الأسرة هي الركيزة الأساسية في عملية التنشئة الاجتماعية وما يشهده المجتمع من تفش لحالات التعصب سواء الفكري او الطائفي أو الرياضي داخل المجتمع يجعلها في قفص الاتهام فالأسرة هي الحاضنة الأولي للطفل.. توضح د. أمل رضوان استشاري العلاقات الأسرية وخبيرة التنمية البشرية أن التعصب هو اتجاه نفسي لدي الفرد لإدراك شئ معين فكرة او مذهبا أو أي قيمة لدي الفرد من خلال إدراك إما إيجابي كمحب لشئ ما ومتعصب له أو إدراك سلبي كاره لفكرة ما أو شئ ما، وفي حالة التعصب يحدث تعطيل للعقل أو إغلاق للعقل الذي ميز الله سبحانه وتعالي به الإنسان، فالإنسان المتعصب يلغي عقله تماما ويتبع العاطفة ويتشبث برأيه بشدة دون أن يكون له أدلة من الواقع وأيضا دون مراعاة أدب الحوار او احترام الاختلاف ومن أهم الأشياء التي تؤثر في خلق فرد متعصب هو البيت والأسرة وطريقة التربية التي تربي عليها الطفل من خلال رؤيته لنموذج مباشر للتعصب مثل مشاهدة والده متعصب كالتعصب الكروي علي سبيل المثال أو من خلال التربية مثل إعطاء الأوامر دون إقناع الطفل من خلال بعض الكلمات المتعصبة مثل يجب أن تنفذ ذلك دون نقاش، فتنقل هذه التربية بشكل لا إرادي في عقل الطفل وهذا نوع من التعصب لأنها تنهاه عن أعمال عقله لذلك نجد الوالدين قد يقومان بتنمية الاتجاه العنصري والتعصب لدي أطفالهم دون إدراك ذلك وأيضا الأصدقاء لهم دورهم في تنمية هذا الاتجاه، فالفرد يكتسب منهم اتجاهاته وقيمه وسلوكه وشأن التعصب في ذلك شأن بقية الاتجاهات والمعايير لذلك يجب التعامل مع الطفل من خلال الإقناع لكي يري في والديه قدوة غير متعصبين لآرائهم ويساعده علي تدبر الأشياء والتفكير بها بالشكل الذي يدعم عقله ولا يلغيه ويغلقه. كذلك في المدرسة يجب أن يكون هناك مشاركة وحوار فلايجب أن يكون الطفل مجرد متلقٍ فقط بل يجب ان يتحاور ويتناقش ويستوعب ما يتم تلقيه من معلومات من خلال الإقناع والفهم ليس من خلال الحشو والحفظ فكل هذه الأساليب تخلق جيلا من المتعصبين دون أن ندري ،كذلك علي المجتمع ككل دور كبير في ذلك فظاهرة التعصب داخل مجتمعنا ظاهرة قديمة ولكنها تتفشي وتزداد بصورة كبيرة ويجب أن نتغلب عليها وكذلك فإن الإعلام أيضا يساهم في نشر هذه الثقافة في بعض الأحيان، فيجب أن يكون هناك موضوعية دون تعصب في الحوار كما يجب أن يكون هناك توعيه للآباء والأمهات وللأفراد جميعا كذلك تأثير الدراما الذي يدخل في اللاوعي للفرد ويبدأ بالتأثير في الأولاد في السن الصغيرة وسن المراهقة فتكون النتيجة التقليد الأعمي. وللتحرر من التعصب لابد من التعايش السلمي وتقبل الحوار والاعتراف بالخطأ وتقبل النقد من الآخرين والتعاون معهم والاستفادة مما لديهم من معارف وخبرات واحترام مشاعر الآخرين وتنشئة الأسرة علي احترام بعضهم البعض. كما يؤكد د.عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي الأسبق بالأزهر الشريف أن النبي صلي الله عليه وسلم قال »داعب ولدك سبعا، وأدبه سبعا، وعلمه سبعا، ثم اترك حبله علي غاربه» بمعني أن الأب يداعب ولده في السبع سنوات الأولي فإذا ما بدأ في السابعة من عمره وجب علي والديه أن يعلماه الأدب والأخلاق وحسن الجوار وكل فضيلة فإذا ما بلغ العاشرة من عمره فإن علي الأب والأم أن يقوما بغرس الفضائل في نفوس أولادهم والبعد عن كل الرذائل وأن يراقبا أصحابهم لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال: »المرء علي دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل » وإذا أردت ان تسأل عن انسان فسل عن صديقه فكل قرين بالمقارن يقتدي، فإذا مابلغ الولد الرابعة عشرة من عمره علي والديه ان يتخذا منه صاحبا وصديقا ويشاركاه في بعض الأمور حتي يغرسا الثقة في نفسه وأن يكون قبل ذلك قد أحسن اختيار الأم والخال، حيث قال صلي الله عليه وسلم» تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس » وعلي الأب أيضا ان يهتم بولده فلقد ذهب رجل إلي سيدنا عبد الله بن المبارك يشكو إليه عقوق ولده فقال رضي الله عنه »من أين تطعمه» فقال: »أطعمه من كسب يميني وليس لنا كسب سواه» فتعجب وقال له »هل دعوت علي ولدك» فقال »فعلت ذلك كثيرا» فقال: قم فقد أفسدته بالدعاء عليه أما سمعت قول الله تبارك وتعالي »ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا». فالولد أمانة في يد أبويه فعليهما أن يراقبا ولدهما في السر والعلن وأن يحافظا عليه من رفقاء السوء ومن أصحاب الأفكار المغلوطة وأن يكون الولد علي مرأي ومسمع من والديه فإذا وجدا فيه شيئا يدعو إلي الانحراف أو التطرف أو التعصب فليقف والداه له بالمرصاد حتي يصلحاه فإن من شب علي شئ شاب عليه وينشئ ناشئ الفتيان فينا علي ما كان عوده أبوه.