سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الگاتب الفلسطيني عبد القادر ياسين في حواره ل »الأخبار«: لا يليق معاملة الفلسطيني كالأجنبي.. بعد ثورة 25 يناير
أبو مازن تلقي ضربتين بعد الثورة أجبرته علي المصالحة!
هذه المصالحة »مفخخة« وهى أقرب للمهادنة منها للوحدة الوطنىة! يقيم الكاتب السياسي والمناضل الفلسطيني عبد القادر ياسين في مصر منذ ثلاثة وأربعين عامًا، قضاها في معترك الحياة السياسية المصرية كجزء من حركة اليسار المصري وداعمًا للقومية العربية، وشاهدًا علي التاريخ السياسي المصري والفلسطيني، اعتقل في مصر أربع مرات في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي وكان عضوا في قيادة الحزب الشيوعي الفلسطيني في قطاع غزه قبل ان يستقيل ويتفرغ للكتابة في الشأن الفلسطيني، وظلت ورشة عبد القادر ياسين السياسية التي تضم باحثين شباب منفذًا للتدريب البحثي والتعمق في التاريخ والسياسة الفلسطينية ليخرج أجيالا من الباحثين المهتمين بالقضية الفلسطينية وأبعادها العربية، وفي حوارنا معه ندقق في تفاصيل ما حدث خلال الثلاثة أشهر الماضية من تغير في السياسة المصرية تجاه القضية الفلسطينية كما نطرح اسئلة حول مستقبل المصالحة والانتفاضة الثالثة وغيرها من الشئون التي شغلت الرأي العام جنبًا إلي جنب مع المشاكل الداخلية في مصر خلال الفترة الماضية. هل كان من الممكن حدوث المصالحة قبل ثورة 25 يناير؟ - بالقطع لا، ذلك أن الورقة المصرية التي وقعت بين الطرفين المتصارعين هي نفسها التي قدمها حكم مبارك قبل عام ونصف لكنها ظلت مرفوضة من حماس لا لشيء إلا بسبب التحيز التام من سلطة مبارك لسلطة رام الله مما أفقده صفة الوسيط الذي عليه ان يحتفظ بنفسه بمساحة واحدة من الطرفين، الثورة المصرية عززت من دور الشارع الفلسطينيي مما جعله يتحول إلي ضاغط حقيقي علي الطرفين من اجل تحقيق المصالحة، مما جعلهما يضطران إلي القدوم إلي القاهرة فورا وتحقيق المصالحة، كل من الطرفين كان له تحفظات من الفصائل الفلسطينية، حوالي سبعة فصائل أرفقت علي الورقة دون ان تدخل في متنها مما يجعلها هامشية، علينا ان نلاحظ ان عباس فقد سندا قويا بغياب مبارك في الوقت الذي صوت فيه المندوب الأمريكي في مجلس الأمن استخدام حق الفيتو ضد مشروع قرار يدين الاستقلال الفلسطيني في الضفة الغربية علي عكس ما كان يأمل عباس وهنا خابت أمال عباس في اوباما، وبهذا تلقي ضربتين. ماذا عن الثورة السورية وضغطها علي جانب حماس لقبول المصالحة؟ - علي الإطلاق لأن سوريا وإيران لم يكن لهما دور كما أشاع نظام مبارك في تعطيل المصالحة ومعطل المصالحة كان حسني مبارك فقط، تأثير الثورة المصرية جيوبوليتيك"جغرافي سياسي" فهي ضمن دول الطوق ومتحكمة في خروج ودخول أهالي غزه، ونظام مبارك أذاق أهالي غزه الويلات، حتي أن أذناب النظام السابق لطالما تبجحوا في الفضائيات مطالبين الفلسطينيين بالتوجه إلي المعابر الاسرائيلية كأنما يقولون عدوكم أقرب إليكم من أشقائكم. والكلام الذي يقال عن الدعم السوري لحماس وتأثره بانشغال سوريا في ثورتها وغير ذلك بعيد عن احساس قادة حماس، رغم الاشاعات، انا رأيي أن عباس كان يريد ان ينزع من يد الاسرائيليين الذريعة التي تقول أنه لا يمثل كل الفلسطينيين، لذلك ألح علي زيارة قطاع غزه حتي يبدو امام العالم انه يمثل غزه والقطاع معا، مما ازعج الاسرائيليين بعد ان كانوا يزعمون انهم لا يجدون مفاوضا فلسطينيا بسبب الانقسام، عند المصالحة هددوا بقطع كل علاقة بسلطة رام الله مما يعني أنهم انزعجوا من المصالحة والآن يقولون انها تقطع المسيرة السلمية، فماذا يريدون؟!! ما هي البنود التي لا يمكن تحقيقها في ورقة المصالحة من وجهة نظرك؟ - حتي نتحدث بصراحة عن المصالحة لابد أن نعرف لماذا تم الانقسام حتي نتفادي تكراره، الأمر يعود لتعارض خطين سياسيين خط لقيادة فتح وخاصة أبو مازن وخط حماس وهذا التعارض مازال موجودا، الورقة المصرية خلت من أي كلمة سياسية كله عن الأمن عن الانتخابات والحكومة ومنظمة التحرير ولا يوجد ما يشير للموقف السياسي وهذا أحد المفجرات الموجودة في ورقة التصالح، انا لست ضد ان توجد نقاط تلاقي ونقاط تعارض وتحييد لنقاط الاختلاف ولكن هذا لم يحدث، ويبدو لأن ورقة المصالحة أعدتها جهة أمنية وليست جهة سياسية وهذا سيكون احد أسباب تعثرها وفشلها. فما هو مصير المصالحة في ظل كل هذا التوجس؟ - أري ان المصالحة مفخخة، فمثلا المصالحة تعني الافراج عن المعتقلين لدي الجانبيين، الامر الذي لم يحدث بل أن عباس عمد علي اعتقال عناصر من حماس وحركة الجهاد الاسلامي بعد المصالحة، اي انه بدلا ما يقدم مبادرة حسن نية بيزيد في المعتقلين ، مما يعني أنه غير جاد في المصالحة، وعلينا ان نتذكر تزامن الاعتقالات الاخيرة مع ما اعلنته اسرائيل من انها فكت الضرائب التي كانت تحتجزها للسلطة الفلسطينية وهي 88 مليون دولار. هو يوقع علي المصالحة للظهور بمظهر الميال لانهاء الانقسام وامتصاص سخط الشارع الفلسطيني لكن تصرفاته لا تعكس ذلك، ونلاحظ في الوقت نفسه تصريح عباس لمجلة النيوزويك قبل حوالي أسبوعين بانه شدد علي الإدارة الامريكية بألا تدع مبارك يسقط، هو رجل من معسكر مبارك، وأعتقد انه لا يستطيع أن ينجز المصالحة حتي لو أراد فمابالك وهو لايريد،تفسير ذلك انه واقع في قبضة الامريكان والاسرائيليين وإن كان يتوهم أن الإدارة الأمريكية ستمرر قرارا للجمعية العمومية للامم المتحدة في سبتمبر القادم تقضي بإقامة دولة فلسطينيية أي أن المصالحة قد تأتي في سياق المشروع الأمريكي. وهل يرفض الفلسطينيون هذا المشروع؟ - هذا النوع من المشاريع للتصفية وليست للتسوية ولا يجب الارتكان عليها. هل تعتقد أن سياسة مصر تجاه القضية الفلسطينية شهدت تغيرا حقيقيا؟ - ما حدث هو ان اسرائيل فقدت كنزًا استراتيجيًا كما كانوا يسمون مبارك. فيما عدا ذلك لم يحدث شيء في إطار أن الحكم في مصر يمر بحالة سيولة ومفتوح علي كل الاحتمالات، ولم يبلور بعد سياسة خارجية واضحة عموما وفي القضية الفلسطينية بوجه خاص،. وأن كانت الأيام القليلة التي قضاها نبيل العربي للخارجية المصرية قد بشر بآفاق جديدة إلا انهم فاجأونا بانهم دخلوا العربي " الجراج"أو متحف "جامعة الدول العربية" ففقدنا بداية مبشرة. مع اعتبار ان سياسة مصر لم تتغير تجاه القضية الفلسطينية تغيرا جذريا فما الذي جعل مصر تتبني المصالحة في هذا التوقيت الحرج الذي تمر به خلال الفترة الانتقالية رغم أنها لا ترضي اسرائيل وبالتالي أمريكا؟ - الحكم المصري الجديد يحاول ان يعزز أوراق قوته، وتحقيق مثل هذه المصالحة حتي لو اثار حفيظة اسرائيل وامريكا إلا انه يعزز دور مصر العربي والفضل في هذا التوجه لمدير المخابرات الجديد ووزير الخارجية. وما هو تأثير المصالحة من وجهة نظرك في الانتفاضة الفلسطينية الثالثة؟ - هذه المصالحة هي أقرب للمهادنة منها للوحدة الوطنية وإن كانت تفتح الباب للوحدة الوطنية، من جهة أخري لا يمكن للشعب الفلسطيني أن يبدأ انتفاضة ثالثة دون انجاز الجبهة الوطنية المتحدة للفصائل الفلسطينية المستندة لبرنامج الاجماع الوطني الموقع من جميع الفصائل يوم 26/ 6/ 2006 أي من خمس سنوات ومركون علي الرف، الباب مفتوح الآن لإقامتها لكن ما جري يوم توقيع اتفاق المصالحة لا يبشر بالخير حيث أن محمود عباس وقف وألقي خطابا تمسك فيه بخطه الذي تسبب في الانقسام ألا وهو الاستمرار في التعامل مع الأمريكان والإسرائيليين، وشدد أنه لا سلاح غير سلاح السلطه الفلسطينيه رغم اننا مازلنا في مرحلة كفاح وطني يحتاج لتسلح أخرين من اجل مواجهة الاحتلال. لا يمكن أن تنتصر الانتفاضة بدون جبهة متحدة علي برنامج إجماع وطني فالانتفاضة الثانية انتكست لانه وضع استراتيجية للانتفاضة واجهت معارضة من خمس فصائل فلسطينية مسلحة وهنا هذا التعارض كان وبالا علي الشعب الفلسطيني وقضيته. هل انطلاق الانتفاضة الثالثة الآن في ظل هذا الغليان في أنحاء الوطن العربي وانشغال الشعوب بظروفها الداخلية في صالح الشعب الفلسطيني؟ - شروط نجاح واستمرار الانتفاضة الثالثة غير متوافر سواء ذاتيًا أو عربيًا، والحماس وحده لا يكفي وأشكال الكفاح هي أبعد ما تكون عن برنامج "ما يطلبة المستمعون"، الدعوة بالفعل مبكرة جدًا. ألا تعتقد ان هناك المساندة الشعبية العربية التي تمت علي الحدود في ذكري النكبة استقطبت الاهتمام أكثر من أحداث الانتفاضة ذاتها في الداخل وربما يكون له أثر ما علي الجانب الاسرائيلي؟ - كان هناك عملية استنهاض علي الحدود يقول لاسرائيل ان دول الطوق لم يعودوا طوق هيلاهوب للرقص كما كان من قبل لكن يمكنه ان يلتهب و يصبح طوقا خانقا يطبق عليك وهي إشارة معنوية فحسب لكن في داخل الاراضي المحتلة و الضفة الغربية والقطاع كانت المواجهات عنيفة ومهددة لاسرائيل وتصريح نتينياهو قبل أيام تصريح من خاب فأله بان الفلسطينيين يرفضون حدود 1967 ويريدون أكثر أي اجتثاث اسرائيل، وهو بالطبع يكذب في هذا المجال فهو لا ينتوي حتي أن يمنح الفلسطينيين حدود 1967. من جهة أخري.. ألا تري أن الثورات العربية عموما والثورة المصرية بصفة خاصة أثرت علي السياسة الإسرائيلية تجاه فكرة إقامة دولة فلسطينية؟ - نتنياهو نفسه وهو من أشد المتعصبين الاسرائيليين ولا يمكن احتسابه علي الوسط او اليسار نصح في الكنيست بسرعة إعطاء الفلسطينين دولة ما لأن التأخر في منح فلسطين هذه الدولة أفقدهم إيران وبعدها تركيا ثم مصر وتونس، كما ان سفراء اسرائيل في الدول الاوروبية أرسلوا مذكرة مشتركة نصحوه فيها بمنح فلسطين دولة ما، قادة أمنيين سابقين وأكاديميين اسرائيليين تقدموا بمذكرة لنتينياهو نصحوه فيها بان الظرف موات لمنح الفلسطينيين دولة خاصة ان الاحتلال الاسرائيلي للضفة أخر الاحتلالات في العالم ولا مستقبل لهذا الاحتلال وعلي ذلك يترتب علي الثورة المصرية والثورات العربية ضغط علي اسرائيل، أحد المحللين قال أن في الوقت الذي كان غياب الديمقراطية في الدول العربية يخدم اسرائيل ويمنع مقاومة العرب لها، فانتشار الديمقراطية سيمنع اسرائيل من الانسحاب لكنه سيفقدها طابعها الديمقراطي شيئا فشيئًا. ما حدود ما يمكن أن تقوم به مصر بالفعل في ظل الظروف الحالية للقضية الفلسطينية؟ - اندلعت ثورة 25 يناير بسبب خنق الحريات الديمقراطية والتفريط في القضايا الوطنية والأزمة الاقتصادية، وفلسطين قضية مصرية وطنية، فكل الغزوات التي قدمت لمصر كانت عبر فلسطين كما أن المصريين يعرفون ان المشروع الصهيوني وضع هدفا له الامتداد من النيل للفرات، وهي قضية أمن قومي مصري، لذلك دائما فلسطين في ضمير المصريين، أذكر في هذا الصدد حينما صدر قرار تقسيم فلسطين عام 1947 خرجت في القاهرة أكبر مظاهرة عربية آنذاك، مليون شخص في شوارع القاهرة التي لم تتجاوز 4 ملايين آنذاك، هذا الكلام ليس اعتباطا او صدفة،من ايام رمسيس الثاني اعتبر خط الدفاع الأول عند العراق والشام، اي أن فلسطين في قلب خط الدفاع التاريخي عن مصر، واستمر التاريخ المصري في البرهان علي ذلك حتي الآن. وما حدث من الشباب المصريين عند السفارة الاسرائيلية في ذكري النكبة موقف وطني لا يستحق العقاب. ولا يمكن تعريضهم للاعتقال والمحاكمات لوطنيتهم. ولو الحكم المصري الجديد يعطي إشارات تطمئن لخط قومي سليم لن يتظاهر أحد اعتمادًا علي هذا التغير. هناك مثلا معبر رفح الذي استخدمه نظام مبارك في خنق الشعب الفلسطيني في قطاع غزه وحتي الآن مازال الحال كما هو بل ان هناك قوائم سوداء لمنع فلسطينيين من المرور سواء للدراسة او العلاج وهذ أمر مجحف ولابد أن يوضع له حد، كذلك التعامل مع الفلسطينيين في الاقامة والعلاج والعمل حيث يعاملون كأجانب منذ عهد السادات،. وماذا عن القرار الأخير بشأن الفلسطينيين من أم مصرية المقيميين في مصر؟ - لم يكن الفلسطينيين من أم مصرية في حاجة لتلك المطالبات ليفلتوا من الاعباء التي يواجهها الفلسطينيون في مصر، لو أن مصر تنفذ بروتوكول الجامعة العربية الخاص بمعاملة الفلسطيينيين الصادر سنة 1965 الذي ينص علي معاملة الفلسطيينيين معاملة أبناء القطر الذي يقيمون فيه والحفاظ علي جنسيتهم، كان عبد الناصر منحازا للقضية الفلسطينية في إطار انحيازه الوطني والقومي واصدر قرارا عام 1954 أصدر قرارًا بمعاملة الفلسطينيين في مصر معاملة المصريين فيما عدا الترشيح والانتخابات، جاء السادات فتخلي عن القضايا العربية وفي المقدمة القضية الفلسطينية وحتي قطاع غزه الذي كان وديعة في يد الحكم في مصر لم يعده السادات في كامب ديفيد ومعاهدة السلام عقابا للشعب الفلسطيني لرفضه الصلح مع اسرائيل، واستغل اشتراك فلسطينيين في جريمة قتل الكاتب الشهيد يوسف السباعي فقام بعقاب جماعي رغم ان هؤلاء الفلسطينيين قتلوا فلسطينيين آخرين أيضا!! إلا انه رفع شعار لا فلسطين بعد اليوم واصدر قرارا بحرمان الفلسطينيين من المعاملة كمصريين وحولهم لأجانب، وأصدر قرار بحرمانهم من كليات القمة، حتي اضطر طلبة كلية الطب الفلسطينيين للخروج من كلية الطب وارتفعت نسبة الأمية بين الفلسطينيين المقيمين في مصر، ولازال هذا الامر التعسفي ساريا للآن، ثم تولي الملف الفلسطيني آخر ثلاث سنوات في حكم السادات حسني مبارك باعتباره نائبه، حيث كانت منطلقاته غير قومية، وله مواقف مجحفة تجاه الفلسطينيين خاصة بعد غزو الكويت حيث عاقب الشعب الفلسطيني كله لتأييد ياسر عرفات للعراق واعطي تعليماته للمعنيين لإذاقة الفلسطينيين الويلات في المطارات ومعاملة الفلسطينيين داخل مصر.لذلك أناشد الحكم الحالي التعامل في هذا الشأن بمنطق "كما كنت في العسكرية" ويعيدنا لما كنا عليه في عهد عبد الناصر وينهي معاناة الفلسطينيين المقيمين في مصر ونعامل معاملة المصري مثلما هو الحال بالنسبه للاجئين في لبنان وسوريا والعراق حيث يعامل الفلسطيينيون كأصحاب البلد الأصليين في تلك البلدان إلا مصر، ويكفي ان أقول أن هذا حدث في عهد النقراشي باشا في زمن الاحتلال حين استقبل الفلسطينيين النازحين إلي مصر آنذاك فأخذ قرارا بوضعهم في حجر صحي ثم سمح لمن يمتلك عشر آلاف جنيه أو أكثر بالخروج او يأتي رأسمالي كبير ليكفله، ثم قضي بعدم تشغيل الفلسطينيين إلا بأجر حتي جاءت ثورة 1952وألغي عبد الناصر كل هذه القرارات، فلا يليق بمصر الثورة بعد 25 يناير أن تستمر في سياسة الاحتلال.