في جلسة مهمة لمجلس الشعب امس برئاسة د.فتحي سرور سادت لغة الحوار الدبلوماسي الحازم من النواب الذين اشتركوا في المناقشات حول قضية مياه النيل واصرار دول المنبع علي توقيع اتفاقية اطارية منفردين وهو ما رفضته مصر والسودان.. اكد النواب من كل الاتجاهات اغلبية ومعارضة اهمية هذا الملف وان التواصل مع دول المنبع امر ضروري وحيوي من اجل توثيق العلاقات بين مصر ودول حوض النيل، واشاروا الي ان المفاوضات والتواجد المصري القوي في هذه الدول هو السبيل الوحيد نحو الوصول الي اتفاقيات تحمي المصالح المصرية وتضع حداً لتواجد من يحاولون الوقيعة بين دول الحوض من اجل مصالحهم. ومن جانبه اكد د.محمد نصر علام وزير الموارد المائية ان ملف حوض النيل ليس مسئولية وزارة بعينها لأنها قضية دولة مشدداً علي ان لمصر تواجدا قويا في دول حوض النيل وهي تحرص علي ذلك مشددا علي ان علاقة مصر بدول حوض النيل علاقة ابدية وليست علاقة عابرة واوضح ان مصر لن توقع علي الاتفاق الاطاري الا في حالة وجود نص صريح يحافظ علي الحقوق والاستخدامات المائية الحالية لمصر خاصة ان حصة مصر من مياه النيل محددة وثابتة وقال اذا ما اقدمت دول المنبع علي التوقيع منفردة علي مشروع الاتفاق الاطاري فإن ذلك يعد مخالفة قانونية للقواعد الاجرائية المتفق عليها في مبادرة حوض النيل وهذا الاتفاق لن يلزم مصر ولن يكون له اي تأثير قانوني علي حقوقها ومن جانبه اكد د.مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية أن هناك جولة مفاوضات جديدة مع دول المنبع متمنياً ان تقوم دول المنبع بعدم التوقيع الانفرادي وان تستمر المفاوضات من اجل الوصول الي ما يحقق مصلحة الجميع. تفاصيل المناقشات في بداية الجلسة ألقي د.محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري بيانا استعرض في بدايته وقائع قضية مياه النيل خلال الخمسين عاماً الماضية منذ عقدت اتفاقية عام 9591 مع السودان وحتي اجتماع شرم الشيخ. وأكد الوزير ان مصر سجلت موقفها بعدم موافقتها علي توقيع الاتفاق الاطاري بين دول المنبع دون الوصول الي اتفاق علي نقاط الخلاف وطلبت مصر وجود بند خاص بالامن المائي يتضمن الحفاظ علي الحقوق والاستخدامات الحالية وتضمين الاتفاق الخطوات الخاصة بالاخطار المسبوقة وعدم تعديل مواد الاطار الا بالتوافق بين دول الحوض أو بالأغلبية علي ان تتضمن الأغلبية مصر والسودان. واشار علام الي انه تم عقد اجتماع لوزراء دول حوض النيل في الاسكندرية في يوليو 9002 وتم الاتفاق علي ضرورة تحرك دول المنبع والمصب جميعاً بصورة شاملة وطلب الاجتماع من اللجنة الفنية واللجنة التفاوضية عقد اجتماعات لحل نقاط الخلاف والتحرك كحوض واحد ونيل واحد وبرؤية واحدة وذلك خلال ستة شهور.. وقد وضعت مصر بصفتها رئيساً للمجلس الوزاري بدءاً من اجتماع الاسكندرية خريطة طريق بعقد ثلاثة اجتماعات للجنة الفنية التفاوضية المشتركة يعقد بعدها اجتماع وزاري غير عادي في شرم الشيخ لعرض نتائج الاجتماعات الثلاث. وأوضح علام ان وفدا رفيع المستوي من مصر قام في شهري أكتوبر ونوفمبر 9002 بزيارة خمس دول من دول المنبع وتم التقدم بمقترحات ايجابية لحل نقاط الخلاف ولكن تم رفضها من قبل هذه الدول. واضاف وزير الري انه تم عقد اجتماع وزاري غير عادي بشرم الشيخ في 31 ابريل الحالي برئاسة مصر وتم الاطلاع علي نتائج الاجتماعات الفنية التي لم تسفر عن اتفاق للتحرك جماعياً واتخذت دول المنبلع موقفاً يصر علي فتح باب التوقيع علي الاتفاق الاطاري اعتباراً من 41 مايو القادم بوضعه الحالي.. وردت مصر بالدفوع القانونية حول حقوقها التاريخية التي يؤكدها القانون الدولي. رفض مصري وشدد علام علي ان مصر ترفض هذا الاجراء شكلاً وموضوعاً وتمسكت بالاتفاقيات القائمة والتي تضمن لها حقوقها في استخدامات مياه النيل وانتهي اجتماع شرم الشيخ فقط ببيان للمواقف دون الوصول إلي أي قرارات. وأكد وزير الري ان مصر لن توقع علي الاتفاق الاطاري الا في حالة وجود نص صريح يحافظ علي الحقوق والاستخدامات المائية الحالية وان التوقيع من جانب مصر علي الاتفاق بصيغته الحالية دون حل النقاط الخلافية لا يخدم المصالح المصرية ويضر بالحقوق المقررة لمصر بموجب الاتفاقات الدولية التي مازالت سارية بين مصر ودول المنبع مشيراً الي انه اذا ما اقدمت دول المنبع علي التوقيع منفردة علي مشروع الاتفاق الاطاري فإن ذلك يعد مخالفة قانونية للقواعد الاجرائية المتفق عليه بين دول حوض النيل.. وانه في حالة اذا ما صممت دول المنبع علي التوجه للتوقيع علي الاتفاق فإن هذا الاتفاق لن يلزم مصر وليس له اي تأثير قانوني علي حقوقها وبالتالي لا يجوز الاحتجاج عليها. وأكد علام أن مصر تعي تماماً ان قضية مياه النيل قضية أمن قومي تتعلق بحاضر ومستقبل الأمة المصرية ولن تسمح تحت اي ظرف من الظروف المساس بحقوق مصر المائية وعلي هذا تقوم الحكومة المصرية بأجهزتها المختلفة باتخاذ خطوات مهمة لتعزيز التنسيق والتعاون مع السودان الشقيق وللتحرك مع المجتمع الدولي ودول المنبع والتوضيح بجلاء ان المفاوضات هي السبيل الوحيد لحل الخلافات. محور جوهري وأكد د.مفيد شهاب ان السياسة المائية المصرية ترتكز علي توطيد علاقات التعاون مع باقي دول حوض النيل علي اساس من الايمان بضرورة تنمية موارد وطاقات نهر النيل والعمل علي حسن ادارتها..كما اكد ان سياستنا المائية تستند الي محور جوهري يتمثل في عدم المساس بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل وفقاً للاتفاقيات الدولية ومباديء القانون الدولي والاعراف الدولية..واوضح ان مصر لها حق طبيعي في الحصول علي المزيد من ايرادات النهر من خلال تنفيذ حزمة مشروعات مائية طموحة طرحتها منذ عام 99 في اطار مبادرة حوض النيل. واضاف د.شهاب بأنه فضلاً عن هذا فإن قواعد قانون الانهار الدولية المستقرة تؤكد حظر قيام اي دولة يمر بها النهر بأعمال يمكن ان تؤثر علي سلامة الملاحة بها او ان تؤثر علي مصالح اي من دول النهر الأخري. قضية مصيرية كما اشار د.شهاب الي حرص مصر علي التعاون مع دول الحوض علي مستوي العلاقات الثنائية من ناحية، وعلي المستوي الاقليمي من ناحية أخري مشيراً الي ان نظرة مصر لهذه القضية بأنها قضية مصيرية أو قضية حياة أو موت وذلك من العصور القديمة وليس الآن .. واضاف د.شهاب بأنه يأمل ان تفتح رسائل الرئيس مبارك والرئيس السوداني البشير الي زعماء دول المنبع الباب امام مفاوضات جديدة مع تلك الدول. وخلال المناقشات أكد د.عبدالأحد جمال الدين زعيم الأغلبية ان هذه الجلسة تاريخية لأنها تتعلق بأمن مصر، واكد ان مصر والسودان لم يكونا متعنتين مع ممثلي دول المنبع.. ولا يتحصلان سوي علي 4٪ من ايراد نهر النيل نافياً ما يتردد في الاوساط الاعلامية بدول المنبع بأن مصر والسودان يحصلان علي اكثر مما يحتاجان.. واشار عبدالرحيم الغول رئيس لجنة الزراعة والري الي انه لا يتصور مطلقاً ان احداً ينال من حصتنا في المياه.. وقال: مرحباً بحرب المياه اذا كان لا مفر من ذلك. وأكد د.زكريا عزمي اتفاق الجميع انه لا تفريط في حقنا في مياه النيل وان موضوع المياه خط احمر ولكن ارجو ان يراعي الجميع ان حساسية الوقت وان مثل هذه المواضيع تحل بالطرق الدبلوماسية، واليوم وزير الخارجية أحمد ابوالغيط في زيارة لبعض دول حوض النيل برسائل من الرئيس مبارك لزعماء هذه الدول.. واضاف د.زكريا عزمي انه لا مجال الآن للمغالطات وأرجو مناقشة الموضوع بحساسية شديدة. وأكد محمود أباظة رئيس حزب الوفد انه من الواجب ان نقول اننا علي مدي 51 عاماً لم نتوصل الي جديد في المفاوضات. ولفت د.مجدي علام انه يجب اعطاء أولوية في التعامل مع اثيوبيا لأنها تمد نهر النيل في مصر ب58٪ من إيرادنا من المياه.. وطالب بضرورة التحرك المصري القوي في دول حوض النيل وزيادة الاستثمارات بها. واشار احمد منسي عياد الي ان الحكومة تهتم كثيراً بهذا الموضوع وهناك جهود دبلوماسية مكثفة. وأكد حسين ابراهيم ان قضية المياه هي قضية مصيرية لمصر.. وطالب بضرورة ترشيد استهلاك المياه وتفعيل دور الخارجية في افريقيا. وطالب طلعت السادات بضرورة تعيين الحكومة لنائب رئيس وزراء خاص بشئون افريقيا. واكد سعد الجمال ان المنظومة مع دول حوض النيل لا يمكن ان تدار بالصراع وانما بالتعاون. تعقيب الوزير وفي تعقيبه علي مناقشات الاعضاء أكد د.نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري ان ملف حوض النيل ليس متروكاً لوزارة بعينها لأنه قضية دولة وهناك اللجنة العليا لمياه النيل برئاسة رئيس مجلس الوزراء وتضم وزارات الخارجية والدفاع والتعاون الدولي والري والجهات السيادية بالاضافة الي لجنة فنية قانونية برئاسة وزير الموارد المائية وتضم ممثلين من وزارات الدفاع والخارجية والري والجهات السيادية وتجتمع مرة كل اسبوعين واستمر آخر اجتماع لها لأكثر من 21 ساعة.. وشدد الوزير علي ان مصر لها تواجد قوي في دول حوض النيل وتحرص علي هذا التواجد المستمر والدليل علي ذلك الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء و6 من الوزراء وأكثر من 001 مستثمر لأثيوبيا وهي إحدي دول المنابع.. واضاف ان هناك برامج في منتهي القوة تقوم بها وزارة الموارد المائية لحفر الآبار في دول حوض النيل..وطالب د.علام بعدم جلد الذات وضرورة التركيز علي الحقائق والجهد المبذول في هذا الصدد خاصة ان علاقة مصر بدول حوض النيل علاقة ابدية وليست عابرة ويجب الحرص في التعامل معهم وأبرز دليل علي ذلك هو استمرار الاتصالات المكثفة مع وزراء هذه الدول بعد قرارات شرم الشيخ ومحاولة البحث عن حلول لهذه الأزمة من خلال المفاوضات ثم المفاوضات..وأكد الوزير ان قضية المياه في مصر تحظي باهتمام القيادة السياسية وحرصها حيث لم تنقطع اتصالات الرئيس مبارك بنا خلال اجتماع شرم الشيخ والمتابعة المستمرة لكل تطورات الاجتماع..وأضاف ان هناك حرصا شديدا لحل هذه القضية بالطرق الدبلوماسية والعمل ليلاً نهاراً لتأمين مصادر مصر من المياه. واضاف د.علام ان السدود التي يتم انشاؤها في اثيوبيا هي سدود لتوليد الكهرباء فقط ولا يتم استخدامها في التنمية الزراعية.