروف المناخية في قطر صعبة للغاية حتي خارج ساعات حظر العمل في الهواء والتي تمتد من الساعة 11:30 صباحا حتي الثالثة ظهرا وطالبت أيضا بالتحقيق في أسباب وفاة العمال المهاجرين، ونشر بيانات عن هذه الوفيات بانتظام، واستخدام تلك المعلومات لوضع السياسات الصحية العمومية المناسبة ولفتت المنظمة الأنظار إلي أنه في العام 2013، ذكرت السلطات الصحية القطرية أن هناك 520 حالة وفاة لعمال من بنجلاديش والهند ونيبال ماتوا في العام السابق له، ولأسباب لم يتم شرحها وقتها وبحسب المنظمة فإن في قطر نحو 2 مليون عامل مهاجر، يشكلون نحو 95 بالمائة من إجمالي قوتها العاملة، ويعمل نحو 40٪ منهم في قطاع البناء وفي مشاريع علي صلة بكأس العالم التي ستنظمها قطر عام 2022، وأشارت إلي أن عدم الشفافية بشأن تلك الوفيات، يجعل من الصعب تقييم مدي أضرار الظروف القاسية الجوية، بالذين يعملون في الهواء الطلق. وعلي الفور.. سارع الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" بأنه ملتزم تماماً بحماية حقوق عمال البناء الذين يشاركون في أعمال البنية الأساسية الخاصة بكأس العالم في قطر. وأنه يعمل علي التأكد دائما أن إجراءات السلامة التي تضعها قطر، لتنسجم مع أعلي المعايير الدولية في ذلك الشأن، وإشار إلي أن معظم العمالة في قطر، ليست ممن يعملون بمنشآت كأس العالم، وبالمقابل.. ردت قطر بأنها تراجع سياساتها باستمرار لضمان حماية العمال وبأنها ملتزمة ببرنامجها الإصلاحي في مجال العمل وشئون العمال، وأنها تقوم بمراجعة سياساتها باستمرار لضمان حصول العمال الوافدين علي الحماية الضرورية في مواقع العمل، وأنها كانت أول دولة خليجية تفرض قيودا علي ساعات العمل الصيفية وأنها تتعاون في ذلك مع المنظمات الدولية والأهلية الخاصة بالعمال. ورغم تلك الردود من جانب قطر.. إلا أن تقرير هيومان رايتس ووتش، لم يكن الأول حول حقوق الإنسان والعمالة في قطر، فقد سبقه تقرير أكثر تفصيلا من منظمة العفو الدولية عن أحوال حقوق الإنسان في قطر 2016 2017 وفيه تسرد المنظمة عددا من الوقائع والحقائق والانتهاكات حول حقوق الإنسان والمرأة في الإمارة الصغيرة.. أبرزها: فرض السلطات القطرية قيودا تعسفية علي الحق في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، وسجن أصحاب الرأي، ومعاناة العمال الأجانب من التمييز والإيذاء، والتمييز ضد المرأة الذي قالت عنه المنظمة إنه راسخ في القانون وفي الواقع الفعلي.. وبأن المحاكم هناك أصدرت عدة أحكام بالإعدام وإن كانت لم ترد أنباء عن تنفيذ إعدامات. المنظمة استطردت أكثر في تقريرها بالقول بأن السلطات لم تسمح بوجود أحزاب سياسية مستقلة أو بتكوين جمعيات عمالية إلا لمواطني قطر وبعد استيفاء لمعايير صارمة.. وليس مسموحا بأي تجمعات عامة دون تصريح، وكانت مثل تلك التجمعات تتعرض للتفريق، مع استمرار العمل بالقوانين التي تجرم أشكال التعبير، التي تري السلطات أنها مسيئة لأمير البلاد! أيضا.. ذكرت منظمة العفو الدولية بعض الأمثلة لانتهاكات حقوق الإنسان في قطر وقتها: إطلاق سراح الشاعر وسجين الرأي المعروف بابن التريب، بموجب عفو غير مشروط من الأمير، وكان الشاعر يقضي حكما بالسجن لمدة 15 عاما منذ العام 2012 بتهمة نظم وإلقاء قصائد اعتبرتها السلطات مسيئة للأمير وللدولة. كما تم حجب موقع "دوحة نيوز" الإخباري المستقل بسبب مسائل تتعلق بالترخيص! وكان الموقع يهتم بقضايا حساسة بالبلاد. وفي سابقة.. حكمت السلطات بالسجن 15 عاما، علي مواطن فلبيني بتهمة التجسس، وبموجب اعتراف باللغة العربية للمتهم الذي يجهل تماما القراءة أو الكتابة بها!