أرجو ألا يصاب وزراء حكومة الدكتور شرف بنفس الفيروس الذي كان يصيب وزراء حكومة النظام السابق، فكان هذا الفيروس يسبب عند هؤلاء الوزراء حساسية ضد الاقلام حتي وصل بهم الغرور والتحدي أنهم كانوا لايقرأون ما يكتب عنهم. أو يردون علي اي نقد كان ينتقدهم.. ولا أعرف هل هي كانت سياسة ام تعليمات من رئيس الحكومة بعدم التعامل مع الاقلام الصحفية.. أو أن التعليمات هي تطنيش الأقلام حتي لايتورط الوزراء في حوارات تكشف عن فساد النظام.. - للأسف كانت سياسة آخر حكومة في عصر النظام السابق هي »تطنيش« الصحفيين وعدم الرد علي ما ينشر في الصحف حتي ولو تعرض اي وزير للنقد.. فقد كان مطلوبا منه ان يتجاهل حتي لايحقق للقلم او للكاتب نشوة الانتصار.. مع ان القضية لم تكن معركة لمعرفة من الفائز ومن الخاسر بقدر ما هي ترجمة لأوجاع الشارع المصري يحملها كاتب في قلمه.. وكون ان الوزير او الحكومة يستقبلونها »بالتطنيش« فالخاسر الحكومة وليس قلم الكاتب.. وأعتقد اننا رأينا كيف دفعت الحكومة الثمن عندما سقط اعضاؤها من فوق مقاعدهم وأطاح بهم الشارع المصري في مزبلة التاريخ.. هذا الكلام أقوله.. لأنني أخشي علي وزراء حكومة عصام شرف ان يصابوا بفيروس »تطنيش« الاقلام.. ويديروا ظهورهم لاي نقد مع ان المرحلة التي نعيشها الان تحتاج زواج السلطة مع أصحاب الرأي وليس مع اصحاب المال.. ان اصحاب الرأي هم ترمومتر الشارع المصري.. يحسون بأوجاعه .. والسلطة يهمها ان تستجيب لمطالب الشارع المصري.. وعلي الوزراء ان يفهموا رسالة القلم.. فالقلم هو الذي ينقل صورة صحيحة الي الحاكم خالية من أية رتوش.. وخاصة اذا كان القلم مجردا من المصلحة العامة لا يعبر إلا عن صالح هذا البلد.. فدعونا ننبذ الابتزاز عن طريق القلم، فالقلم الذي يبتز مسئولا بغرض مصلحة أو منفعة نرفضه من حياتنا ونتصدي له مهما كانت مكانة من يملكه.. لكن القلم الذي يحاسب المسئول في قضية تهم الشارع المصري وان العائد في هذه القضية هي منفعة عامة وخير لهذا الوطن.. فهذا القلم هو الذي نسانده ونؤيده.. - وهنا أقول للوزراء.. إياكم »وتطنيش« الاقلام، افتحوا صدوركم لأي نقد، اقرأوا ماتكتبه عنكم الصحافة، احترموا الاقلام وتعاملوا مع اصحابها بالرد عليهم.. وليس بالضرورة أن يأتي الرد من الوزير المسئول لكن ان يكون هناك من يحمل تفويضا بالرد.. المهم يشعر الكاتب ان الرسالة قد وصلت وليست في »الطناش«.. فأصعب شيء علي الكاتب ان يتناول قضية عن قناعة.. ويسعي الي الاصلاح.. ثم يجد ان ما كتبه في »الطناش«.. وكم اصبنا بحالات من الاكتئاب في العهود السابقة يوم ان كنا نكتب.. ونصرخ ولا يسمعنا احد.. لا وزير.. ولا رئيس حكومة.. حتي ابن الرئيس علي اعتبار انه كان مسئولا عن حكومة الحزب.. وكأنه كان هناك تار بايت بين النظام وبين الاقلام.. في حين أن اقلام صحفه والتي كانت تسبح بحمده.. كان رؤساء تحريرها يلقون معاملة خاصة من النظام.. أما أقلام الشرفاء الذين كانوا ينتقدون سياسة النظام فكانت »طناش«.. قضايا كثيرة حملناها لحكومات النظام ولرموز الحزب.. كشفنا فيها عن الفساد الذي هم فيه الآن.. وللأسف لو كانوا قد سمعوا كلامنا أيامها ما وقعوا الآن.. لكن كبرياءهم وتعاليهم علي الاقلام جعلهم يسبحون في بحيرة فساد حتي فاحت رائحته ثم أوصلهم فسادهم الي ما هم فيه الآن.. الصحافة لها عيون.. والعيون تنير الطريق للمسئول.. المهم ان يكون عنده استعداده.. لا يركب رأسه ولايأخذه العناد.. والمهم ايضا ان يكون مؤمنا بعمل الصحافة.. لكن كونه ان يتعامل علي ان موقعه اكبر من القلم.. فهذه كارثة لأن الموقع لايدوم.. ولكن الذي يبقي هو قلم الكاتب وقد رأينا وزراء تبدلوا وتغيروا.. والكتاب الشرفاء ظلوا في مواقعهم.. اقلامهم هي التي تكتب عن الحاضر كما كانت تكتب في الماضي.. فالوزراء ذهبوا.. والاقلام هي التي بقيت.. ليس عيبا ان يرفع الوزير سماعة التليفون ويعترف للكاتب انه أخطأ في قرار.. لكن العيب ان يركب رأسه ويتجاهل القلم.. ويتمادي في خطئه وكأنه هو الصح.. من فضلكم.. كونوا قريبين من الاقلام ولن يكلفكم اكثر من وجود اشخاص امناء عليكم.. عندهم امانة الكلمة.. فينقلون لكم الواقع.. ولا ينقلون الاكاذيب المهم ان تتحقق الرؤية وتتضح الصورة.. علي أي حال.. هذه نصيحة اردت ان أبريء بها ضميري أمام وزراء جدد في عهد جديد بسياسة جديدة.. المهم ان تبدأ بعدم تطنيش »الاقلام« حتي لايكونوا هم الخاسرين.. والا إيه..