شذى حسون تحيي حفلاً غنائيًا بمهرجان موازين 23 يونيو    الرئيس السيسي يصدق على إطلاق مبادرة "مصر معاكم" لرعاية أبناء الشهداء القصر    حزب الجبة الوطنية يطلق منصة إعلامية شاملة لتغطية قضايا المواطنين    "إعلام القاهرة" تحتضن فعاليات النسخة الثانية من ملتقى " إيجيكا 2025"    محافظ الشرقية يستقبل أسقف ميت غمر ودقادوس وبلاد الشرقية والوفد الكنسي المرافق    السيسي يصدّق على إطلاق مبادرة "مصر معاكم" لرعاية أبناء الشهداء    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    رئيس زراعة النواب: طفرة في المحاصيل الاستراتيجية بعد تحديد أسعار التوريد    الطيران المدني: تعزيز تجربة السفر وتفعيل آليات الشكاوى داخل المطارات    الرقابة المالية تمهد مهلة توفيق أوضاع الشركات العاملة بالتأمين عام آخر    محافظ المنيا: توريد 508 آلاف طن قمح منذ بدء موسم 2025    الانتهاء من المخططات الاستراتيجية والتفصيلية ل 9 مدن بالمنيا    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    مطار الإمام الخميني ينفي استهدافه من قبل إسرائيل    بعد كاليفورنيا.. ترامب يحاصر 5 مدن ديمقراطية جديدة بالقوات    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    ألونسو: الريال يستعد لبدء حقبة جديدة وهدفنا نهائي مونديال الأندية    الرئيس الإيراني يهدد برد أكثر إيلاما حال استمرار العدوان الإسرائيلي    الاهلي يراقب مباراة بورتو وبالميراس في كأس العالم للأندية    "اعتماد جون والمدرب الجديد".. اجتماع عاصف في الزمالك بحضور لبيب    فرانك يفتتح عهد توتنهام بالتعاقد مع تيل ودانسو.. خيارات جديدة في الهجوم والدفاع    حارس إنتر ميامي بعد حصوله على جائزة رجل المباراة: "الشناوي يستحقها"    نقيب المعلمين: 3 آلاف جنيه منحة علاجية لمصابي امتحانات الثانوية العامة بسوهاج    خالي قتل أمي بكوريك.. القصة الكاملة لجريمة بالغربية سببها علبة سجائر    الإعدام لعامل قتل أسرة كاملة حرقا فى الإسكندرية    ضبط المتهم بالتعدى على كلب ضال وقتله بالقاهرة    تحريات لكشف تفاصيل اتهام موظف بسرقة أدوية فى الطالبية    ضبط 4 أطنان سلع مجهولة المصدر في حملة تموينية مكبرة بمركز ومدينة بسيون    قرارات رئاسية مهمة لصالح صندوق تكريم الشهداء والمصابين وأسرهم    دينا نبيل عثمان رئيسًا لقناة النيل الدولية (Nile TV)    احذر عند التعامل معهم.. أكثر 3 أبراج غضبًا    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بعد صدمة وفاة شقيقها نور الدين    تصعيد خطير بين إيران وإسرائيل.. دمار واسع ومخاوف من موجة هجمات جديدة    "قرية قرب الجنة".. فيلم صومالي يتألق عالميًا ويحصد خمس جوائز كبرى    مكتبة الإسكندرية تطلق جائزة كبرى لدعم المبدعين الشباب في 7 مجالات    المتحف المصري الكبير يستقبل الزائرين.. وإلغاء قرار الغلق بداية من اليوم    حالة الطقس غدا الاثنين 16-6-2025 في محافظة الفيوم    طرق بسيطة لمساعدة الأطفال على التركيز بشكل أفضل.. اتبعها    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    احذر هذه الأعراض.. الصحة تكشف الفارق بين الإجهاد الحراري وضربات الشمس    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    ظهور باهت لزيزو مع الأهلي رغم أرقامه الجيدة    محافظ بورسعيد يتفقد غرفة عمليات الثانوية العامة لمتابعة انتظام الامتحانات في يومها الأول    محمد صلاح يحتفل بعيد ميلاده ال33 ب "تورتة صغيرة"    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد في العلمين    «فين بن شرقي؟».. شوبير يثير الجدل بشأن غياب نجم الأهلي أمام إنتر ميامي    تفاصيل بوابة التاجر في البنك التجاري الدولي    أخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة.. تفاصيل    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    تعرض مقر وزارة الدفاع الإيرانية في طهران لهجوم إسرائيلي    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غادة نبيل تكتب : بل سنتغير
نشر في الدستور الأصلي يوم 20 - 03 - 2011

فى مقاله الأسبوعى كل أربعاء والذى يكاد يشغل صفحة كاملة هى صفحة " رأى ورأى " بجريدة الجمهورية طلع علينا الزميل محمد أبو كريشة فى عدد الأربعاء 9 مارس 2011 بعنوان استفزازى تبين لى بعد القراءة أنه قد فتح النار على ثورة 25 يناير التى ما زلنا نحاسب من رجموها قبل التنحى يوم 11 فبراير 2011 بوصفها خيانة عظمى وانقلبوا إلى تقبيل أقدام من قاموا بها بعد التنحى .
الزميل المذكور اختار عنواناً يقرب من السجع الذى عودنا عليه فى عناوين مقالاته التى يحتكر بها مساحة هائلة مستديمة فى صفحة يُفترض أن تكون للجمهور بالأساس وليس للزملاء الصحفيين داخل الجريدة التى يعملون بها
اشير هنا إلى تكليفى للكتابة بتلك الصفحة فى عهد رئيس تحريرها السابق محمد على إبراهيم والتزامى بذلك لفترة قصيرة حاولت التملص فيها من ذلك وجل ما كنت أكتبه كان عاموداً فى النقد السياسى والاجتماعى لا يزيد حجمه عن شبر إلى أن اخترت التوقف .
من المفجع فى بعض العناوين ومضامين المقالات أنها تفضح العقليات والدوافع النفسية لأصحابها . لا يمكن الاحتجاج هنا بالمثل الشائع " اللى ما لوش كبير يشترى له كبير " لأقبل كقارئة المنطق الذى تقوم عليه مقالة مستفيضة قامت على الهجاء , كما تتوالى أغلب مقالات الزميل خاصة منذ نجاح الثورة .
يقول الزميل " أبحث فى كل الأسواق عن كبير لأشتريه ولكن ( الكبار خلصوا ) " .
يبدو أن ذاكرة الزميل شديدة الضعف وإلا كيف ينسى أن الثورة قامت لتتخلص من الكبير الذى كان وعائلته قد تم شراؤهم .. من قبل حفنة من رجال الأعمال الشركاء معهم فى غنيمة نهب مصر , وأيضاً تم شراؤهم من قبل دول خارجية كإسرائيل ( العدوة ما زالت فى قلوبنا ) حين باع لها " الكبير " عبر حسين سالم برضا كامل , مصر فى صورة اتفاقية الغاز المصرى , أى أنه قد تم شراؤه .. ولكن من الخارج .
يمعن الكاتب فى وصف مأساة الوضع الحالى فيقول " الحقيقة الوحيدة الآن هى اللا حقيقة . لا توجد فى مصر حقائق الآن " .
الزميل لا يؤمن بحقيقة الشهادة . ربما يؤمن أو لا يؤمن بتلك العقيدة أو بأى معنى يمكن أن يضحى الإنسان بحياته فى سبيله , فبماذا يؤمن إذن ؟ ..
بالديكتاتورية ؟ .. بالفقر ؟ .. بالقهر الوحشى الذى مارسه أمن الدولة حيث تترى المعلومات عن عمارات للتعذيب وزنازين تحت الأرض كأن مصر " الكبير" التى يبكى زوالها تنتمى إلى عصر الباستيل ؟ أم أن هذه الحقائق هى وحدها الملهمة لأمثال هذه العقليات والأقلام ؟
تؤكد هذه التعمية على القارئ وتشوش الرؤية لدى الزميل مقولته فى المقال بصفة الجزم كأنما امتلك الحقيقة وحده : " نحن نعرف الجريمة لكننا لا نعرف المجرم .. لا نعرف من بيده الثواب والعقاب ."
أؤكد لسيادته وبكل احترام أننا نعرف الجريمة ونعرف المجرم , بل والمجرمين .
أنا أعرف من ظلمنى مثلاً فى عصر ولاية سمير رجب ثم محمد على إبراهيم لرئاسة تحرير جريدة الجمهورية ومن قبلهما محسن محمد . وخادمتى نصف الأمية تعرف من أفسد التعليم حتى جعلها خادمة وليس موظفة ومن ظلم بناتها فى التعليم والخدمة الصحية والحق فى المعاملة الكريمة لدى دخولها أى قسم شرطة . إنه نظام الفساد الذى انفجرت الثورة بقوة وشجاعة هادرة لتمحقه ولم تولد جبانة كبعض أقلام سدنة ذلك النظام التى ما كانت لتجرؤ على التفكير بينها وبين نفسها فى نقد مبارك أو صفوت الشريف وقت مجدهم الباطش .
حين يكتب صحفى بما يوحى بالحسرة أننا لا نعرف من بيده الثواب والعقاب فهذا دليل مرض وليس صحة , مما يذكر بمتلازمة استوكهولم حيث علاقة الارتباط النفسى المشوهة التى تنشأ بين الضحية والجلاد . إنها نفوس تعودت على منطق العصا والجزرة والركض بأقصى سرعة من العصا قبل نزولها ثم الهرولة بنفس السرعة صوب فتافيت الجزرة مهما كلف ثمنها إن على مستوى الضمير أو الكرامة .
لا أتهم الزميل بهذا لكن أحاول أن أفهم سر الغضب غير الطبيعى من نتائج الثورة التى يستعجلها. نحن فى مارس ومبارك تنحى فى فبراير ومن المعروف أن كل الثورات تؤدى إلى إضطراب ولو مؤقت فى الأوضاع كافة اجتماعية واقتصادية وسياسية وأخلاقية . ونأمل ويحق لنا أن نحلم أن ثورتنا ستحقق طموحاتنا وتطلعاتنا جذرياً فى هذه المجالات , ناهيك عما تواجهه الثورات وثورتنا ليست استثناء , من ثورات مضادة لا أحسب أن الزميل يعيش خارج مصر وهو يكتب مقالاته بحيث لم ينتبه إلى بعض شواهدها وأبرزها الفتنة الطائفية .
كيف سمح لنفسه أن يكتب " فنحن لا نرى سوى أيد مغلولة وعقول مشلولة وألسنة ( عايزة قطعها ) وأقلام ( عايزة كسرها ) " ؟ .
لم يحدد لنا الكاتب معايير قطع الألسنة التى يريد قطعها ولا معايير كسر الأقلام التى يتشوق إلى كسرها . ومن الواضح أنه جعل نفسه حَكَماً وكبيراً يملك الحقيقة المطلقة حتى أنه جعل نفسه استثناء مما ينادى به ولكن فاته أن الكثيرين لديهم تصورهم عن الأقلام التى تستحق المحاكمة على ما كتَبَته من تحريض على القتل ضد الثوار وعادت تنافقهم أو ضد بعض الأقليات الدينية كالبهائيين مثلاً ومن دأبوا على " لحس أحذية الكبير" الذى يفتقده كاتبنا دون أن يسميه .
السجّان داخل النفس وإلا ما ذُهل الأستاذ أبو كريشة من ذهاب رئيس الوزراء إلى ميدان التحرير ليأخذ منه الشرعية والبركة كما يقول . ألم يخطر ببالك أيها الزميل أن نفس التصرف الذى تراه مُزلزلاً ومدعاة للهزؤ هو أنصع علامة تؤكد أن الحكم للشعب بموجب كلمة قد لا تعرفها ولم يحب أن يعرفها " كبيرك" الديمقراطية !
ألا توجد رموز فى الوجدان الجمعى للشعوب وذاكرتها ؟ . أليس العَلم ذاته رمزاً ؟ أم أنه بالنسبة إليك ليس سوى قطعة قماش ملونة ؟
يقول أبو كريشة : " من المضحك المبكى أن يهرول رئيس وزراء مكلف إلى ميدان التحرير ليأخذ شرعيته منه ... فميدان التحرير ليس مصر والذين أعجبتهم الإقامة هناك ليسوا كل شعب مصر .. لكن أول قصيدة شرف كفر ... فمعنى ذلك أن من جاء بمظاهرة يمكن أن يرحل بمظاهرة ولا أحد يستطيع أن يؤدى عمله وهو تحت ضغط حفنة فى ميدان التحرير " .
أنصحك بأن تسمع صوت ورأى غيرك .. من الملايين الذين يبدو أنك كنت تتابع التليفزيون المصرى قبل التنحى وتصدق صورة الكوبرى ولا تراهم أو لا تريد , حتى أنك ورغم أن الغلبة الآن لهم ما زلت تسميهم "حفنة" .
ألم تفكر لحظة أن ما تعتبره وتراه أنت مهزلة مهينة هو الشرف أو إعلان طهارة نوايا بوعد أمام الجماهير التى أتت برئيس الوزراء لأنه كان مشاركاً فى ثورة لم يكن يضمن انتصارها .. وعد أنه سيعود إليهم وبينهم لو فشل فى مهمته .
أنت ربما ترى الأمر مسرحية ترفض تصديق أن فصولها الأخيرة لن تكون إلا لصالح كبيرك . ونعم أذكرك بأن من أتى بمظاهرة يحق للشعب أن يسقطه بمظاهرات لو خان العقد الذى منحه الشرعية فى العلاقة بين الحاكم والمحكوم .هذه هى الديمقراطية . لقد ذكرتنى بزميل صحفى شاب قال لى منذ أسابيع عن فكرة انتخاب رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة : " أنت عايزة رئيس تحرير مختاراه عشان تكونى كاسرة عينه ؟" . أجت ذلك الزميل كما أجيبك : " هى دى الديمقراطية . لما يكسر عينه المئات والآف الناس بدل مايكسر عينه شخص واحد حاكم فرد قام بتعيينه".
أول قصيدة رئيس الوزراء تصرف ديمقراطى مفرح لإعلان ثقة جديدة متبادلة تذكر بمضمون الآية القرآنية " وأمرهم شورى بينهم " . ألا تصدق أن الشارع هو مصدر الشرعية ؟ . على من وماذا تتباكى ؟ . على أصحاب أقبية التعذيب ممن داسوا كرامة الناس وكانوا يجعلون المعتقلين يلحسون الطعام من على البلاط ؟؟؟ .
أما الثورة التى تقول عنها أنها " تمارس التمييز والإقصاء حتى الموت فقتلاها شهداء وقتلى الشرطة مثلاً فطيس " بحسب وصفك فأؤكد لك , ويبدو أنك لم تسقط بغاز القنابل المسيلة للدموع يوم 28 يناير كصاحبة هذا المقال ولا ذهبت للميدان سبعة أيام مثلها قبل التنحى وربما لم تذهب إليه أبداً , أؤكد لك أننى رأيت بعينى انعدام كلمة ومعنى التمييز فقط فى الثورة , كما كتب الجميع وكما لمست بنفسى . الملتحون والمنتقبات هم من كانوا يساعدوننى ويهدئون غضبى ويتقبلون نقدى وأنا لست محجبة وربما ظنونى مسيحية . أما صورة الشهيد اللواء محمد البطران المكبرة فى بوستر عملاق فكانت تجلل الميدان بجانب شهداء الشعب من كل الطبقات وكنت أقابل ذويهم وأقبّل رؤوسهم لكنك تحكم دون أن ترى ولا يهمك أن تتحرى الحقيقة لو خالفت وجهة نظرك ومشاعرك, وبالأحرى المنطق النفسى الردئ الذى سيطرعليك تجاه أول ثورة شعبية كاملة فى تاريخ مصر الحديث . وهذا رغم أن الفارق معروف بين من يملك السلاح ويستخدمه ضد أبناء شعبه بناء على أوامر فسقط قتيلاً وبين من خرج أعزل يطلب حقه وحق غيره واستشهد لكن الشهداء يعرفهم الله .
ما أبشع كلامك وأنت تطلع علينا برأى نصفه حقيقى ونصفه كاذب كذباً يجعل من حق أى مصرى أن يرفع عليك قضية حين تنزع عنه الهوية أو الشعور بها لمجرد أن هذا موقفك وأنت تصرح فى مقالك " مصر لم تعد فى خاطرى ولا فى دمى " !!!!!( علامات التعجب من عندى) . أنت يا سيدى تتعامى عن أن انعدام الشعور بالهوية كان ضمن سياسة ممنهجة فى عهد " الكبير" الذى ترثى زواله فى إمارة شرم الشيخ بعائلة نهبت مصر كما نهبتها الكثير من العائلات التى كانت تحكم فى أقواتنا وكرامتنا.
تقول مرة أخرى " ثورة بلا قائد ولا أجندة ". الحمد لله فهذه أول حقيقة أراها فى مقالك ذاك والحمد لله أنك تقر بعكس ما كان إعلام " الكبير " وتليفزيونه الرسمى يدعيه من وجود أجندة لحفنة خونة بالتحرير . لكنك تردف :" مع دولة بلا رأس ولا هوية " .
كيف وبأى وجدان تستطيع أن تقول هذا وقد استشهد من استشهد ؟ كيف يمكنك أن تدّعى هذا لمجرد أن بداية الثورة الشعبية كانت لشباب أحبوا مصر حتى الموت فعلياً لا كلامياً ولا حزبياً ؟ .
نحن أعدنا اكتشاف أنفسنا كشعب ما زال يشعر بهويته المطمورة المعتدى عليها منذ حقب . استخرجنا جوهرتنا من تحت التراب فى ميدان التحرير , مع كل قطرة دم سقطت كنا نكتشف حبنا العميق لمصر ولكرامتنا الإنسانية , هوية تريد وصممت على دحر الفساد واسترداد بلدنا وحقوقنا التى لا تلغى واجباتنا كمواطنين متساوين ليسوا جرذاناً ولا " شوية عيال " كما ألمح صفوت الشريف فى قناة أون تى فى للإعلامية ريم ماجد بعيد اندلاع الثورة وهو ينصح شبابها صراحة " أن يكونوا رجالة" . ولقد أريناه وأرينا " كبيرك " رأس النظام السابق أننا رجالة وحتى نساءنا كذلك .
أما أن تتكلم عن مصر والثورة باعتبار أن ما حدث للبلد فى تشبيه مسف كجريمة اغتصاب ومواقعة حتى لتقول فى ذات المقال عن مصر أنها " صارت على قارعة الطريق .. مصر المحروسة صارت مصر المحروثة والمحروقة والمحرومة والمفضوحة " .. أن تتحدث هكذا فماذا يمكن أن نقول سوى أن المغتصبة التى تتحدث عنها ظلت تتعرض للاغتصاب أكثر من 30 عاماً .. والآن هى تنهض بدمها , دم أبنائها الأطهر من دمى ودمك لتتحرر من الاغتصاب الذى ارتضته وسكتت عنه . إن السكوت على الاغتصاب المتكرر هو الفضيحة وليس العكس يا سيد .
تعود وتقول فى مقالك مرات " البلد بلا كبير لنلوذ به . البلد بلا حائط لنستند إليه ." وتتمنى " ألا يجعلنا اليوم نتحسر على الأمس بكل شروره وآثامه " . أذكرك بلا تهديد لا سمح الله أن هذا هو جوهر الثورة المضادة .
والحزب الوطنى ابتزنا بهذا المنطق المبطن فى كل مرة كان يلوح باحتمالات فتنة طائفية أو سيطرة إسلامية سلطوية ليظل هو " الملاذ الوحيد " الذى تبكى أنت زواله و"الوطنى " .
من العار أن لا يكفيك دم الشهداء والشهيدات برهاناً على أن الوطن والثورة ليسا كما وصفت فى مقالك " تمخض فولد فأراً ولم يلد فجراً " . الفأر هو كل " كبير" هارب بأموالنا خارج الوطن أو الذى ينتظر محاكمته داخله ويعرض صفقات رد أموالنا إلينا مقابل وقف ملاحقته القانونية , ولعلك تعرف من الفئران فى صحفنا القومية من فروا بأموال المؤسسات ويقيمون حالياً فى الخارج إقامة دائمة ينفقون فيها باليورو من أموالنا نحن دافعى الضرائب .. وقد كان هؤلاء الفئران من العمالقة , مع فارق أننى كنت , حتى فى عز مجدهم , أراهم فئراناً ملوثة الضمائر ومرتزقة أقلام يزيفون الوعى العام ويكذبون ليل نهار ويسرقون ثم يشخرون فى ليلهم الطويل الذى لا تنام فيه أعين المظلومين .
سيادتك تنصحنا فى نهاية المقال بوضوح " لا تصدق أحداً " .
بل ضمائرنا الحرة وذوى الفطرة السليمة يقدرون على التمييز بين الصدق بالمواقف لا الأقوال والكذب .
لسنا عدميين مثلك رغم كل الجور والعدوان الذى تعرضنا له فى حياتنا الخاصة والمهنية لننصح أحداً بعدم تصديق أحد . لن نفترض سوء النية والكذب دائماً مثلك رغم كل ما حدث . أما مقالك " عمر الهنا قصّير .. مصر لن تتغير " بالجمهورية بتاريخ الأربعاء 16 مارس 2011 فيمكن الرد عليه بالعكس تماماً . مصر ستتغير بل هى بدأت منذ أول دم شهيد سقط حتى قبل 25 يناير , من لحظة نفض الشباب عنهم الانهزامية والسلبية والتيئيس الذى تبشر به فى كل حرف , سقط الخوف وكُتبت نهاية الطاغية ونظامه الفاسد . لا أزايد على الثورة لكن أذكرك وأنت تعد الأيام على الثورة بأننا ما زلنا نبدأ . ثم تكتب : " لكن ثورتنا كشفت عورتنا تبين أن النظام السابق حقق منابع الفكر والزعامة والقيم ".
أى فكر وأية زعامة وأى قيم ؟؟؟
فكر لاعبى كرة القدم وثقافة بلطجية انتخابات الوطنى وحديد عز وأغانى " أنا مش خرنج " ؟ . أجبنا !
وأية زعامة ؟ . التوريث ؟؟ , وأية قيم ؟ قيم هشام طلعت مصطفى الذى أكاد أجزم أنه تم تهريبه ممن فتحوا السجون ولم يذكره لنا أحد , أم قيم حسين سالم والحبيب العادلى ؟ . أجبنا !
وإذا كان التيئيس فقط لأجل التيئيس هو منهجك ولا شئ يتغير والكل باطل وقبض الريح فبماذا تنصح سيادتك ثوار ليبيا واليمن والبحرين وتونس والشعب العراقى والسورى والفلسطينى ؟ . أجبنا !
تكتب فى مقالك مؤكداً أن مصر " لم ولن تتغير" كأنك أطلعت على الغيب وتحكم على إرادة وكرامة شعب أثبت لك العكس لأنك أنت من لا يريد أن يصدق ولأن التغيير معناه كنس كل منتفع بما لا يستحق وإرساء قواعد جديدة تقوم على علاقات لا تنشد التقرب من " الكبير" .
أفظع ما تكتبه فى مقالك حين تقول :
" نواعد فتاة النظام السابق ونبثها الغرام والحب واللوعة ثم نواعد فتاة الثورة لنبثها نفس عبارات الحب والهيام وننفى أى علاقة لنا بفتاة النظام السابق ....... وقد صدقنا النظام السابق وكافأنا وضاجعنا وعاشرنا وتفعل فتاة الثورة نفس الشئ فهى تصدقنا وتضاجعنا وتعاشرنا وتكافئنا .. عشنا مع النظام السابق فى الحرام ونعيش مع اللانظام الحالى فى الحرام .. ونفاخر بحرامنا وبقدرتنا على الإيقاع بفتاة النظام السابق وافتراس واغتصاب فتاة الثورة أو مواقعة الإثنتين برضاهما فى الحرام . والثورة لديها نفس غباء النظام السابق . تصدق من ينافقها ويغازلها وترتمى فى أحضانه وتحمل منه سفاحاً ثم تركع عند قدميه وتطلب منه أن يصلح غلطتها ويتزوجها على أن تعيش خدامة تحت رجليه مقابل أن يستر عليها تماما كما وقع النظام السابق فريسة للمنافقين الذين غازلوه أو حتى عارضوه ( كده وكده ) وحمل منهم سفاحاً وأنجب أولاد حرام وسكر بنشوة النفاق والغزل حتى سقط وكانت فضيحته بجلاجل وهى نفس الجلاجل التى ستفضح الثورة التى تلعب بنفس القواعد وترتكب نفس الخطايا " .
أؤكد لك لو كان لى أولاد صغار السن ما استطعت أن أترك الجريدة أمامهم وبها مقال يتبنى هذه اللغة . هذا أولاً .
وثانياً : أتساءل ما هذا الخيال الذى فى أطرف صوره يبدو مستوحى من الأفلام العربية القديمة , وفى أقصى صوره يتحدث من منطقة تشى بكبت جنسى مروع .
خطاب ذكورى فج قائم ليس فقط على الإدانة المطلقة بل على الخلط العمد وغير الأخلاقى فى رأينا بين القاتل والقتيل أو الضحية , بين النظام الذى أسقطته الثورة والثورة . كلاهما سواء فى نظرك وسيصلان إلى نفس النتيجة طالما تتهم الثورة كما كتبت بأن لها " حملة مباخرها وأصحاب الحظوة والنفوذ والفلوس والكوسة " فمن الذى تتهمه ببذل الرشى ؟ شباب الثروة ؟ أم من ؟
وثالثاً : كيف يتساوى ما ظل يقدم شواهد فساده التى ظللنا نعانى منها 30 عاماً وما لم يتم امتحانه بعد فى ظل 30 يوماً تعاقبت فيها على رئاسة وزراء مصر حكومتان ما زالت ثانيهما بالأخص تتعرض للثورة المضادة ؟ هل هذا هو العدل ؟
تذكرنى هاتان المقالتان لمحمد أبو كريشة بأجواء ماقبل ثورة 25 يناير المحبطة التخويفية التيئيسية التى من الواضح أن الكاتب ما زال يتنفسها ملء رئتيه . وتذكرنى المقالتان أيضاً بزميل صغير السن كان يباهينى أثناء حكم سمير رجب لجريدة الجمهورية أنه الزميل من " شباب الحزب " . كنت حاضرة فى جلسة ثلاثية بمكتب رئيس قسمنا الراحل د. فتحى عبد الفتاح رحمه الله , وكان الأخير يتحدث عن بعض الأسماء الصحفية فإذا بالزميل يعلق بإيمان مستخف " الشريف هو اللى معرفش يسرق" . وطبعاً أجبته بيقين مناقض ليقينه " لا يا فلان ... فيه شرفاء لأنهم مش عايزين يسرقوا " .
إنها نفس الروح نسيجها واحد رغم اختلاف الأجيال ما بين ذلك الزميل والزميل أبو كريشة , نفس عدم الرغبة أبداً فى تصديق الخير والحق وأن هناك من يرون الحق حقاً لأنهم يدعون الله بقلوب مبصرة أن يريهم الحق حقاً والباطل باطلاً وهؤلاء لديهم كامل الاستعداد للموت فى سبيل ذلك الحق الذى هو من أسماء الله الحسنى ..
وأخيراً لا أملك إلا أن أتساءل .. أستاذ أبو كريشة ترى لو تم تعيينك رئيساً لتحرير جريدة الجمهورية الآن , هل كنت لتكتب مقالات كهذه ؟ .
أما أنا فقد صدقت تماماً السطر الأخير من مقالك الذى تنهيه بدعابة عن كونك تريد ترشيح نفسك أميناً عاماً لجامعة الشعوب العربية وأنت تقول : " وفيها أو أخفيها .. أريد أن أكون الأمين .... قولوا آمين " .
فى مقالات التهديم النفسى المنتظمة لك رأيته السطر الوحيد الصادق . ولن نقول بعد اليوم سوى لله آمين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.