لقد ميز الخالق الإنسان عن سائر المخلوقات منذ خلق العالم ففي البدء خلق الله السموات والأرض والبدء كلمة مطلقة لا حدود لها إذ إن طبيعة الخالق غير محدودة. وفي الخلق قال الله كن فكان النور وكانت السماء والأرض وكانت الشمس والقمر والنجوم وكانت الأسماك والطيور وكانت كل حيوانات البرية. أما الإنسان، الرجل والمرأة فكان علي صورة الخالق لأنه بنفخة فمه خلقه وهكذا صار الإنسان متميزاً عن سائر خلائق الله إذ خلق العالم بكلمته أما الإنسان فقد صار بنفخته. وشتان الفارق بين إعلان قدرة الله وإظهار الحب والحنان ولما كان الإنسان متميزاً منذ البداية فهكذا كان متميزاً في النهاية فمصير الخلائق كلها غير مصير الإنسان فالأرض وكل ما عليها إلي زوال أما الإنسان العاقل المختبر فهو من روح الله لذا كانت الروح أزلية بأزلية الخالق. وكما أن الإنسان أزلي في روحه فمصيره أزلي أي أبدي الحياة إما في نعيم مقيم أو في نار الجحيم. وقيامة السيد المسيح هي أعظم دليل علي قيامة الإنسان في اليوم الآخر إذ يقوم المؤمنون إلي حياة أبدية والأشرار غير التائبين إلي نار أبدية. والقيامة هي مكافأة المؤمن كما هي عقاب الخاطئ ولا يكفينا أن نعرف عن الله بل لابد أن نعرف الله الخالق والفادي والمحب الغافر الذنب والصافح عن الإثم. والسماء تبدأ من الأرض فمن عاش في دنياه معه سيكون في آخرته أيضاً معه. والقيامة هي دليل لايقبل الشك أن آلام هذا الزمان لا تقاس بالأمجاد الأبدية فمن اجتاز طريق الألم واحتمل ما تحمله المسيح حتي النهاية تكون القيامة إلي المجد الأبدي المكافأة اللانهائية. ولم تكن قيامة السيد المسيح إلا كما وعد وكما أراد فالذي أقام الموتي كان لابد أن يقوم ولابد أن يظهر نفسه حياً ببراهين كثيرة إذ ظل لمدة أربعين يوماً يعلن نفسه لمئات من الناس. والقارئ لكلمة الله يعرف أن عدد الذين شاهدوا المسيح بعد القيامة زاد علي خمسمائة مشاهد ومن هؤلاء المشاهدين من دفع حياته ثمناً لإعلان هذه الحقيقة، ولن يعرض إنسان نفسه للموت من أجل وهم أو خرافة فغالبية تلاميذه استشهدوا دفاعاً عن رسالة المسيح المقام فمنهم من قُتل بالسيف ومن أحرق بالنار ومن رُجم بالحجارة ومن سُحل في الشوارع حتي الموت. وحتي يومنا هذا لايزال المؤمنون به يشهدون عن قيامته حتي الاستشهاد ولايزال المسيح الحي يصنع المعجزات ويغير طبائع البشر من الشر والقتل والفجور إلي الحملان الوديعة الهادئة الخادمة والباذلة والمتسابقة في عمل الخير والصلاح لكل إنسان وفي أي مكان.